بين الفينة والاخرى تطل علينا الحكومات بعمل هيكلة لتحسين الأداء الإداري سبيلاً لخدمة الجمهور على أكمل وجه وتوزيع الموارد البشرية بما يتناسب مع حجم وطبيعة العمل المناط بالموظف.
وحتى لا نكون سلبيين صوب مفهوم الهيكلة فهي أداة من أدوات تجويد وتحسين بيئة العمل الإداري إن تم التعامل بصورة حسنة وموضوعية بعيدة عن الأهواء الشخصية وتصفية الحسابات ويكون الهدف الأسمى توفير الوقت والجهد والعبء المالي .والهيكلة عادة تتم كل عدة سنوات على أقل تقدير حتى يتم اختبار التجربة ودراسة النتائج المترتبة عليها أما أن تصبح وسيلة للفشل الإداري وتبرير عدم الانجاز والبقاء في مربع الصفر وهذه الطامةالكبرى بعينها كما يحدث مع بعض وزاراتنا ومؤسساتنا التي باتت حقلاً للتجارب واستنزاف المال العام من حيث جلب شركات التنفيع لإجراء الدراسات النظرية التي لا تتواءم مع بيئة العمل وتبقى نتائج الدراسة حبيسة الأدراج ويتم الاستعاضة عنها بالتركيز على الخبرات الشخصية في عمليات التحديث الإداري .والكثير ممن يحاولون عمل الهيكلة هم أنفسهم مـَن خلقوا المشكلة عبر تضخم الجهاز الإداري بتعيينات المحسوبية والواسطة وتكديس الكوادر البشرية بما يخالف الوصف الوظيفي وعندما تنمو الأزمة ويصعب التعامل مع حلول منطقية لها يلحأون إلى غطاء الهيكلة للتغطية على فشلهم الذريع في إدارة ملف المنشأة. الهيكلة الإدارية الحقة هي التي تحاول جاهدة إيجاد حلول تحفظ من خلالها الأمن الوظيفي وتراعي الحفاظ على الذراع الاجتماعي الذي يشكل الرافعة الرئيسة لأمن وإستقرار البلد ويقود إلى مزيد من تجذير مفهومي الولاء والانتماء وتعزيز الأمن الاجتماعي للمواطنين .الهيكلة في وطني أضحت أشبه بالعبث مادام أننا نؤمن بالعمل الفردي والعلاقات الشخصية كمحرك على حساب مفهوم المؤسسات وتراكمية العمل والبناء عليه فنحن بأمس الحاجة إلى هيكلة القلوب.