أخبار الأردن اقتصاديات دوليات برلمانيات وفيات أحزاب مجتمع وظائف للأردنيين مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات الموقف مناسبات جاهات واعراس مستثمرون شهادة جامعات دين بنوك وشركات خليجيات مغاربيات ثقافة رياضة اخبار خفيفة سياحة صحة وأسرة تكنولوجيا طقس اليوم

الاحتلال وعصابات المخدرات.. كيف يواجه الأردن التحدي؟

مدار الساعة,أخبار الأردن,اخبار الاردن
مدار الساعة (الغد الأردنية) ـ
مهربو المواد المخدرة جنوبي سورية لا يهمهم المعتقد السياسي أو الديني في تحالفاتهم
حجم الخط

مدار الساعة - موفق كمال (الغد الأردنية) -تخيم الضبابية على المشهد في الجنوب السوري، في ظل عدم وجود سيطرة عسكرية وأمنية كاملة من الجانب السوري على المنطقة، بينما انخفضت وتيرة حرب الكبتاجون بعد فرار الميليشيات الشيعية بزوال نظام الأسد، تلاها اندلاع نزاع مسلح بين طوائف درزية وعشائر في منطقة الجنوب ذاتها.

وفي ظل الهجمات الجوية المتكررة للاحتلال الصهيوني على الجنوب السوري، فإن حرب الكبتاجون تستعد لخوض مرحلتها الثالثة مع الأردن الذي يشكل حجر عثرة أمام تجارة المخدرات إلى دول الخليج، كونه خط الدفاع الأول بحكم موقعه الجعرافي المحاذي للجنوب السوري على شريط حدودي يمتد إلى أكثر من 350 كيلومترا.

وأظهرت حرب الكبتاجون التي يخوضها الأردن مع عصابات تهريب المخدرات في الجنوب السوري، وتحديدا في محافظتي درعا والسويداء، أن عصابات المخدرات لا تحمل إيديولوجية مستقرة، فهي تنسق مع الجهة صاحبة النفوذ العسكري والأمني لغايات تأمين ممرات التهريب إلى الأردن الذي أمضى أكثر من 14 عاما وهو يحرس الحدود على الجانبين المحلي والسوري.

يشار إلى أن عصابات المخدرات كانت تنسق مع التنظيمات الإرهابية المتواجدة في الجنوب السوري، ومنها تنظيم داعش، لتأمين ممرات آمنة تسهل عليهم تهريب سمومهم، علما أن هذا التنسيق كان إحدى وسائل التمويل لتنظيم داعش، وبعد زوال التنظيمات الإرهابية، تحالفت عصابات المخدرات مع الميليشيات الشيعية للغاية ذاتها.

تحالف الشر الصهيوني

ومنذ عامين، يخوض الأردن اشتباكات شبه يومية مع الطائرات المسيرة المحملة بالمخدرات والقادمة من الجنوب الفلسطيني المحتل، في ظل تغاضي ردارات الاحتلال عن ملاحقة هذه الطائرات التي تتصدى لها قوات حرس الحدود لإسقاطها، الأمر الذي يرجح وجود تنسيق بين عصابات المخدرات وقادة في جيش الاحتلال.

وكانت صحيفة هارتس الصهيونية نشرت تقريرا في 15 أيلول (سبتمبر) الماضي، كشفت فيه عن "أن الشرطة الإسرائيلية داهمت منازل مسؤولين مقربين لحكومة نتنياهو بتهم الفساد والمخدرات".

وجاء في التقرير "أن الشرطة اكتشفت مختبرا لتصنيع المخدرات في منزل أحد المقربين من غولان، كما تم اعتقال عدد من المشتبه بهم لغايات التحقيق على ذمة القضية".

وحذر مراقبون من مخاوف سيطرة الاحتلال الصهيوني على الجنوب السوري، التي يمكن أن تفاقم من تجارة المخدرات عبر التنسيق المشترك بين عصابات المخدرات وجيش الاحتلال، الأمر الذي سيدخل الأردن بين فكي كماشة، سواء من الطائرات المسيرة القادمة من الجنوب الفلسطيني المحتل أو من خلال الجنوب السوري على الحدود الشمالية والشمالية الشرقية.

ترقب وحذر

في هذا الصدد، يرى الخبير العسكري والأمني العميد المتقاعد الدكتور عمر الرداد، أنه في ظل تغيرات عميقة في أوساط الفاعلين في الجنوب السوري وبروز دور ميداني مواز للاحتلال الصهيوني، فإن طلب بعض شبكات التهريب من جهات صهيونية بتوفير الحماية لها يبدو أمرا غير مستبعد، خاصة وأن أوساطا فاعلة في منظومة الحكم الصهيوني الحالية توفر تلك الغطاءات لشبكات موجودة في مناطق النقب، وتنشط بإرسال شحنات مخدرات عبر مسيرات من الكيان إلى مناطق جنوب الأردن.

ويضيف الرداد "أنه وبمرجعية ممارسة التصنيع وتجارة المخدرات وتحقيق أرباح مالية، فإن شبكات التهريب ليست معنية بإيديولوجية الجهة التي توفر لها الحماية والتسهيلات، أو بانتماءات هذه الجهات ومرجعياتها السياسية".

ويتابع "بالتزامن، فإن أوساطا في الكيان الصهيوني التي تستهدف الأردن، هي غير معنية أيضا بخلفية وتوجهات أي شبكات تسعى وراء أهدافها، بما فيها زعزعة الأمن الوطني للمملكة".

ويؤيده بذلك العميد المتقاعد الدكتور سعود الشَّرفات، مدير مركز شُرفات لدراسات وبحوث العولمة والإرهاب، الذي يرى أن التطورات الأخيرة في الجنوب السوري تشير إلى حالة من الترقب الحذر على طول الحدود الأردنية-السورية، حيث يعيد المهربون تنظيم شبكاتهم بانتظار اتضاح موازين القوى بين الفاعلين المحليين والإقليميين في درعا والسويداء، خصوصا مع نجاح الأردن خلال الفترة الماضية بتفتيت وتهشيم عدد كبير من شبكات التهريب الداخلية، خاصة في منطقة البادية الشمالية الشرقية.

الثبات على المبدأ

وفي ظل هذا الفراغ المؤقت الناجم عن غياب السيطرة السورية الرسمية على مناطق الجنوب، فإن التوقعات تظل قائمة بأن يفتح هذا الفراغ الباب أمام موجة جديدة من محاولات التسلل وتهريب المخدرات والأسلحة، ما يشكل تحديا أمنيا مباشرا للأردن الذي يراقب عن كثب تحركات المجموعات المسلحة وشبكات التهريب المدعومة من قوى خارجية، وشبكات التهريب الدولية.

وفي ضوء هذه التحديات الأمنية، لا يملك الأردن أي خيارات سوى الثبات في حرب الكبتاجون، ووضع الخطط اللازمة لمواجهة التحديات المستقبلية، بحسب الرداد، الذي يرى أن الأردن مضطر إلى ذلك لمواجهة شبكات تهريب المخدرات، بما فيها تلك التي يتداخل نشاطها مع عمليات تهريب أسلحة.

وأوضح الرداد أن نشاط هذه الشبكات تراجع كما ونوعا بعد سقوط الأسد، إثر رفع الغطاء عنها من قبل السلطة الجديدة، لكن هذا النشاط اتخذ أساليب جديدة، تراوحت بين استخدام المسيرات والبالونات الحرارية، ثم مؤخرا استخدام زوارق في مياه سد الوحدة الحدودي الواقع على نهر اليرموك.

الردع المتدرج

وعن الخيارات الأردنية في هذا السياق، بحسب ما يرى الخبير الشرفات، فإن من المرجح أن يواصل الأردن أسلوب "الردع المتدرج" الذي يجمع بين التصدي العسكري المباشر للتهديدات الحدودية والتنسيق الاستخباري المكثف مع دمشق والحلفاء الإقليميين والدوليين، خصوصاً الولايات المتحدة.

ويضيف الشرفات أن هذا النهج يهدف إلى منع تشكل "ممرات تهريب دائمة" وإرسال رسالة واضحة بأن الأردن لن يسمح بتحويل حدوده الشمالية إلى ساحة فوضى أو عبور غير مشروع لأي جهة.

أما السيناريو الثالث المحتمل، فيتمثل في التحرك الدبلوماسي والأمني المتوازي مع دمشق لإعادة ضبط التوازن الأمني في الجنوب السوري، وربما يلجأ الأردن إلى طرح ترتيبات أمنية جديدة تضمن التزام الجانب السوري بمحاربة شبكات التهريب، مع الاحتفاظ بخيار التدخل الوقائي المحدود داخل العمق السوري إذا فشلت تلك الجهود.

وبهذه المقاربة متعددة المسارات، يسعى الأردن إلى حماية حدوده، ومنع تمدد تهديدات عصابات الجنوب السوري إلى الداخل الأردني.

رؤية استباقية

أما الباحث الدكتور عامر السبايلة، فيؤكد أن على الأردن النظر بعين الحذر والتوجس، وأن تكون له رؤية استباقية لمآلات هذه المنطقة لارتباطها جغرافيا بالأردن، وضرورة إنهاء هذه الظاهرة بغض النظر عن الشكل القادم للمشهد هناك، فضلا عن ضرورة التنسيق مع الولايات المتحدة بهذا الخصوص.

ويضيف السبايلة "الأردن معني بالتفكير جديا في كيفية التعامل مع هذا الملف من وجهة نظر أمنية، وبضرورة التنسيق مع الولايات المتحدة الأميركية ومع قيادتها الوسطى، وهذا يعني أن يكون الأردن حاضرا في شكل المشهد القادم في الجنوب السوري، ليس فقط على المستوى المجتمعي السياسي، بل على المستوى الأمني أيضا".

ويتابع "أعتقد أن الأردن يجب أن يبسط هذه المسألة أمام التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب، على اعتبار أنه لا يوجد اختلاف بين عصابات المخدرات المنظمة والتنظيمات الإرهابية، لأنه معني بتأمين حدوده".


مدار الساعة (الغد الأردنية) ـ