أخبار الأردن اقتصاديات دوليات برلمانيات وفيات أحزاب مجتمع وظائف للأردنيين أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مقالات مختارة مناسبات جاهات واعراس مستثمرون شهادة الموقف جامعات بنوك وشركات خليجيات مغاربيات دين رياضة اخبار خفيفة ثقافة سياحة صحة وأسرة تكنولوجيا طقس اليوم

الشراكة الأردنية الأوروبية.. استثمار استراتيجي


الدكتور خالد الشقران
رئيس تحرير جريدة الرأي

الشراكة الأردنية الأوروبية.. استثمار استراتيجي

الدكتور خالد الشقران
الدكتور خالد الشقران
رئيس تحرير جريدة الرأي
مدار الساعة (الرأي الأردنية) ـ

تشير إشادة رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، بالدور الأردني بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني، إلى تقدير دولي متزايد للمكانة الاستراتيجية للمملكة في معادلة الأمن والاستقرار الإقليمي، فالأردن بفضل سياساته المعتدلة وقدرته على بناء جسور الحوار بين مختلف الأطراف الإقليمية والدولية، أصبح شريكاً استراتيجياً أساسياً للاتحاد الأوروبي في التعامل مع التحديات المعقدة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، بدءاً من إدارة أزمات اللاجئين، مروراً بمكافحة التطرف والإرهاب، وصولاً إلى دعم عمليات التنمية المستدامة التي تسهم في تعزيز استقرار المجتمعات المحلية، حتى غدت تلك الشراكة تمثل نموذجاً فريداً للتعاون متعدد الأبعاد في المنطقة، حيث تتلاقى المصالح السياسية والأمنية والاقتصادية مع الالتزام بالقيم الإنسانية.

من منظور أمني وسياسي، يبرز الأردن كقوة توازن إقليمية قادرة على لعب دور الوسيط والضامن لاستقرار العلاقة بين الشمال والجنوب والتعاون في الملفات الحساسة، فوجود المملكة على مفترق طرق النزاعات الإقليمية، بما في ذلك قضايا فلسطين وسوريا والعراق، يضعها في موقع فريد يمكن من خلاله دعم الاستقرار الإقليمي وحماية المصالح المشتركة في المنطقة، وقد أسهمت سياسات الأردن المعتدلة والمرنة في تعزيز دوره كجهة اتصال موثوقة لدى المجتمع الدولي وبين أطراف الصراع؛ ما يجعل من الشراكة معه أداة استراتيجية للاتحاد الأوروبي في تعزيز الأمن والاستقرار على ضفتي المتوسط.

تتجسد أبعاد الشراكة أيضاً في التخطيط للقمة الأردنية الأوروبية الأولى، التي تمثل محطة تاريخية لتعزيز التنسيق السياسي المباشر بين الطرفين، حيث من المتوقع أن تؤسس القمة المرتقبة لأطر تعاون عملية تشمل تبادل الخبرات والمعلومات في المجالات الاقتصادية والتنموية والريادية، ودعم جهود مكافحة الإرهاب، وتنسيق السياسات تجاه الأزمات الإقليمية، وتعزيز القدرات الوطنية الأردنية في مواجهة التحديات الأمنية المعقدة، كما تسهم في صقل الحوار السياسي بشأن القضايا التي تهم الطرفين، بما يضمن التوازن بين الاستقرار الداخلي للدول ومصالح الأمن الإقليمي والدولي.

من الجانب الأوروبي، يمثل التعاون مع الأردن امتداداً لاستراتيجية شاملة تهدف إلى إدارة الأزمات الإقليمية بطريقة تحافظ على مصالح الاتحاد في الطاقة، والتجارة، والحدود الآمنة، مع دعم استقرار الشركاء الذين يمكنهم التخفيف من تأثير الصراعات على أوروبا نفسها، وفي المقابل، يتيح للأردن الاستفادة من الخبرات الأوروبية في مجالات الأمن، والتكنولوجيا، وحوكمة الأزمات، بما يعزز قدرته على مواجهة التحديات الداخلية والخارجية بكفاءة أعلى.

هذه الشراكة تظهر أن الأمن الإقليمي يتطلب بالإضافة إلى استناده للقوة العسكرية أو النفوذ السياسي تعاوناً متواصلاً يقوم على الثقة المتبادلة والقدرة على الحوار البنّاء، كما تؤكد أن الاستقرار المستدام يبدأ بدعم الدول التي تتمتع بالقدرة على التوازن في بيئة مضطربة، وتحويل الصراعات المحتملة إلى فرص للحوار والتنمية.

باختصار، تمثل العلاقة الأردنية الأوروبية نموذجاً للشراكة الفعالة واستثماراً استراتيجياً في أمن المتوسط والشرق الأوسط، وشراكة متعددة الأبعاد تجمع بين السياسة والاقتصاد والأمن والتنمية، وتبرز قدرة التعاون الدولي على تحويل التحديات الإقليمية إلى فرص لبناء مستقبل أكثر استقراراً وعدلاً، خاصة وأنها تعزز قدرة الأردن على لعب دوره المحوري، وتجسد رؤية الاتحاد الأوروبي في بناء شراكات ترتكز على السياسة الواقعية والقيم الإنسانية معاً، لضمان مستقبل يسوده السلام والاستقرار.

مدار الساعة (الرأي الأردنية) ـ