تدشين المستقبل الرقمي للأردن:

في لحظة فارقة تُسطّر فصلاً جديداً في مسيرة التنمية الأردنية، دشّن سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، ولي العهد، مدينة العقبة الرقمية، لا يمثل هذا الافتتاح إنجازاً محلياً فحسب، بل هو إطلاق لأول مشروع رقمي متكامل في المملكة، وأحد أضخم مراكز البيانات والبنية التحتية الرقمية في المنطقة. أكد سموّه أن المدينة نتاج "جهود وخبرات كفاءات أردنية"، لتكون هذه البوابة الرقمية في العقبة نقطة التقاء استراتيجية للتكنولوجيا والابتكار، ومركزاً إقليمياً لتعزيز الأمن السيبراني وحماية البيانات، مما يرسخ مكانة الأردن كقوة إقليمية في الاقتصاد الرقمي.

لم يكن هذا الافتتاح مجرد قص شريط لمبنى جديد، بل كان إطلاقاً لرؤية طموحة تضع الأردن على خارطة الاقتصادات الرقمية الرائدة. فـ "العقبة الرقمية" ليست مجرد مركز تكنولوجي، بل هي نموذج ريادي يُجسّد الإيمان بقدرات الكفاءات الأردنية.

ماذا تعني "العقبة الرقمية" للأردن والمنطقة؟

1. ركيزة للاقتصاد الرقمي: يُعد هذا المشروع دعامة أساسية لبناء اقتصاد رقمي مستدام، قادر على استضافة كبرى الشركات الإقليمية والدولية المتخصصة في تقديم الخدمات الرقمية ما يعزز مكانة الأردن كمركز إقليمي للتكنولوجيا والابتكار.

2. أمن سيبراني وحماية للبيانات: في عصر الهجمات السيبرانية المتزايدة، توفر المدينة بنية تحتية رقمية متقدمة لتعزيز الأمن السيبراني وحماية البيانات، وهي مسألة حيوية لاستمرار الأعمال والثقة في التعاملات الرقمية.

3. تأهيل الكفاءات الوطنية: يشتمل المشروع على مرافق تدريب متطورة مصممة خصيصاً لتأهيل وتدريب الشباب الأردني في مجالات المستقبل مثل تكنولوجيا المعلومات، الأمن السيبراني، الذكاء الاصطناعي، وتصميم الألعاب الإلكترونية وصناعة المحتوى الرقمي. هذا التركيز على (Up-skilling) يعكس إيماناً راسخاً بالاستثمار في العنصر البشري

4. نموذج للتحول المتكامل: بما أنها مشروع رقمي متكامل، ستكون العقبة نموذجاً حياً للمدن الذكية، حيث تتضافر فيها التكنولوجيا مع البيئة الاقتصادية والاجتماعية لتقديم خدمات محسّنة وفعالة.

فرص العمل: منجم الكفاءات في عصر الرقمنة:

تتجاوز "مدينة العقبة الرقمية" كونها بنية تحتية، لتصبح منجماً للفرص الوظيفية النوعية التي تستهدف الشباب الأردني. من المتوقع أن يخلق هذا المشروع طلباً هائلاً على الكفاءات في مجالات المستقبل الحيوية؛ بدءاً من إدارة مراكز البيانات والأمن السيبراني، مروراً بـ تطوير البرمجيات والذكاء الاصطناعي، وصولاً إلى صناعة المحتوى الرقمي وتصميم الألعاب الإلكترونية. علاوة على ذلك، توفر المدينة مرافق تدريب متطورة (Up-skilling) لتأهيل الكوادر الوطنية، مما يحوّلها إلى محرك أساسي لتصدير الخدمات الرقمية والكفاءات البشرية المدربة إقليمياً وعالمياً.

رؤية متكاملة لـ "الأردن الرقمي":

تُمثل "مدينة العقبة الرقمية" أكثر من مجرد مشروع؛ إنها تجسيد لرؤية ملكية وشبابية طموحة تهدف إلى تسريع التحول الرقمي الشامل. هذا المشروع المتكامل، الذي يجمع بين التكنولوجيا المتقدمة وتأهيل العنصر البشري، سيساهم في خلق بيئة استثمارية جاذبة تتيح للشركات الإقليمية والعالمية التمركز في الأردن. وبذلك، تؤكد العقبة مكانتها كنموذج للمدن الذكية، وتفتح آفاقاً اقتصادية واسعة تضمن مستقبلاً مشرقاً يقوم على المعرفة والابتكار للأجيال القادمة.

افتتاح سمو ولي العهد لـ "مدينة العقبة الرقمية" هو تأكيد على أن الأردن عازم على المضي قُدماً في مسيرة التحديث والرقمنة، مُستخدماً موقعه الاستراتيجي وقدرات شبابه ليصبح نقطة التقاء للبيانات والابتكار في الشرق الأوسط. إنها صفحة جديدة في سجل الإنجازات الوطنية، تُكتب بحبر تكنولوجيا المستقبل.