أخبار الأردن اقتصاديات دوليات برلمانيات وفيات أحزاب مجتمع وظائف للأردنيين مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات الموقف مناسبات جاهات واعراس مستثمرون شهادة جامعات دين بنوك وشركات خليجيات مغاربيات ثقافة رياضة اخبار خفيفة سياحة صحة وأسرة تكنولوجيا طقس اليوم

الزعبي يكتب: مازن الفراية.. حين يتحدث بلغة الفعل لا الوهم


محمد علي الزعبي

الزعبي يكتب: مازن الفراية.. حين يتحدث بلغة الفعل لا الوهم

مدار الساعة ـ

حين يتحدث الوزير مازن الفراية، فهو لا يُلقي كلماتٍ في الهواء، بل يفتح ملفاتٍ ثقيلة تلامس جوهر الواقع، ويعيد تذكير البعض بأن إدارة الدولة لا تكون بالعاطفة، بل بالرؤية والتخطيط والفعل.

لقد أثار حديثه الأخير حول العمالة الأردنية واستقطابها في الأسواق الأوروبية جدلًا بين من يدرك عمق الملف، وبين من يختصره في زاوية ضيقة من الفهم السطحي، والحقيقة التي لا يمكن تجاوزها، أن وزارة العمل الأردنية كانت سبّاقة في تفعيل مذكرات التفاهم والاتفاقيات مع عدد من الدول الأوروبية، لفتح أبواب العمل أمام الشباب الأردني، وفق إطار منظم ومؤسسي يحفظ الحقوق ويعزز الكفاءات.

ما قاله الفراية ليس أمنيات، بل هو تذكير بالمسار الذي تعمل عليه الدولة الأردنية بهدوء وثقة منذ أعوام، عبر تفاهمات رسمية وملفات متابعة مشتركة مع الاتحاد الأوروبي وعدد من الدول، وعلى رأسها ألمانيا، إيطاليا، وإيرلندا، وغيرها من الدول التي أبدت اهتمامًا حقيقيًا باستقطاب الكفاءات الأردنية المدربة والمؤهلة،

ولعلّ ما يميز نهج الوزير الفراية أنه لا يكتفي بالحديث، بل يضع يده على الملفات بعمقٍ واقعيّ، مستندًا إلى أرقام واتفاقيات ومتابعات رسمية، لا إلى انطباعاتٍ أو شعاراتٍ عابرة.

من ينتقد التصريحات دون أن يعود إلى جذورها، يتجاهل حقيقة أن الأردن وقّع خلال السنوات الأخيرة عدة مذكرات تفاهم لتبادل العمالة، وإرسال الكفاءات الأردنية إلى الأسواق الأوروبية في مجالات تقنية، طبية، وهندسية، تحت مظلة رسمية تضمن العودة بالخبرة لا بالهجرة، وهذا المسار ليس رفاهية، بل هو امتداد لتفكيرٍ استراتيجي يهدف إلى تنويع فرص العمل أمام الشباب، ورفع كفاءتهم، وإدخالهم في منظومة سوق العمل الدولي.

الوزير الفراية لم يخطئ حين تحدث، بل أصاب كبد الحقيقة؛ فالدولة التي تخطط بوعي، تعرف أن الانفتاح المنظم على الأسواق الأوروبية هو استثمار في الإنسان الأردني، لا خسارته، ومن أراد أن ينتقد، فليقرأ أولًا تلك الاتفاقيات الموقعة، وليطّلع على الجهود المستمرة لتأطير العلاقة بين الأردن والاتحاد الأوروبي في مجال العمالة والتدريب والتأهيل.

أما أولئك الذين يسارعون إلى التشكيك بكل جهد وطني، فإنهم ينسون أن الفراية من طينة رجال الميدان الذين لا يتحدثون عن إنجاز بل يصنعونه، ولا يلهثون وراء الأضواء بل وراء النتائج، قد عرفناه في كل موقع مسؤولية، يعمل بصمت ويقود بثقة، يفتح الملفات الصعبة حين يغلقها الآخرون، ويتعامل مع التحديات بعقلية واقعية لا بشعارات استهلاكية، ومن الطبيعي أن يُواجَه من يعمل بجد بمن يثرثر بلا معرفة، لكن الفارق أن الأول يترك أثرًا، والثاني يترك ضجيجًا.

إن الدفاع عن مازن الفراية ليس موقفًا شخصيًا، بل هو دفاع عن نهج دولةٍ تفكر بالمستقبل بعقلانية ومسؤولية، ومن الإنصاف أن يُقال: حين يتحدث الرجل عن تفعيل اتفاقيات العمالة مع أوروبا، فهو يستند إلى وثائق وتفاهمات ومتابعات جارية، لا إلى وعودٍ معلقة،

وهنا يكمن الفارق بين من يُطلق تصريحًا، وبين من يُقدّم مشروعًا قابلًا للتنفيذ.

فليُدرك المنتقدون أن هذا الوطن لا يبنى بالانتقاص من جهود رجاله، بل بالإنصاف لمن يعمل بإخلاص، والفراية واحدٌ من أولئك الذين لا يُجيدون التجميل الكلامي، بل يجيدون الفعل، وهذا ما نحتاجه في زمنٍ اختلط فيه الصوت العالي بالفعل الحقيقي.

مدار الساعة ـ