أخبار الأردن اقتصاديات دوليات برلمانيات وفيات أحزاب مجتمع وظائف للأردنيين مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات الموقف مناسبات جاهات واعراس مستثمرون شهادة جامعات دين بنوك وشركات خليجيات مغاربيات ثقافة رياضة اخبار خفيفة سياحة صحة وأسرة تكنولوجيا طقس اليوم

على هامش العدد الأول من مجلة المحكمة الدستورية (10)


د. محمد رحامنة
الجامعة الأردنية

على هامش العدد الأول من مجلة المحكمة الدستورية (10)

د. محمد رحامنة
د. محمد رحامنة
الجامعة الأردنية
مدار الساعة ـ

سبقت الإشارة في مقالات هذه السلسلة إلى أن المحكمة الدستورية أصدرت أواخر العام الماضي العدد الأول من مجلتها، وقد خصصته لما صدر عنها من أحكام وقرارات منذ إنشائها حتى نهاية العام 2024؛ أما الأحكام فهي ما يصدر عن المحكمة عند ممارسة دورها في الرقابة على دستورية القوانين والأنظمة، وأما القرارات فهي ما يصدر عنها عند ممارسة دورها الآخر وهو تفسير النصوص الدستورية.

وعلى الرغم من أن هذا العدد تضمن أحكام المحكمة وقراراتها، والتي سبق أن تم نشرها في الجريدة الرسمية تنفيذًا للدستور (المادة 59)، إلا أن أهمية هذا العدد تبرز من جانبين؛ الأول أنه جمع تلكالأحكام والقرارات في وعاء واحد؛ مما يسهل الرجوع إليها من قبل أعضاء المحكمة والباحثين وذوي الصلة بعمل المحكمة، والثاني أنه تضمن المبادئ القانونية المستخلصة من كل حكم أو قرار، والتي يلتزم باستخلاصها وتسهيل نشرها المكتب الفني (المادة 4/هـ من تعليمات المكتب الفني للمحكمة الدستورية).

إلا أن ما يلاحظ على بعض تلك المبادئ أنها اتسمت بطابع "النقل الحرفي" لما جاء في حكم المحكمة أو قرارها، وهو ما يتعارض مع فكرة استخلاص المبادئ القانونية واستنباطها، فيكون المبدأ تكرارًا لنص في الدستور، أو نسخ أجزاء من الحكم أو القرار دون أن تتضمن الحكم المستحدث الذي توصلت إليه المحكمة، وقد ظهرت هذه المسألة بوضوح في حالتين؛ ففي الأولى جاء المبدأ القانوني للقرار رقم (3) لسنة 2013 بما يلي:

"يجوز للملك أن يرجئ بإرادة ملكية اجتماع مجلس الأمة لتاريخ آخر، على ألا تتجاوز مدة الإرجاء الشهرين المنصوص عليها في الدستور".

إن هذا المبدأ جاء نقلًا حرفيًا لما ورد في قرار التفسير، ويلاحظ إن هذه الفقرة التفسيرية جاءت مطابقة لما أورده المشرع في المادة (78/ 1) من الدستور والمتعلقة بالدورة العادية، فما القيمة المضافة التي أحدثتها المحكمة الدستورية بقرارها "التفسيري" هذا؟

بالعودة إلى القرار التفسيري المشار إليه يتضح أنه جاء بناءً على:"طلب تفسير نص المادة (73) من الدستور، وبيان فيما إذا كانت تجيز لجلالة الملك أن يرجئ اجتماع الدورة غير العادية لمجلس الأمة بدلالة المادة (78) من الدستور ...".

إن القيمة المضافة من هذا القرار التفسيري تتضح من خلال قراءته مع طلب التفسير، فالمحكمة كانت تقصد من فقرتها التفسيرية صلاحية إرجاء الدورة غير العادية (قياسًا على النص المتعلق بالدورة العادية)، وبذلك يكون قرار التفسير قد أزال الغموض عن تلك المسألة، في حين أن المبدأ القانوني جاء خاليًا من هذا التوضيح على النحو الذي أفرغه من مضمونه.

وفيما يتعلق بالحالة الثانية فقد جاء المبدأ القانوني للقرار رقم (5) لسنة 2013 بما يلي:

"لا يمتنع على الحكومة التقدم بمشروع جديد ليمر في المراحل التشريعية الدستورية، ولا يمتنع كذلك استعمال السلطة التشريعية لحقها الدستوري في اقتراح القوانين".

إن هذا المبدأ وإن جاء نقلًا حرفيًا لما أوردته المحكمة الدستورية في قرارها، إلا أنه يعد- في الوقت نفسه- اجتزاءً للقرار وسلبًا لمعناه؛ فقرار التفسير يقرأ مع مضمون طلب التفسير، ومن ثم فإن المسألة تبدو واضحةلمن يقرأ قرار التفسير؛ فتأتي الفقرة التفسيرية لتجيب عما ورد في طلب التفسير، فقد جاءت هذه الفقرة التفسيرية لبيان: "... هل يجوز أن تتقدم الحكومة بمشروع قانون قبل أن ينظر مجلس الأمة في القانون الذي رفض الملك التصديق عليه ...".

بناءً على ما تقدم، يمكن القول إنه كان من الأجدى بالمبدأ القانوني أن يتضمن إشارة إلى السؤال الوارد في طلب التفسير حتى يستقيم المعنى، فالمبدأ القانوني يجب أن يكون كافيًا بذاته، لا يتطلب لفهمه الرجوع إلى حكم المحكمة أو قرارها.

وعليه؛ ولضمان عدم تكرار هذه المسألة، قد يكون من المناسب أن يعهد إلى المحكمة الدستورية- أو رئيسها- صلاحية إقرار المبادئ القانونية التي يستخلصها المكتب الفني من أحكام المحكمة وقراراتها.

مدار الساعة ـ