أخبار الأردن اقتصاديات دوليات وفيات برلمانيات أحزاب مجتمع وظائف للأردنيين أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مقالات مختارة مستثمرون شهادة الموقف مناسبات جاهات واعراس جامعات بنوك وشركات خليجيات مغاربيات دين اخبار خفيفة ثقافة رياضة سياحة صحة وأسرة تكنولوجيا طقس اليوم

أبو نقطة يكتب: خطاب العرش.. خارطة طريق للتحديث الشامل وبناء المستقبل


عبد الرحمن ابو نقطة
باحث في المجلس الاقتصادي والاجتماعي الأردني.

أبو نقطة يكتب: خطاب العرش.. خارطة طريق للتحديث الشامل وبناء المستقبل

عبد الرحمن ابو نقطة
عبد الرحمن ابو نقطة
باحث في المجلس الاقتصادي والاجتماعي الأردني.
مدار الساعة ـ

يمثّل خطاب العرش السامي في افتتاح الدورة الجديدة لمجلس الأمة الأردني وثيقة تاريخية تحدد مسار الدولة وتضع حجر الأساس للمرحلة المقبلة، فهو لا يعد استعراضاً للإنجازات، بل هو خارطة طريق متكاملة ترتكز على محاور التحديث الثلاثة: السياسي والاقتصادي والإداري. لقد جاء الخطاب ليؤكد التزام القيادة الهاشمية ببناء مستقبل مزدهر للأردنيين، من خلال عملية إصلاحية عميقة وشاملة لا تحتمل التردد، مُشدداً على أن المسيرة الوطنية تسير بخطوات ثابتة نحو الأمام رغم التقلبات الإقليمية والدولية.

التحديث السياسي: تأسيس لبرلمانات المستقبل

وضع الخطاب التحديث السياسي في صدارة الأولويات، مُعتبراً مجلس الأمة الحالي نقطة انطلاق جوهرية نحو مرحلة جديدة من العمل البرلماني الفاعل. ركزت الرسالة الملكية على ضرورة ترسيخ مفهوم العمل الحزبي البرامجي، بحيث يكون التنافس داخل القبة البرلمانية قائماً على الأفكار والبرامج الوطنية القابلة للتطبيق، وليس على المصالح الفئوية أو الجهوية. كما حمّل الخطاب أعضاء المجلس مسؤولية تاريخية في إقرار ومناقشة التشريعات الضرورية لتعزيز الحياة الحزبية، بما يضمن توسيع مشاركة الشباب والمرأة، والارتقاء بنوعية الممارسة الديمقراطية بما يتناسب مع طموحات الدولة الحديثة.

التنمية الاقتصادية والإدارية: الإنسان أولاً

لتحقيق الأهداف السياسية، ربط الخطاب بينها وبين ضرورات التنمية، مؤكداً أن الإنسان الأردني هو الثروة الحقيقية والغاية من أي عملية تنموية. أكد جلالة الملك على ضرورة المضي قدماً في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي الهادفة إلى إطلاق إمكانات الاقتصاد الوطني، ورفع معدلات النمو، ومعالجة التحديين الأبرزين: الفقر والبطالة. وبالتوازي مع ذلك، دعا الخطاب إلى تسريع وتيرة تحديث القطاع العام لضمان بناء إدارة كفؤة، عادلة ونزيهة، قادرة على تقديم خدمات نوعية للمواطنين، وهو ركن أساسي لتعزيز الثقة في مؤسسات الدولة وتحقيق العدالة الاجتماعية.

ثوابت الهوية والموقف الإقليمي الراسخ

لم يغفل خطاب العرش عن الثوابت الوطنية والقومية، حيث أكد على الهوية الأردنية الراسخة التي تستند إلى الإرث الهاشمي والانتماء العربي والإنساني. وجدد الخطاب التأكيد الحاسم على الموقف الأردني الصلب تجاه القضايا الإقليمية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية والقدس الشريف. وشدد جلالته على أن الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية هي أولوية لن يحيد عنها الأردن، وأن مستقبل المملكة لن يكون خاضعاً لسياسات لا تلبي مصالحها أو تخرج عن مبادئها، ما يمثل رسالة قوة واضحة للمجتمع الدولي بأن الأردن سيبقى سنداً للأشقاء والمدافع عن الحقوق المشروعة.

تكليف بالعمل وبناء الثقة

في الختام، يمثل خطاب العرش السامي خارطة طريق شاملة تُحدد الإطار العام لعمل السلطات الثلاث، وهو بمثابة تكليف وطني يتطلب تعاوناً وتكاملاً بين الحكومة ومجلس الأمة. إنه دعوة للجميع للعمل بروح الفريق الواحد، لترجمة هذه الرؤى إلى واقع ملموس، والحفاظ على منعة الأردن واستقراره، ليظل وطناً قوياً ومزدهراً، يستمد عزيمته من وحدته وثقة أبنائه بقدرتهم على بناء المستقبل.

مدار الساعة ـ