أخبار الأردن اقتصاديات دوليات وفيات برلمانيات أحزاب مجتمع وظائف للأردنيين تبليغات قضائية مقالات مقالات مختارة أسرار ومجالس الموقف مناسبات جاهات واعراس مستثمرون شهادة جامعات خليجيات مغاربيات دين بنوك وشركات اخبار خفيفة ثقافة رياضة سياحة صحة وأسرة تكنولوجيا طقس اليوم

البستنجي يكتب: المبادرات المجتمعية والمشاريع التعاونية.. نحو مدرسةٍ في خدمة المجتمع


إياد يوسف البستنجي

البستنجي يكتب: المبادرات المجتمعية والمشاريع التعاونية.. نحو مدرسةٍ في خدمة المجتمع

مدار الساعة ـ

سلسلة مقالات بداية العام الدراسي الجديد

المرحلة الثالثة: التمكين المعرفي والمهاري للمتعلمين.

المقال السادس:

المبادرات المجتمعية والمشاريع التعاونية: نحو مدرسةٍ في خدمة المجتمع.

التعلّم الحقيقي لا يقاس بما يحفظه الطالب من معارف، بل بما يُظهره من أثر في شخصيته وسلوكه ومشاركته الإيجابية في الحياة. وعندما يمتد التعلم خارج جدران الصف ليلامس واقع المجتمع؛ تتحول المدرسة إلى منصة للتغيير ومختبر حيّ يربط المعرفة بالممارسة والقيم بالعمل.

إن المبادرات المجتمعية والمشاريع التعاونية تمثل أحد أهم مظاهر التعلّم المنتج للأثر، الذي يسعى إلى تمكين المتعلّم بمهارات القرن الحادي والعشرين: التواصل، التعاون، التفكير الناقد، والإبداع.

▫ أولًا: مفهوم المبادرات المجتمعية والتعاون

هي جهود تعليمية تشاركية توظّف خبرات الطلاب لخدمة مجتمعهم، وتُسهم في:

ترسيخ الانتماء الوطني والمسؤولية الاجتماعية.

نقل التعلم من مستوى المعرفة النظرية إلى مستوى الممارسة الفعلية.

تعزيز الدافعية والارتباط بالبيئة المدرسية والمجتمعية.

فالمدرسة ليست مؤسسة مغلقة، بل جسر يصل بين المعرفة واحتياجات المجتمع.

▫ ثانيًا: استراتيجيات عملية لتعزيز المبادرات داخل المدرسة

يمكن للمعلم قيادة مبادرات مجتمعية فعالة من خلال ممارسات تربوية منها:

⿡ المشاريع التعاونية الصفّية والمدرسية

تنفيذ مشاريع هادفة يرتبط موضوعها بقضايا يواجهها المجتمع المحلي.

⿢ الأنشطة المجتمعية الميدانية

زيارات تطوعية وتوعوية، مثل:

حملات النظافة والتشجير، دعم الفئات المحتاجة، التعاون مع المؤسسات المحلية.

⿣ التغذية الراجعة والتحسين المستمر

جلسات حوار دورية لعرض ما تم إنجازه، وتحديد فرص التطوير وتعزيز المسؤولية.

بهذه الاستراتيجيات يتحول الطالب من متلقٍ للمعرفة إلى صانع للأثر.

▫ ثالثًا: مثال تطبيقي من مدارس الأردن

في مدارس العقبة نُفِّذت مبادرة «سفراء البيئة» لحماية البيئة الساحلية، وشملت:

حملات تنظيف الشواطئ.

توعية مجتمعية رقمية عبر حسابات المدرسة.

إعادة تدوير النفايات وصناعة وسائل تعليمية.

وأظهرت النتائج ارتفاع دافعية الطلبة، وتعززت لديهم مهارات القيادة والتنظيم والتواصل.

▫ رابعًا: أثر المبادرات المجتمعية على شخصية المتعلم

تسهم المبادرات في بناء مواطن صالح يمتلك:

شخصية متوازنة تجمع بين القيم والمعرفة والمهارة.

مهارات تخطيط وحل مشكلات واتخاذ قرار.

ثقة بالنفس وقدرة على التعبير.

خبرات ميدانية واسعة وآفاق مهنية مستقبلية.

كما تمنح الطلاب فرصة قيادة مشاريع جماعية ميدانية حول قضايا بيئية وصحية واجتماعية، ما يعزز مهارات القيادة والعمل الجماعي والمسؤولية.

إنها تربية للإنسان كاملًا… عقلًا وقلبًا وسلوكًا.

▫ خامسًا: دور المعلم في قيادة المبادرات

المعلم هو:

موجّه وباعث دافعية.

مصمّم للمشروع التربوي.

قدوة أخلاقية ومهنية.

ميسّر للتعاون والتعلم الذاتي.

مقيّم للأثر وراصد للتقدم.

إنه القائد الذي يصنع الفرص التعليمية لا ينتظرها.

▫ سادسًا: خطة تنفيذ أسبوعية نموذجية

الأحد: اختيار الفكرة وتشكيل الفرق وتوزيع الأدوار.

الاثنين: وضع خطة العمل التفصيلية باستخدام خرائط ذهنية ولوحات تنظيمية.

الثلاثاء: تنفيذ أنشطة المشروع داخل المدرسة أو المجتمع المحلي.

الأربعاء: مناقشة التقدم ومعالجة التحديات وتعزيز العمل الجماعي.

الخميس: عرض الأثر والنتائج داخل المجتمع المدرسي وتقديم توصيات التحسين.

بهذه المنهجية يغدو التعلم رحلة ممتعة مليئة بالأثر.

▫ سابعًا: شراكة المدرسة والأسرة والمجتمع المحلي

نجاح المبادرات يرتكز على تكامل ثلاثي:

الأسرة: دعم السلوك ومتابعة المهارات.

المدرسة: قيادة العمل وتنظيم الجهود.

المجتمع المحلي: توفير الخبرة والموارد وفرص التطبيق.

كلما اتسعت الشراكة… تعاظم الأثر.

▫ ثامنًا: مؤشرات قياس نجاح المبادرات

يُقاس النجاح من خلال:

ارتفاع مشاركة الطلاب بالأعمال التعاونية والتطوعية.

تحسن السلوك الإيجابي والوعي المجتمعي.

تطور مهارات التعاون والتواصل.

استمرارية المبادرات وتوسعها سنويًا.

التقييم تكويني ومستمر… وليس ختاميًا.

▫ تاسعًا: التوثيق الرقمي المقترح

يُستحسن اعتماد أدوات تحفظ الإنجاز وتُظهره مثل:

منصة المدرسة الإلكترونية.

فيديوهات قصيرة توثّق مراحل العمل.

نشرات رقمية ورسائل إعلامية مدرسية.

معرض رقمي للمشاريع في نهاية كل فصل.

التوثيق يضاعف قيمة الأثر ويحفّز الآخرين للمشاركة.

? المبادرات المجتمعية ليست نشاطًا جانبيًا،

بل نهج تربوي يُخرج أفضل ما في الطالب من قيم وقدرات.

المدرسة فضاء لصناعة فرق حقيقي ومستدام في المجتمع.

فكن — أيّها المعلم — القائد الذي يوقظ العطاء،

ويذكّر الطلاب دائمًا أن لهم أثرًا ينتظر أن يتحقق.

مدار الساعة ـ