أخبار الأردن اقتصاديات دوليات برلمانيات وفيات أحزاب مجتمع وظائف للأردنيين مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات الموقف مناسبات جاهات واعراس مستثمرون شهادة جامعات بنوك وشركات خليجيات مغاربيات دين ثقافة رياضة اخبار خفيفة سياحة صحة وأسرة تكنولوجيا طقس اليوم

البستنجي يكتب: تطوير مهارات القرن الحادي والعشرين: تجهيز الطلاب لمستقبلٍ متغيّر


إياد يوسف البستنجي

البستنجي يكتب: تطوير مهارات القرن الحادي والعشرين: تجهيز الطلاب لمستقبلٍ متغيّر

مدار الساعة ـ

سلسلة مقالات بداية العام الدراسي الجديد

المرحلة الثالثة: التمكين المعرفي والمهاري للمتعلمين.

✳ المقال الرابع:

تطوير مهارات القرن الحادي والعشرين: تجهيز الطلاب لمستقبلٍ متغيّر.

في عالمٍ سريع التغيّر، لم يعد التعليم يقتصر على نقل المعلومات، بل أصبح بوابة لتكوين العقول القادرة على التفكير النقدي، والإبداع، والتكيّف مع المستقبل.

فمهارات القرن الحادي والعشرين لم تعد مهاراتٍ إضافية، بل أصبحت جوهر التعلّم الحديث الذي يربط المعرفة بالفعل، والفكرة بالتطبيق، والتقنية بالقيم.

وحين يتحوّل الصف إلى بيئةٍ ديناميكيةٍ تحفّز على الاكتشاف، والتجريب، والإنتاج، والمسؤولية، يصبح الطالب مشاركًا فاعلًا في بناء مستقبله، لا متلقيًا سلبيًا لمعارف عابرة.

إنّ بناء مهارات المستقبل يعني بناء الإنسان القادر على التفكير بذكاءٍ والعمل بأخلاق.

⿡ مهارات القرن الحادي والعشرين الأساسية.

تُشكّل المهارات الأساسية لنجاح المتعلمين في هذا القرن ما يُعرف بالـ 4C’s:

التفكير النقدي (Critical Thinking)، الإبداع (Creativity)، التواصل (Communication)، والتعاون (Collaboration)، إلى جانب المهارات الرقمية المتقدمة والقيم الأخلاقية.

فالتفكير النقدي وحلّ المشكلات يعني القدرة على تحليل المعلومات واتخاذ قراراتٍ مدروسة ومسؤولة.

أما الإبداع والابتكار فيتمثّلان في توليد أفكارٍ جديدةٍ وحلولٍ أصيلةٍ للتحديات المعاصرة.

ويبرز التعاون والعمل الجماعي كأداةٍ لإنتاج المعرفة وبنائها ضمن فرقٍ متنوعة تتقاسم الأدوار وتكمل بعضها بعضًا.

ويُضاف إلى ذلك التواصل الفعّال الذي يمكّن الطالب من التعبير الواضح عن أفكاره، والإصغاء النشط، والقدرة على التفاوض والإقناع.

كما تشكّل المهارات الرقمية المتقدمة محورًا أساسيًا في هذا الإطار، وتشمل إنتاج المحتوى الرقمي، والتعامل مع البيانات، وتوظيف التقنية بذكاءٍ لخدمة الأهداف التعليمية.

ولا تكتمل هذه المهارات دون المسؤولية الأخلاقية والمواطنة الرقمية التي تضمن استخدام التكنولوجيا بوعيٍ واحترامٍ ومشاركةٍ إيجابيةٍ في بناء محتوى نافع يخدم المجتمع.

⿢ استراتيجيات صفّية لتطوير المهارات.

أ. المشاريع متعددة التخصصات:

تسهم في دمج المواد الدراسية المختلفة لتوسيع أفق الطالب وربط المعرفة بالواقع.

▫ مثال: مشروع يجمع بين الرياضيات والعلوم والتكنولوجيا لإيجاد حلّ بيئي محلي مبتكر، كما حدث في إحدى مدارس العقبة عندما صمّم الطلاب نموذجًا لمعالجة مياه الريّ باستخدام الطاقة الشمسية.

ب. التعلّم القائم على التحدي:

يحوّل التعلّم إلى تجربةٍ تحفّز التنافس الإيجابي والابتكار.

▫ مثال: تحدٍ أسبوعي لتصميم نموذج ابتكاري لحلّ مشكلة حياتية — كابتكار وسيلة لتقليل استهلاك الورق في المدرسة.

ج. الأنشطة التعاونية:

تُنمّي روح العمل الجماعي من خلال فرقٍ صغيرة تتقاسم الأدوار والمسؤوليات وفق أهدافٍ مشتركة.

▫ مثال: تقسيم الفريق إلى باحثين، ومصمّمين، ومقيّمين لتكامل الجهود وتحقيق إنتاجٍ جماعي متقن.

د. التعلّم الرقمي المتقدّم:

يركّز على توظيف التقنية لإنتاج المعرفة لا لاستهلاكها فقط، باستخدام أدواتٍ مثل Canva، Scratch، Tinkercad، وGoogle Workspace.

هـ. التغذية الراجعة المستمرة:

تُعدّ عملية تقييمٍ تكويني تهدف إلى دعم النمو التدريجي للطالب، لا الحكم على أدائه النهائي.

▫وسائل: استبيانات قصيرة، ملفات إنجاز رقمية، وجلسات مراجعة تأملية أسبوعية.

⿣ أثر تطوير مهارات القرن الحادي والعشرين على المتعلمين.

يسهم هذا التوجه في:

تعزيز الاستقلالية والتفكير الذاتي.

تنمية الدافعية الداخلية نحو التعلّم المستمر.

بناء عقلٍ مبتكرٍ قادرٍ على التعامل مع المشكلات الواقعية بمرونة.

غرس روح التعاون والمسؤولية الجماعية.

تعميق الوعي بالأثر الأخلاقي للتقنية واستخدامها في الخير وخدمة المجتمع.

⿤ دور المعلم في بناء مهارات المستقبل.

يظهر المعلم هنا بوصفه موجّهًا وملهمًا، يقدّم التحديات المناسبة ويقود الطلاب نحو الاكتشاف الذاتي.

وهو مصمّم تجارب تعلمية تربط المفاهيم النظرية بتطبيقات واقعية ذات معنى، ومقيّم بنّاء يستخدم التغذية الراجعة كأداة تطوير لا كحكمٍ نهائي.

كما أنه قدوة حية يجسّد مهارات القرن الحادي والعشرين في تفكيره وتعامله، ليصبح نموذجًا يُحتذى به.

ويؤدي كذلك دور الراعي للقيم الرقمية، موجّهًا الطلاب نحو الاستخدام الأخلاقي والمسؤول للتكنولوجيا.

⿥ تطبيق أسبوعي عملي لتطوير المهارات

يمكن للمعلم تحويل الأسبوع الدراسي إلى مسارٍ متكاملٍ لتطوير المهارات عبر تنويع الأنشطة اليومية على النحو الآتي:

في بداية الأسبوع (الأحد)، ينطلق الطلاب في مشروعٍ متعدد التخصصات يهدف إلى تنمية مهارات التفكير النقدي وحلّ المشكلات.

وفي اليوم التالي (الإثنين)، يُخصّص الوقت لتنفيذ تحدٍ ابتكاري يعزز الإبداع والتجريب.

أما يوم الثلاثاء فيُركّز على العمل الجماعي الذي ينمّي مهارات التعاون والتواصل البنّاء.

وفي الأربعاء يُوجّه الطلاب إلى إنتاج رقمي يوظّف أدوات التقنية في بناء معرفةٍ رقميةٍ متقدمة.

ثم يأتي يوم الخميس ليُختتم بـ جلسة تقييمٍ وتأملٍ تربويّة يراجع فيها الطلاب تجاربهم، ويتلقّون تغذيةً راجعة، ويخططون لأسبوعهم القادم.

▫ ملاحظة تربوية: إنّ هذا التنويع الأسبوعي ليس هدفًا في ذاته، بل وسيلة لغرس عادات التعلّم المستقل، والتفكير المتجدد، والمسؤولية المشتركة بين الطالب والمعلم.

▫ أداة مقترحة للمعلمين: استخدام جدول تتبّع أسبوعي عبر Google Sheet أو ملف إنجاز رقمي لقياس تطوّر مهارات الطلاب في كل مجال.

? إنّ تطوير مهارات القرن الحادي والعشرين يجعل التعلّم تجربة حيّة تنبض بالإبداع والفكر النقدي، ويحوّل المدرسة إلى ورشة بناءٍ للعقل والوجدان معًا.

فالمعلم الذي يستثمر في هذه المهارات لا يقدّم دروسًا فحسب، بل يصنع أجيالًا قادرة على الإبداع، والتعاون، والقيادة الواعية، والمواطنة الأخلاقية في عالمٍ متغيّر.

▫القاعدة الذهبية:

"المعلم الذي يُنمّي مهارات القرن الحادي والعشرين في صفّه، يبني جيلًا مستعدًا لمواجهة المستقبل بثقة، وإبداع، ومسؤولية."

مدار الساعة ـ