أخبار الأردن اقتصاديات دوليات وفيات برلمانيات أحزاب مجتمع وظائف للأردنيين أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مقالات مختارة شهادة الموقف مناسبات جاهات واعراس مستثمرون جامعات خليجيات مغاربيات دين بنوك وشركات اخبار خفيفة ثقافة رياضة سياحة صحة وأسرة تكنولوجيا طقس اليوم

أبو زيد يكتب: سوريا والسودان... بين العهدين.. والشعب بين الغياب والبحث عن الذات


العميد المتقاعد حسن فهد أبو زيد

أبو زيد يكتب: سوريا والسودان... بين العهدين.. والشعب بين الغياب والبحث عن الذات

مدار الساعة ـ

في قراءةٍ متأنّيةٍ للمشهدين السوري والسوداني خلال السنوات الثلاث أو الأربع الماضية، نرى تشابهًا واضحًا في الجوهر رغم تباعد الجغرافيا واختلاف التفاصيل. فكلا البلدين عاش تجربةً قاسيةً كان الشعب فيها الضحية الأولى لما تعرّض له من تنكيلٍ وقتلٍ وتعذيبٍ وإقصاء.

في سوريا، التي مرّت بعقودٍ من الحكم المركزي الصارم والسلطة المطلقة، حاول الشعب بعد سقوط النظام البائد أن يستعيد صوته ومكانته، فدخلت البلاد في مراحل انتقالية معقّدة، جاءت نتائجها متفاوتة ومحملة بالتحديات. واليوم، تحاول سوريا في عهدها الجديد إنقاذ ما يمكن إنقاذه، وقد بدأت بالفعل تحقق تقدمًا ملموسًا على الطريق الصحيح لمصلحة الوطن والمواطن. فمنذ سبعينيات القرن الماضي كانت الدولة تُدار بنظامٍ مركزيٍ قويٍ قائمٍ على السلطة الأمنية والحزب الواحد، مما جعل دور الشعب محصورًا في الدعم الشكلي أو التفاعل القسري مع قرارات الدولة.

أما في السودان — وما أدراك ما السودان — فقد تنقّل الشعب بين أنظمةٍ عسكريةٍ ومدنيةٍ متعاقبة، وغالبًا ما كان الجيش هو العامل الحاسم في السلطة، بينما ظلّ المواطن السوداني يعيش بين الأمل والإحباط، يحلم بدولةٍ مدنيةٍ مستقرة. خرج الشعب من رحم معاناةٍ قاسيةٍ تحوّلت مطالبه فيها إلى حربٍ دمّرت البنية الاجتماعية والاقتصادية، فانكمش دوره بين النزوح والبحث عن البقاء ومحاولاتٍ خجولةٍ للعودة إلى المشهد العام.

حاول السودانيون استعادة زمام المبادرة عبر الثورة السلمية عام 2019 في عهد البشير، لكن الصراعات بين الجيش وقوات الدعم السريع أضعفت حلم الدولة المدنية، وأعادت المواطن إلى مربع الألم والانتظار. بدأت الخلافات على المناصب، وتحوّلت إلى صراعٍ مسلحٍ دُعم فيه كل طرفٍ من جهاتٍ خارجيةٍ وداخليةٍ لتحقيق مصالح خاصة وانتفاعٍ من الثروات المعدنية والنفطية التي تزخر بها البلاد. ومع الوقت، ظهرت عصاباتٌ مسلحةٌ تمارس القتل والنهب والتدمير دون هوادة، بدعمٍ بالسلاح والمال من بعض القوى الإقليمية والمحلية.

خلاصة المشهد في العهدين — قبل وبعد — أن الشعب ظلّ الوقود الدائم للتغيير، لكنه لم يكن يومًا الشريك الحقيقي في القيادة وصناعة القرار، خاصة في ظل هيمنة العسكر.

ختامًا، ورغم التحديات التي مرّت بها سوريا، فإن العهد الجديد بدأ يرسّخ معاني الأمن والاستقرار وإعادة الحياة الطبيعية في مختلف المدن، لتستعيد البلاد تدريجيًا دورها الإقليمي والدولي وسط ترحيبٍ عربيٍ ودوليٍ متزايدٍ بعودتها إلى محيطها الطبيعي ومكانتها السياسية.

وعلى النقيض تمامًا، يعيش السودان اليوم مرحلةً مأساويةً قاسيةً بعد سيطرة قوات الدعم السريع على الفاشر وأجزاء واسعة من دارفور، وما رافق ذلك من جرائم وانتهاكاتٍ بحق المدنيين. تحوّلت آمال الشعب السوداني في بناء دولةٍ مدنيةٍ آمنةٍ إلى كابوسٍ إنسانيٍ وسياسيٍ مؤلم، أعاد البلاد إلى دائرة الفوضى والمعاناة، بارتكاب أبشع الجرائم بحق الأبرياء، وما حدث — ويحدث — في الفاشر بعد السيطرة على دارفور ليس إلا مثالًا صارخًا على ذلك الواقع المرير الذي يعيشه السودانيين وهو ما يشبه وضع الفلسطينيين في قطاع غزة لكن الفرق في غزة حرب بين الكفر والإيمان وبين العرب والي هود وفي السودان للاسف بين الإخوة الارض سودانية والقتلى مدنيين أبرياء من كلا الطرفين والعسكر هم أداة الجريمة .

مدار الساعة ـ