أخبار الأردن اقتصاديات دوليات برلمانيات وفيات مجتمع وظائف للأردنيين أحزاب أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مقالات مختارة جاهات واعراس مستثمرون شهادة الموقف مناسبات جامعات بنوك وشركات خليجيات مغاربيات دين اخبار خفيفة ثقافة رياضة سياحة صحة وأسرة تكنولوجيا طقس اليوم

دولة الرئيس.. أنت في وادٍ وبعض وزرائك في وادٍ آخر


محمد علي الزعبي

دولة الرئيس.. أنت في وادٍ وبعض وزرائك في وادٍ آخر

مدار الساعة ـ

دولة الرئيس،

أكتب إليك بوضوح لا يحتمل التجميل، وبصراحةٍ تمليها المسؤولية الوطنية قبل القلم، فما بين رؤيتك الواضحة التي تسعى لبناء نهجٍ إصلاحي وتحديثي يعيد ثقة المواطن بمؤسسات الدولة، وبين أداء بعض الوزراء ومن معهم من الصف الإداري الأول، مسافة تتسع كل يوم، حتى باتت الفجوة واضحة لكل من يراقب المشهد من الداخل والخارج.

نعلم أنك تعمل بعقل الدولة وبإرادة صادقة لتطوير القطاعات كافة، وأنك حريص على خلق حالةٍ من الإنجاز الحقيقي الذي يُشعر المواطن أن الحكومة تعمل لأجله لا عليه، لكن بعض من حولك ما زالوا يعيشون في زمنٍ إداري قديم، بلا رؤية ولا حسٍّ بالمسؤولية، بعض الوزراء تاهوا بين العشوائية والضعف، وبعضهم استسلم لتأثير المحيطين بهم، حتى ضاعت منهم بوصلة القرار وارتبك الأداء داخل الوزارات.

ولعل المشكلة الأعمق يا دولة الرئيس، لا تكمن فقط في أداء بعض الوزراء، بل في طبقةٍ أخرى داخل الوزارات، من بعض الأمناء العامين الذين تحوّلوا من أعمدة للتنفيذ إلى عوائق للتجديد، فبعضهم أثقل مسيرة التحديث بخوفه من التغيير، وبعضهم استراح في مكتبه حتى صار وجوده عبئًا على الإصلاح، لا رافدًا له. وقد آن الأوان لعملية غربلة شاملة تعيد الحيوية للوزارات وتضخ دماءً جديدة في مفاصل الدولة، لأن الجمود الإداري بات أعتى من الفشل السياسي.

دولة الرئيس،

إن الحكومة لا تُقاس بعدد اجتماعاتها ولا بكمّ بياناتها، بل بقدرتها على تحويل الفكرة إلى واقع، والرؤية إلى منجز. والمواطن اليوم أذكى من أن يُخدع بالشعارات؛ يرى من يعمل ومن يتقاعس، ويعرف من يملك فكر الدولة ومن يعيش في ظلال الكرسي. يرى رئيسًا يعمل بصمتٍ وجدٍّ، لكنه يرى أيضًا وزراء وأمناء عامين يثقلون خطواتك بترددهم أو عجزهم أو خضوعهم للروتين.

لقد أثبتت التجربة أن قوة الرئيس وحدها لا تكفي إن لم يُسندها فريق متناغم، وإدارة مؤمنة بالإصلاح، وقيادات تنفيذية تمتلك الجرأة في القرار. فبعض من في مواقع المسؤولية اليوم لا يملك شجاعة التغيير، ولا قدرة على التجديد، بل يختبئ خلف الشعارات والروتين، ويُفرغ التوجيهات من مضمونها، وهؤلاء، بصراحة، يشكلون عبئًا على مشروعك الإصلاحي وعلى صورة الدولة أمام مواطنيها.

دولة الرئيس،

إنك تسير بخطى ثابتة في طريق الإصلاح، لكن بعض من معك يعوقون المسير. والمرحلة المقبلة لا تحتمل التردد ولا المجاملة، بل تحتاج إلى قرارٍ جريء يُعيد الانسجام إلى جسد الحكومة، ويستبدل الترهل بالفاعلية، والوجاهة بالإنجاز.

لقد آن الأوان لإعادة تشكيل المشهد الوزاري والإداري معًا، وإجراء غربلة حقيقية تُخرج من لا يملك أدوات العمل العام، وتُبقي من يؤمن بأن المسؤولية تكليف لا تشريف، فالإصلاح لا يتحقق بوجود المترددين، ولا يُبنى الوطن بأولئك الذين يخافون من خطوة نحو التغيير.

دولة الرئيس،

خذ قرارك... فالوطن بحاجة إلى حكومة تشبهك في الصدق والنية والعمل، لا حكومةٍ يسير فيها الرئيس في وادٍ والآخرون في وادٍ آخر، التاريخ لا يرحم المترددين، والمرحلة تحتاج إلى رجال قرار، لا إلى رجال مواقع. فإما أن تتقدّم الحكومة لتواكب رؤيتك، أو تغادر لتفسح الطريق لمن يؤمن أن التحديث لا يُنجز بالكلام، بل بالفعل والإرادة.

مدار الساعة ـ