أخبار الأردن اقتصاديات دوليات وفيات برلمانيات أحزاب مجتمع وظائف للأردنيين تبليغات قضائية مقالات مقالات مختارة أسرار ومجالس الموقف مناسبات جاهات واعراس مستثمرون شهادة جامعات خليجيات مغاربيات دين بنوك وشركات اخبار خفيفة ثقافة رياضة سياحة صحة وأسرة تكنولوجيا طقس اليوم

الماضي يكتب: قراءة دستورية لخطاب جلالة الملك في افتتاح الدورة العادية الثانية لمجلس الأمة


الدكتور مشعل الماضي
كلية الحقوق - الجامعة الأردنية

الماضي يكتب: قراءة دستورية لخطاب جلالة الملك في افتتاح الدورة العادية الثانية لمجلس الأمة

الدكتور مشعل الماضي
الدكتور مشعل الماضي
كلية الحقوق - الجامعة الأردنية
مدار الساعة ـ

استهل جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين يوم الأمس الأحد الموافق 26 تشرين الأول 2025 أعمال الدورة العادية الثانية لمجلس الأمة العشرين بخطاب عرش سامٍ، لم يكن مجرد افتتاح بروتوكولي، بل تجسيد حيّ لروح النظام النيابي‑البرلماني الملكي الذي يقوم عليه الدستور الأردني. فهو خطاب يؤكد على التوازن بين السلطات، ويعيد تأكيد دور الملكية الدستورية، ويبرز التزام الدولة الأردنية بالهوية العربية والمصالح الوطنية العليا، في إطار الشرعية الدستورية الحديثةوكما يلي:

- الملكية الدستورية: صمام استقرار الدولة

يُجسّد الخطاب الملكي المفهوم الراسخ للملكية الدستورية، التي تجعل من الملك رأس الدولة وضميرها الحيّ، بما يعكس روح الدستور الأردني الذي يضمن استمرار الدولة فوق تقلبات السياسة العابرة. فالملك، وفق المادة (30) من الدستور، هو رأس الدولة، ورمز الوحدة الوطنية، ومرجعية الثبات المؤسسي، وليس مجرد سلطة تنفيذية صرفة. هذا التوازن يعكس الحكمة الدستورية في الجمع بين الاستقرار الملكي والفاعلية النيابية، ويضمن للدولة استمراريتها ونضجها الديمقراطي.

- الفصل المرن بين السلطات: رقابة وتعاون متبادلان

جاء الخطاب ليؤكد معنى الفصل المرن بين السلطات، القائم على التعاون والرقابة المتبادلة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية بما يحقق التوازن بينهما، مع الحفاظ على استقلال السلطة القضائية. فقد شدد جلالة الملك على ضرورة استمرار التنسيق بين الحكومة ومجلس الأمة، لضمان فاعلية الأداء العام، وتحقيق الصالح العام، بما ينسجم مع فلسفة الدستور الأردني الذي يوازن بين السلطة التنفيذية والنيابية دون تقليص لأي منهما، ويترك للقضاء دوره المستقل كضمانة لحقوق المواطنين وسيادة القانون.

- المجلس النيابي: تشريع ورقابة ومسؤولية وطنية

خطاب العرش أكّد على أهمية قيام مجلس الأمة بدوره التشريعي والرقابي بكل حيادية وموضوعية، بما يعكس جوهر النظام النيابي‑البرلماني، الذي يجعل الحكومة مسؤولة أمام البرلمان، ويضع على عاتق النواب واجب المساءلة والمتابعة الدقيقة لأداء السلطة التنفيذية. وجاءت الدعوة الملكية لترسيخ العمل البرامجي والنقاشات المؤسسية لتجعل من البرلمان منبرًا للتنافس على البرامج والأفكار، لا مجرد منصّة تصويت.

- التحديث الشامل: نهج ملكي في إطار الدستور

تجلى في الخطاب تأكيد جلالته على أهمية التحديث السياسي والإداري والاقتصادي والاجتماعي، في إطار الشرعية الدستورية. فالإصلاحات ليست مجرد قرارات إدارية، بل جزء من رؤية وطنية متكاملة، تربط بين الأداء النيابي الفاعل، والحوكمة الرشيدة، وتحديث القطاع العام، بما يحقق الارتقاء بمستوى حياة المواطن ويعزز الثقة بالمؤسسات.

- الهوية العربية والانتماء القومي: امتداد دستوري

ولم يغفل الخطاب عن البُعد القومي، مؤكدًا التزام الأردن الثابت بالقضية الفلسطينية، ودعم الأشقاء في غزة، مستندًا في ذلك إلى المادة (1) من الدستور التي تنص على أن «المملكة الأردنية الهاشمية دولة عربية مستقلة ذات سيادة، والشعب الأردني جزء من الأمة العربية». فالاهتمام بالقضايا العربية ليس خيارًا سياسيًا عابرًا، بل واجب دستوري يعكس هوية الدولة وانتماءها القومي، وتجسيدًا لمكانة الملك كحامي للقضايا الوطنية والعربية على حد سواء.

- وأخيراً نستطيع القول أن خطاب العرش لم يكن مجرد خطاب بروتوكولي، بل شكل وثيقة دستورية وسياسية رصينة، تؤكد التزام الأردن بالنظام النيابي‑البرلماني الملكي، وتعزز التوازن بين السلطات، وتثبت استقلال القضاء، وتؤكد الانتماء العربي للوطن والشعب، وتكرّس التحديث الوطني الشامل في إطار الشرعية الدستورية. كما يعكس خطاب الحكمة الملكية في قيادة الدولة، ويؤكد استمرارية المسيرة الديمقراطية الأردنية تحت سقف الملكية الدستورية، مع المحافظة على الثوابت الوطنية والعربية في آن واحد.

حمى الله الأردن في ظل جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين المعظم وسمو ولي عهده الأمين .

مدار الساعة ـ