أخبار الأردن اقتصاديات دوليات برلمانيات وفيات أحزاب مجتمع وظائف للأردنيين تبليغات قضائية مقالات مقالات مختارة أسرار ومجالس الموقف مناسبات جاهات واعراس مستثمرون شهادة جامعات مغاربيات دين بنوك وشركات خليجيات اخبار خفيفة ثقافة رياضة سياحة صحة وأسرة تكنولوجيا طقس اليوم

تفكيك سردية الحكومة حول الدين العام بين التبرير الإحصائي والحقيقة الاقتصادية بلغة الحراث الأردني


د. مصطفى التل

تفكيك سردية الحكومة حول الدين العام بين التبرير الإحصائي والحقيقة الاقتصادية بلغة الحراث الأردني

مدار الساعة ـ
تفكيك سردية الحكومة حول الدين العام

نشرت وكالة الأنباء الأردنية في تاريخ 26/10/2025 , تقريرا عزته الى مصدر مسؤول في الحكومة الأردنية , تبرر فيه سبب زيادة الدين العام في مواجهة انتقادات تزايد الدين، تقدم الحكومة سردية تشبه تماماً رب أسرة يطلب قروضاً جديدة لسد ديون قديمة، بينما يشرح لأبنائه أن "الأمر تحت السيطرة" ,لكن الحقيقة التي تختبئ خلف الأرقام الرسمية تروي قصة مختلفة تماماً من عدة محاور :

- المحور الأول: عندما تتحول الفوائد إلى "دين غير حقيقي"!

التبرير الرسمي: "58% من ارتفاع الدين (1.5 مليار دينار) تمثل مدفوعات فوائد على الدين العام"

الواقع بلغة الحرّاث الأردني يشبه بالضبط موظفاً يتقاضى راتب 500 دينار، لكنه يدفع 300 دينار شهرياً كفوائد على قروضه القديمة، ثم يقول لعائلته: "أنفقنا فقط 200 دينار هذا الشهر" متجاهلاً أن الفوائد هي جزء حقيقي من المصروف!

المشكلة الحقيقية هي أن الحكومة تتعامل مع الفوائد كشيء منفصل عن الدين، بينما هي في الواقع الثمن الذي ندفعه مقابل الديون (الربا)، إنها تشبه مَن يخبئ فواتير الكهرباء والماء تحت السجادة ويقول: "هذه مصروفات غير أساسية"!

- المحور الثاني: دوامة الاقتراض.. حلول وهمية لمشاكل حقيقية:

التبرير الرسمي: "الحصول على قروض ميسرة بفائدة منخفضة لتسديد سندات دولية مستحقة"

الواقع بلغة ذلك الحراث يشبه صاحب دكان في الحارة يستلف من الجار الأول لسد دينه عند الجار الثاني، ثم يستلف من الجار الثالث لسد دينه عند الجار الأول, فهو يدور في حلقة مفرغة بين الدائنين، بينما المشكلة الأساسية - قلة المبيعات - تتفاقم!

المشكلة الحقيقية هنا هي بدلاً من معالجة سبب العجز - وهو البطء في النمو وتراجع الإنتاج - نلجأ لحلول ترقيعيه تشبه مَن يحاول سد ثقب في سفينة بورق لاصق!

- المحور الثالث: وعود مستقبلية.. بين الخيال والواقع

الوعد الرسمي: "خفض الدين إلى 80% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2028"

الواقع بلغة الحراث يشبه طالباً يقول لأهله: "سأحصل على 95% في الامتحان النهائي" بينما علاماته الحالية 60%، ولا يدرس ولا يجتهد بل يزيد من ساعات اللعب!

المشكلة الحقيقية هنا هي كيف نطمئن لوعود الخفض المستقبلي والحكومة توافق اليوم على عجز 2.3 مليار دينار لعام 2025؟! إنها تشبه مَن يعدك ببناء قصر، بينما لا يملك حتى ثمن الطوب!

- المحور الرابع: نجاحات وهمية.. تضخيم التوفير وإغفال الخسائر

التباهي الرسمي: "توفير 40 مليون دولار من خفض كلفة خدمة الدين"

الواقع بلغة ذلك الحراث يشبه صاحب مزرعة يفتخر بأنه وفر 10 دنانير على علف الدجاج، بينما الحيوانات البرية تعيث في مزرعته فساداً و تأكل من محاصيله بقيمة 100 دينار يومياً!

المشكلة الحقيقية هنا هي أن التوفير في الفواتير الصغيرة لا يحل مشكلة المصاريف الكبيرة, فالتوفير 40 مليون دولار أمام دين 46.8 مليار دينار يشبه مَن يطفئ شمعة بينما النار تحرق البيت!

المحور الخامس: الصورة الناقصة.. ما لا تذكره البيانات الرسمية

التباهي الرسمي: "نمو السياحة 7.5% ونمو الصادرات 8%"

الواقع بلغة الحرّاث البسيط يشبه تاجر يحدثك عن أرباحه اليومية، لكنه يخبئ عنك:

• ديون الموردين المتزايدة

• أقساط المحل المتأخرة

• مصروفات العمال المتراكمة

المشكلة الحقيقية هنا أن الحكومة تختار ما تظهره من أرقام كالتاجر الذكي الذي يريك واجهة المحل الجميلة ويخبئ عنك المخزن الفارغ! فهي لا تذكر أن:

• سعر كيلو البندورة في السوق أصبح يساوي ساعة عمل

• شاباً من كل ثلاثة عاطل عن العمل

• القطاع الخاص تخنقه الضرائب والرسوم

في النهاية مَن يدفع الثمن ؟!

الحكومة تتصرف كرب أسرة يعيش في بيت آيل للسقوط، لكنه يواصل الاقتراض لطلاء الجدران وشراء التحف! النتيجة المحتومة سينهار البيت على رؤوس الجميع.

المواطن العاقل هو الذي:

• ينظر إلى جيبه الخاوي قبل بيانات النمو

• يحسب سلة مشتريته قبل نسب السياحة

• يفكر في مستقبل أبنائه قبل وعود المسؤولين

فالأزمات لا تحل بالكلام المعسول، بل بالشجاعة في مواجهة الحقائق، والإرادة في معالجة الجذور، والصراحة في عرض الأرقام , فما فائدة نمو الاقتصاد إذا كان المواطن لا يجد عملاً ولا يقدر على توفير لقمة العيش؟!

  • جعفر حسان
    جعفر حسان
مدار الساعة ـ