يا جماعة الخير تنكة الزيت صارت بـ١٤٠ دينار، كيلو الكنافة بـ٧، الزعتر البلدي بـ١٢، ورغيف الخبز شكله ناوي يلتحق بالذهب، والذهب طاير بالسماء،غرام الذهب صار أغلى من الكلام الحلو، والإيجارات ارتفعت لدرجة إن الواحد صار يفكر يعيش بخيمة أو على سطح عمارة.
طيب وبعدين؟كل يوم غلا جديد، والمواطن واقف مكانه. الراتب ما زاد ولا راح يزيد، بس الأسعار بتعمل سباق ماراثون نحو الأعلى؛ الراتب صار مثل قطعة غرفة الضيوف، موجود بس ما له فايدة، بتشوفه بالأول، وبالمنتصف بتودعه.الناس مش طماعة، بس بدها تعيش. الشاب اللي بده يتزوج صار يحسبها بالآلة الحاسبة، وما بتزبط معه، بيكتشف إن المهر صار أغلى من وزن العروس بالذهب، وإن البيت بالإيجار بده نص الراتب، والنص الثاني بروح على فواتير الكهرباء والمية، وإذا ظل شي بيروح على "تنكة الزيت".يعني زمان كنا نضحك لما نسمع حدا يقول "ما ظل شي رخيص"، اليوم ما عاد في داعي نضحك، لأنه فعلاً ما ظل شي حتى الفول والحمص صاروا رفاهية، والزيت اللي كنا نغمس فيه لقمة صرنا نحسبه بالملعقة.والحكومة، ما شاء الله، دايما عندها تبريرات جاهزة: "الأسعار عالمية"، "سلاسل التوريد والنقل ارتفعت"، "الموسم ضعيف"، "الطلب زاد". طيب والراتب؟ ليش ما بصير عالمي كمان؟ ليش بس الأسعار اللي بتتأثر بالعالم؟الرجل الأردني اليوم صار "مدير دائرة الموازنة" في بيته. قاعد طول الليل مع الآلة الحاسبة، يحسب ويمسح ويجمع، وبالأخير بيكتشف إن الراتب خلص قبل ما يبلّش الشهر، بفكر يلغي الكماليات، بس ما ظل كماليات، كله التغت بالضرورة، بيأجل الصيانة، وبس يوصل منتصف الشهر ببلش يدور على "سلفة غير قابلة للسداد"، وهو رافع راسه ومكابر عشان ما يحسس أهل بيته إنه متضايق.والشباب؛ صاروا يضحكوا من قهرهم. بقولوا: "بدنا نفتح بيت"، بس الحقيقة إن البيوت صارت أحلام بتنعرض بالإعلانات.. الأسعار بتطير، والفرص بتقل، والأمل بيتراجع، بس الأردنيين بعدهم بيضحكوا.. يمكن سخرية، يمكن صبر، ويمكن عشان ما ينهاروا.ما بنطلب المستحيل، بس بدنا عدل؛ بدنا نعيش من غير ما نحسب كل لقمة، بدنا نشتري تنكة الزيت من غير ما نحس إنّا اشترينا قطعة ذهب، وبدنا نعرف إنه تعب الشهر ما بروح هدر.البلد فيها خير، بس بدها إدارة تنصف الناس، وتشوف الواقع مثل ما هو، مش من وراء المكاتب المكيفة. لأن المواطن ما عاد يمشي معه "القادم أجمل" ولا يحتمل "اصبروا شوي"، صارت الكلمة مستفزة أكتر من فواتير الكهرباء.باختصارعايشين بالقطّارة.. غلا غلا والراتب هو هو.وإحنا.. من وجعنا صرنا نضحك ونقول:"الله يستر المرة الجاية، شو رح يغلّوا؛ الهوا؟".