أخبار الأردن اقتصاديات دوليات وفيات برلمانيات وظائف للأردنيين أحزاب مجتمع أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مقالات مختارة جاهات واعراس مستثمرون شهادة الموقف مناسبات جامعات بنوك وشركات خليجيات مغاربيات دين اخبار خفيفة ثقافة رياضة سياحة صحة وأسرة تكنولوجيا طقس اليوم

الحلواني تكتب: بين النص والممارسة.. هل 'التزكية' في انتخابات مجلس النواب دستورية؟


الدكتورة المحامية ثروت الحلواني

الحلواني تكتب: بين النص والممارسة.. هل 'التزكية' في انتخابات مجلس النواب دستورية؟

مدار الساعة ـ

أعاد الجدل حول ما يسمى بـ«التزكية» في انتخابات رئاسة مجلس النواب السؤال إلى الواجهة حول مدى انسجام هذه الممارسة مع أحكام الدستور والنظام الداخلي للمجلس.

من حيث النص النظامي، لا يرد في النظام الداخلي لمجلس النواب الأردني أي نص يُجيز إعلان فوز مرشح «بالتزكية». فالمواد (10) و(14) و(16) من النظام الداخلي تنص بوضوح على أن انتخاب الرئيس وأعضاء المكتب الدائم يتم عن طريق الاقتراع الورقي السري، وبالأكثرية المطلقة أو النسبية بحسب عدد المرشحين. أي أن إرادة المشرّع النظامي كانت متجهة نحو ضرورة وجود إجراء انتخابي فعلي، لا مجرد إعلان أو اتفاق مسبق.

لكن من حيث التطبيق العملي والسياسي، درجت العادة في بعض الدورات على الاكتفاء بإعلان فوز المرشح الوحيد دون إجراء اقتراع فعلي، تحت عنوان «التزكية». وهذه الممارسة وإن بدت منطقية في حال غياب المنافسة، إلا أنها تفتقر إلى السند الدستوري والنظامي.

فمن منظور دستوري بحت، الانتخاب هو أحد أهم مظاهر ممارسة السلطة داخل المؤسسات التمثيلية، ويُفترض أن يتم وفق إجراءات محددة تكفل الشفافية والمشروعية. تجاوز مرحلة الاقتراع – حتى لو شكلياً – يُفرغ العملية الانتخابية من مضمونها الديمقراطي، ويُحولها إلى مجرد إعلان سياسي. كما أن المادة (84) من الدستور، حين تحدثت عن القرارات التي يتخذها المجلس، اشترطت أن تكون عبر التصويت، ما يعني أن الاقتراع شرط جوهري في كل انتخاب أو قرار يصدر عن المجلس.

أما من زاوية المشروعية الشكلية، فإن أي إعلان للفوز دون عملية اقتراع ورقي يُعدّ مخالفة للنظام الداخلي الذي له قوة القانون التنظيمي في مواجهة أعضاء المجلس. والالتزام بهذه الإجراءات لا يُعدّ شكلياً فحسب، بل هو ضمانة للشرعية البرلمانية التي تميّز النظام الديمقراطي.

بناءً عليه، فإن ما يُسمّى «التزكية» لا يُمكن وصفه بالانتخاب وفق المفهوم الدستوري، بل هو اتفاق سياسي أو عرف برلماني لا يرتقي إلى مرتبة النص. وحتى في حال وجود مرشح وحيد، يبقى واجباً إجراء الاقتراع الورقي الشكلي لإضفاء المشروعية القانونية على النتيجة.

وحيث ان التزكية ليست مفهوماً دستورياً ولا نظامياً، بل توصيف سياسي لواقع غياب المنافسة. أما من حيث المشروعية، فإن الفوز لا يُعلن إلا بعد اقتراع رسمي – ولو شكلي – لأن الانتخاب في الدستور الأردني فعل إرادي، لا إعلان اتفاقي.

مدار الساعة ـ