مدار الساعة - كتب اياد الجغبير - في الوقت الذي احتاج فيه مجلس النواب الأميركي إلى خمسة عشر جولة تصويت متواصلة لاختيار رئيسه العام الماضي بعد مفاوضات ومساومات علنية وسرية خاصة داخل الحزب الجمهوري يحسم مجلس النواب الأردني رئاسته خلال دقائق معدودة بالتزكية للنائب مازن القاضي دون مناقشات سياسية أو برامجية أو تصورات متنافسة لدور الرئاسة في المرحلة المقبلة .
هذا الفارق بعيدا عن شخص الرئيس الجديد لا يتعلق فقط بسرعة الحسم بل بطبيعة الثقافة السياسية .في واشنطن تعد المعركة على رئاسة مجلس النواب اختبارا لقوة الأحزاب واتجاهاتها وميدانا لاظهار قدرتها على التفاوض وإنتاج قيادات جديدة تعبّر عن إرادة الكتل.أما في عمّان فالتزكية لم تأتِ نتيجة قوة مرشح بقدر ما جاءت انعكاسا لضعف المشهد الحزبي وعجز الكتل عن بلورة موقف سياسي واحد أو حتى التنافس الرمزي على موقع يفترض انه محور الأداء التشريعي والرقابي.اختيار الرئيس بالتزكية رغم ما يوحي به من “استقرار” يعني في الحقيقة أن الحياة النيابية فقدت مظهر التعدد والتنافس.لانه تم التوافق دون مرواغات ودون تفاهمات واضحة حول رئاسة اللجان أو حول شكل الانتخابات القادمة في حال استمرار مجلس النواب وبالتالي بدت العملية وكأنها امر إداري اكثر منها حدثا سياسيا الأخطر أن هذا “التراضي السريع” يُخفي عجزا مؤسسيا لدى الأحزاب والكتل عن تحويل المجلس إلى ساحة نقاش وطني حقيقي.فغياب الحوار حول الرئاسة يعني تغيب النقاش حول الأولويات ويتحوّل البرلمان إلى ما يشبه الهيئة تدير الوقت بدل أن تدير الدولة.ربما يرى البعض أن التزكية اختصرت الوقت لكنها أيضا اختصرت المعنى الديمقراطي.ففي مقابل “الفوضى المنظمة” التي شهدها مجلس النواب الأميركي اختار البرلمان الأردني “الهدوء المريح” الذي يُقصي السياسة من قاعته ويمنح الكتل فرصة الراحة بدل المسؤوليةفوضى الكونغرس الأمريكي وهدوء البرلمان الأردني
مدار الساعة ـ











