أخبار الأردن اقتصاديات دوليات برلمانيات وفيات مجتمع وظائف للأردنيين أحزاب أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مقالات مختارة جاهات واعراس مستثمرون شهادة الموقف مناسبات جامعات بنوك وشركات خليجيات مغاربيات دين اخبار خفيفة ثقافة رياضة سياحة صحة وأسرة تكنولوجيا طقس اليوم

خميس تكتب: إبراهيم نصر الله.. حكايات تضيء طريقه نحو التميّز


تمارا خميس

خميس تكتب: إبراهيم نصر الله.. حكايات تضيء طريقه نحو التميّز

مدار الساعة ـ
خميس تكتب: إبراهيم نصر الله.. حكايات

إن قرأت له، أو قررت أن تقرأ له،فادخل إلى الكتاب كأنك تدخل بيتا يحتويك، بيت خاض رحلة طويلة من الغربة، من الصبر والحب، ليقول: “ما زلت هنا ولست عبثا".

بنقول كل كاتب يولد مرة واحدة حين يكتب، إلا إبراهيم نصر الله، فهو يولد مع كل كلمة تجعل الغياب مكانا يمكننا السكن فيه. ابن المخيم الذي حول الخيمة إلى مكتبة، والحنين إلى لغة.كأنه أدرك أن الكتابة تنقذ أكثر مما تدين، وأن الأدب الحقيقي ليس شهادة وفاة، بل محاولة متجددة للانبعاث.

ها قد فاز بجائزة نيوستاد الدولية للأدب، التي تلقب (نوبل أمريكا) وهذا الفوز ليس مجرد خبر أدبي، بل لحظة إنسانية تمس القلب. فالجائزة التي لا تمنح إلا لمن يوسعون حدود الأدب العالمي، كأنها اعتراف ان الحكاية الفلسطينية لم تمت، ما دام هناك من يكتبها بهذا الصدق وهذا الجمال، عن روايته «زمن الخيول البيضاء» تلك الرواية التي لا تقرأ بل تُعاش جاء التتويج، ( وللصدفة كانت هذه الرواية الاولى التي اقرأها له) رواية تسكن التاريخ والذاكرة، وتعيد الحياة لأرض ما زالت تحلم بالفرس والحرية والكرامة فصار كل قارئ يرى نفسه فيها، ويرى وطنه كما لم يره من قبل..ومع قراءة كل عمل جديد اشعر انني أستعيد شيئا ضاع مني يشبه الطفولة والحنين والمكان الأول، ذاكرة عائلية، ظل من الماضي يمشي إلى جوار الحاضر.

اما عن مشروع العمر الادبي( الملحمة او الملهاة الفلسطينية) يكتب فيها عن فلسطين عبر أزمنة مختلفة، من الاحتلال العثماني إلى اليوم، لا ليؤرخ الأحداث، بل ليكتب الناس، تفاصيلهم، أحلامهم، وما تبقى في أصواتهم من حياة.

أدبه مزيج من الحكاية والرمز حيث يجعل القارئ يرى فلسطين لا كجغرافيا فقط، بل كحالة إنسانية عميقة تسكن القلب، وما يميزه أنه لا يكتب كضحية، بل كإنسان ما زال يحب رغم الخسارة، فتشعر انك قادر على النهوض مجددا..

فإبراهيم لا يكتب من برج عاجي، بل من قلب يعرف التعب، ويؤمن بأن الحرف يمكن أن يضمد. شخصيات رواياته تشبه الناس الذين نحبهم جميعا فيها تعب الأم وصبر الجد/ة، وضحك الطفل رغم الخوف، يكتب بعين العاشق الذي يؤمن أن الأرض امرأة، وأنها تستحق من يكتب عنها لا كخبر عابر، بل كنبض دائم.

نحتفل اليوم بفوزه العالمي، كأننا نحتفل بأنفسنا، بجذر ما زال صامدا رغم العواصف، وبكلمة ما زالت تعرف طريقها إلى القلب مهما طال الغياب..

مدار الساعة ـ