أخبار الأردن اقتصاديات دوليات برلمانيات وفيات مجتمع وظائف للأردنيين أحزاب أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مقالات مختارة مناسبات جاهات واعراس مستثمرون شهادة الموقف جامعات بنوك وشركات خليجيات مغاربيات دين اخبار خفيفة ثقافة رياضة سياحة صحة وأسرة تكنولوجيا طقس اليوم

البستنجي يكتب: المعلم كمرشد مهني وأخلاقي.. بناء الشخصية والمهارات في آن واحد


إياد يوسف البستنجي

البستنجي يكتب: المعلم كمرشد مهني وأخلاقي.. بناء الشخصية والمهارات في آن واحد

مدار الساعة ـ

سلسلة مقالات بداية العام الدراسي الجديد.

المرحلة الثالثة:

التمكين المعرفي والمهاري للمتعلمين.

? المقال الخامس:

المعلم كمرشد مهني وأخلاقي: بناء الشخصية والمهارات في آن واحد.

يأتي هذا المقال ضمن سلسلة التمكين المعرفي والمهاري للمتعلمين، ليقدّم رؤية عملية لدور المعلم الجديد الذي يتجاوز نقل المعرفة إلى صناعة الإنسان القادر على قيادة ذاته بمسؤولية وأخلاق. فالمدرسة الحديثة لم تعد تُعنى بالتعليم وحده، بل برسم مسارات الطلبة الحياتية والمهنية، وتوجيههم نحو مستقبل يوازن بين الطموح والقيم.

«تربية الإنسان قبل تعليمه… هي أعلى مراتب التعليم»

▫ أولًا: مفهوم الإرشاد المهني والأخلاقي

الإرشاد المهني والأخلاقي هو عملية تربوية تمكّن الطالب من فهم ذاته، واكتشاف قدراته، وتوجيهها نحو مسارٍ مثمرٍ وملتزمٍ بالقيم. وهو يسعى إلى خلق شخصية متوازنة تجمع بين المعرفة والسلوك والمشاركة المجتمعية، وينطلق من عدّة أبعاد أساسية، من أبرزها:

توجيه الطلاب نحو اكتشاف ميولهم ومواهبهم لبناء مسارٍ يتناسب مع طموحاتهم وقدراتهم.

تعزيز مهارات اتخاذ القرار وتحمل المسؤولية في المواقف الدراسية والحياتية.

غرس القيم الإنسانية والأخلاقية في تفاصيل الممارسات اليومية داخل الصف وخارجه.

دعم الطالب ليكون مواطنًا فاعلًا يسهم في مجتمعه بعقلٍ واعٍ وسلوكٍ راقٍ.

وترى منظمات دولية كاليونسكو أنّ التعليم الحقيقي هو ما يُعين المتعلم على أن يعرف، ويعمل، ويعيش مع الآخرين، ويكون ذاته؛ وهو جوهر الدمج بين الأخلاق والمهارة والمعرفة.

▫ ثانيًا: استراتيجيات صفّية لتعزيز الإرشاد المهني والأخلاقي

يمكن للمعلم تطبيق الإرشاد خلال ممارساته اليومية بسهولة، من خلال جلسات قصيرة تُناقش قضايا واقعية مرتبطة بالدرس، ومشاريع صغيرة تُمارَس فيها المسؤولية واتخاذ القرار. كما تُسهم أنشطة التفكير النقدي في تحليل المهن وقضاياها الأخلاقية، مع الاستفادة من قصص نجاح تُبرز أثر القيم في تشكيل المستقبل، وتمثيل الأدوار الذي يمنح الطلاب فرصة اختبار مواقف حياتية تحتاج إلى اختيار حكيم.

▪ أمثلة محلية ملهمة من مدارس جنوب الأردن

في مدرسة العقبة الثانوية الشاملة للبنين طُبّق نشاط «اختر طريقك» الذي أسهم في رفع قدرة الطلاب على اتخاذ القرار القيمي في المواقف الحياتية.

وفي مدرسة الراشدية الأساسية للبنات طوّرت الطالبات مبادرة «مستقبلي بيدي»، حيث صمّمن خططًا مهنية بسيطة قائمة على نقاط القوة لديهن، ما عزّز الثقة والطموح والدافعية.

▫ ثالثًا: أثر الإرشاد على شخصية الطالب

الإرشاد الواعي استثمار طويل المدى، تظهر آثاره في:

تنمية الوعي بالذات، وثقة أكبر بالنفس، وسلوك يتسم بالاتزان والمسؤولية، وقدرة متنامية على المواءمة بين المعرفة والقيم والسلوك. وهو يمهّد لطالب يقود مستقبله باختيارات واعية.

▫ رابعًا: دور المعلم المرشد

يلعب المعلم المرشد دور القدوة والسند الملهم للطلاب؛ فهو يُجسّد القيم قبل أن يلقّنها، ويعين الطلبة على اكتشاف مواهبهم وصناعة مسارات طموحة لهم. وهو مصمم للخبرات التربوية التي تربط بين القيمة والمعرفة والمهارة، ليصنع بذلك الإنسان قبل المنهج.

▫ خامسًا: برنامج أسبوعي تكاملي للإرشاد داخل الصف

يمكن تنظيم أسبوع دراسي يُبنى على قيمة أو مهارة واحدة تُناقش في جلسة افتتاحية قصيرة، ثم تُترجم إلى مشروع عملي بسيط. وفي منتصف الأسبوع تمثيل أدوار لمواقف حياتية ومهنية، يليه عرض قصص وتجارب واقعية تستلهم منها القيم. ويُختتم الأسبوع بجلسة متابعة وتأمل تعزز النمو المستمر.

وبهذا تصبح الإرشاد جزءًا من بنية التعلّم لا عبئًا إضافيًا.

▫ سادسًا: شراكة الأسرة والمجتمع

تحقق الإرشاد أعمق أثر عندما يعمل المعلم والأسرة والمجتمع كفريق واحد؛ فالأسرة تُساند وتدعم القيم، والمجتمع يوفّر فرصًا للتجربة الواقعية، والمدرسة تنسّق هذا التكامل لصالح الطالب وتوجيهه الصحيح.

▫ سابعًا: وثيقة متابعة الطالب

يمكن اعتماد وثيقة متابعة شهرية مبسّطة تشمل تطوّر الطالب في الجوانب القيمية والسلوكية واتخاذ القرار والتخطيط للمستقبل، ويتشارك في تقييمها الطالب وولي الأمر والمعلم، لتعزيز الثقة وتوجيه المسار المهني بدقة ورؤية.

▫ ثامنًا: مؤشرات قياس نجاح الإرشاد

تزداد فاعلية الإرشاد عند ملاحظة:

مشاركة نشطة في النقاشات الصفية، انخفاض السلوكيات غير المسؤولة، وضوح الخطط المهنية، وارتفاع قدرة الطلبة على حل المشكلات واتخاذ قرارات سليمة. وهي مؤشرات تُتيح تطوير العمل الإرشادي واستدامته.

? القاعدة الذهبية

كل كلمة ينطق بها المعلم تبني مستقبلًا،

وكل موقف يعيشه الطالب يصنع إنسانًا.

▪ المعلم المرشد يصنع قادة المستقبل

بعقول واعية، وقلوب نقيّة، وسلوك راسخ.

? نداء إلى المعلم المرشد

كن قدوة تُلهم… ومرشدًا يُعين… وبانيًا للإنسان قبل المنهج؛

فأنت من يرسم الطريق نحو غدٍ أرقى ومستقبلٍ أجمل.

مدار الساعة ـ