أخبار الأردن اقتصاديات دوليات وفيات برلمانيات وظائف للأردنيين أحزاب مجتمع أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مقالات مختارة جاهات واعراس مستثمرون شهادة الموقف مناسبات جامعات بنوك وشركات خليجيات مغاربيات دين اخبار خفيفة ثقافة رياضة سياحة صحة وأسرة تكنولوجيا طقس اليوم

حين كان المليون خيالاً... من هو أول ملياردير في التاريخ؟

مدار الساعة,أخبار خفيفة ومنوعة,أسعار النفط
مدار الساعة ـ
حجم الخط

مدار الساعة -في زمنٍ كانت فيه كلمة "مليونير" مثار دهشةٍ وإعجاب، وُلد مفهوم جديد للثروة غيّر معايير الثراء في العالم وهو كلمة "الملياردير". قبل أكثر من 100 عام، لم يكن أحد يتخيل أن يمتلك شخص واحد ثروة تتجاوز المليار دولار، حتى جاء رجل واحد استطاع أن يكسر هذا الحاجز الأسطوري، ويدخل التاريخ كأول ملياردير في العالم. إنه الأمريكي جون دافيسون روكفلر، مؤسس شركة "ستاندرد أويل"، وأعظم رموز الرأسمالية الصناعية في العصر الحديث.

شهد النصف الثاني من القرن التاسع عشر ما عُرف بـ"العصر المذهب" في الولايات المتحدة، حيث تحوّلت البلاد إلى قوة صناعية هائلة، وتكوّنت فيها طبقة من الأثرياء غير المسبوقين. ومع أن أسماء مثل كورنيليوس فاندربيلت وأندرو كارنيغي وجون جاكوب آستور لمع نجمها في تلك الحقبة، فإن أيّاً منهم لم يبلغ ثروة المليار دولار بالدولارات الفعلية في زمنه.

فاندربيلت، الذي بنى إمبراطوريته من السكك الحديدية والشحن، توفي عام 1877 تاركاً ثروة تُقدّر بمئة مليون دولار، أي ما يعادل نحو 2.4 مليار دولار بقيمة اليوم، لكنها كانت بعيدة عن عتبة المليار في ذلك الوقت. أما أندرو كارنيغي، إمبراطور صناعة الصلب، فباع شركته عام 1901 لجاي. بي. مورغان مقابل 480 مليون دولار، ليصبح أغنى رجل في عصره، إلا أنه لم يصل إلى المليار أيضاً.

وفي بدايات القرن العشرين، اقترب رجل النفط جون د. روكفلر من تحقيق ما بدا مستحيلاً. وُلد روكفلر عام 1839 في نيويورك، وبدأ حياته موظف حسابات بسيطاً، قبل أن يدخل عالم تجارة النفط في أوهايو منتصف ستينيت القرن التاسع عشر، عام 1870 أسّس شركته الشهيرة ستاندرد أويل، التي سيطرت لاحقاً على نحو 90% من سوق النفط الأمريكي.

اعتمد روكفلر على أساليب دقيقة في الإدارة وخفض التكاليف، واستغل نفوذه للحصول على خصومات كبيرة من شركات السكك الحديدية. وشيئاً فشيئاً، ابتلع منافسيه حتى أصبحت "ستاندرد أويل" شبه احتكار وطني. لكن نجاحه الساحق أثار غضب الرأي العام، خصوصاً بعد سلسلة المقالات التي نشرتها الصحفية إيدا تاربل عام 1902 في مجلة McClure’s تحت عنوان تاريخ ستاندرد أويل، والتي كشفت ممارسات الشركة الاحتكارية.

في عام 1911، وبعد معركة قانونية طويلة، أصدرت المحكمة العليا الأمريكية حكماً بتفكيك "ستاندرد أويل" إلى 33 شركة مستقلة، من بينها شركات عملاقة اليوم مثل إكسون وشيفرون. غير أن هذا القرار لم يضرّ بروكفلر، بل ضاعف ثروته، إذ ارتفعت قيمة الأسهم التي امتلكها في الشركات الجديدة بشكل هائل.

وبحلول عام 1913، بلغت ثروته نحو 900 مليون دولار، أي ما يعادل نحو 3% من الناتج المحلي الأمريكي آنذاك. وبعد الحرب العالمية الأولى وارتفاع أسعار النفط، أعلنت الصحف الأمريكية في سبتمبر 1916 أن جون د. روكفلر أصبح أول ملياردير في الولايات المتحدة، بعدما تجاوزت قيمة استثماراته وأسهمه حاجز المليار دولار.

عند وفاته عام 1937 عن عمر ناهز 97 عاماً، قُدرت تركته بما بين 1.4 و1.5 مليار دولار، رغم تبرعه بمئات الملايين للأعمال الخيرية عبر "مؤسسة روكفلر". وتُقدَّر ثروته القصوى اليوم بما يعادل 340 مليار دولار، ما يجعله أحد أغنى البشر في التاريخ، متفوقاً حتى على أثرياء العصر الحديث مثل مارك زوكربيرغ وجيف بيزوس.

وهكذا، لم يكن لقب "أول ملياردير في العالم" مجرّد إنجاز مالي، بل علامة فارقة في تاريخ الاقتصاد الحديث، جسّدت الانتقال من عصر الصناعة إلى عصر الثروة الشخصية الهائلة، وخلّدت اسم جون د. روكفلر رمزاً للذكاء المالي والطموح الذي غيّر وجه الرأسمالية إلى الأبد.


مدار الساعة ـ