أخبار الأردن اقتصاديات دوليات برلمانيات وفيات أحزاب مجتمع وظائف للأردنيين تبليغات قضائية مقالات مقالات مختارة أسرار ومجالس الموقف مناسبات جاهات واعراس مستثمرون شهادة جامعات مغاربيات دين بنوك وشركات خليجيات اخبار خفيفة ثقافة رياضة سياحة صحة وأسرة تكنولوجيا طقس اليوم

عبد الهادي راجي يكتب: الهوية الأردنية.. هل أنا أردني؟


عبدالهادي راجي المجالي
abdelhadi18@yahoo.com

عبد الهادي راجي يكتب: الهوية الأردنية.. هل أنا أردني؟

مدار الساعة ـ

… هل للهوية الأردنية ناطق باسمها؟...

أنا لم أعد أعرف نفسي جيداً، وأسأل ذاتي أحيانا هل أنا أردني؟..

حين استمع لمحاضرات دولة (ابو عصام) عبدالرؤوف الروابدة، أحتار في أسئلة الهوية، فهو أحياناً يتحدث عنها من الزاوية السياسية، وأحياناً من زاوية عشائرية، وأحياناً يتحدث عنها من زاوية الأكاديمي.. وأحياناً يتحدث عنها في إطار الرد على خصوم الدولة، لا يوجد زاوية محددة لدولة أبو عصام يطل منها على الهوية الأردنية.

أعود إلى السؤال.. هل أنا أردني؟

استمع أيضاً لتحليلات التيار الجديد في مفاصل الدولة، التيار الذي انخرط في المفاصل الحساسة مثل الزميل فهد الخيطان، هو يأخذها لمنحى آخر بعكس (دولة عبدالرؤوف الروابدة) .. هو يأخذها لمنحى ليبرالي، لمنحى تحرر الإعلام من القيود، للدفاع عن الدولة وقراراتها، واعتبار أن كل ما تصدره الدولة مقدس، وأحيانا يأخذها في إطار الاستهداف فهو يرد على (ديفيد هيرست)، ويدافع عن الإنزالات في غزة، وهذا منطق النخبة في تعريف الهوية، أستطيع أن أسميها النخبة اليسارية التي انخرطت فيما بعد بسلك السلطة، ووظفت ثقافتها التي اكتسبتها من اليسار في انتاج القرار وتوجيه العامة، وهي تعتبر الهوية منتجاً (سلطوياً) لا أكثر ولا أقل ولا يجوز أن يخرج من إطار تعريف السلطة له ...لهذا أطلقوا فكرة اسمها (الهوية الجامعة) ...

أعود للسؤال مرة أخرى ..هل أنا أردني ؟

مؤخرا برز مازن القاضي وقد جاء لمجلس النواب على قاعدة الهوية ، مازن لايملك تعريفا محددا وواضحا لمعنى الهوية ، ولكن السلطة ذاتها وجدت في مميزاته العشائرية وتاريخه العسكري ، ومساراته في الوظيفة العامة تعبيرا عن الهوية ...لهذا صار بعض المدافعين عنه يعتبرونه ، التعريف الصادق للهوية ...علما بأن الهوية لا تختصر في شخص .

مرة رابعة أعود للسؤال ..هل أنا أردني ؟

طاهر المصري عبر عن الهوية الأردنية في إطار ما يعرف بالهوية المركبة ، بمعنى أنه فلسطيني الأصل من نابلس ومن عائلة عريقة ، وفلسطين شكلت هويته الأم ، لكن الأردن شكل لديه هوية (الحياة) ، شكل لديه (المعاش) ..وشكل نمطه الإجتماعي ، والهوية المركبة ...تختلط فيها الثقافات واللهجات لا تتناقض مع بعضها بل تشكل حالة ثراء ، المجتمع الأمريكي كله بني على الهويات المركبة ...مجتمعات اسيا ماليزيا وأندونيسيا بنيت على هذا النمط أيضا ...ثمة يعتقد أن الهوية المركبة تتناقض مع الهوية (النقية) ، وهذا الأمر ثبت بطلانه .فصاحب كتاب الهويات القاتلة (أمين معلوف) هو نتاج الهوية المركبة ..المارونية – الفرانكفونية ...اللبنانية – الفرنسية ...طاهر المصري هو أكثر من عبر عن الهوية بوضوح تام دون أن يوظف لغة المكاسب فيها .

مرة خامسة أعود إلى سؤال الهوية ...هل أنا أردني ؟

ثمة أطراف أخرى نسفت مفهوم الهوية ، وأقحمته في التجارة ...مثلا قبل فترة أطل أحدهم ...على شاشة التلفاز وقال أن الملك عبدالله الأول طالب برهن سيفه لوالد المتحدث لقاء مبلغ مالي لكن – الوالد وعلى حد زعمه – رفض الأمر بحجة أن السيف الهاشمي لايرهن ...هذه الأطراف تعتقد أن الهوية منتج ، أو شركة ، أو ربما قرض بنكي بفوائد مخفضة ، أو وكالة سيارات ..,هذه الأطراف حاضرة بقوة في المشهد ولها تأثيرها ونفوذها المالي والسياسي .

مرة سادسة أطرح السؤال ..هل أنا أردني ؟

هناك طرف لا يمثل شخصا بل يمثل منهجا ، تعبر عنه مؤسسات (الأن جي أوز) ...وهذا الطرف يؤمن بعدم وجود الهوية تماما ، يؤمن بأن الأردن مزيج من أعراق وساحة مفتوحة ، ويجب أن يخضع للغرب ثقافيا وماليا ..ويجب أن يتحرر من القيم العشائرية ، هذا التيار ينفذ للمجتمع من طرقه لقضايا المرأة والطفل والحقوق المنقوصة ، وهو تيار نشط ويلقى رعاية رسمية ، هو يمثل (الكمبرادور) ..أو كما كان يقول الراحل ناهض حتر ( الكولونيالية) ..أي الإستعمار الجديد ولكن ليس بالطرق العسكرية .

أخر سؤال أطرحه ..هل أنا أردني .

بحسب مدارس الهوية الموجودة لدينا ، أنا لست أردنيا ..لأني لا أقع على قياس أي (مسطرة) من المطروح ..ولكني أتفق مع حقيقة أن الهوية الأردنية أصبحت ضحية ..تتجاذبها التيارات الموجودة على الساحة تبعا لمصالحها ، والهوية الأردنية صار تعريفها حكرا على الأفراد ، وصارت حديثا وليست سلوكا أو فعلا اجتماعيا ، سياسيا ، ثقافيا .....

إن ما دفعني لسرد هذا البوح ، هو الذين تناولوا معركة رئاسة النواب مؤخرا في كتاباتهم...ومحاولة البعض أن يختصر الهوية في شخص ، وهذا الأمر يعتبر تسخيفا وشطبا تاما للهوية الوطنية الأردنية ، ومادفعني أيضا هو قيام بعض (المتسلقين) أيضا بمحاولة وضع الهوية في صدام مع حركات المقاومة، وتصوير تلك الحركات بأنها خطر على الهوية ....وما دفعني أيضاً، هو أن يستغل البعض أصوله الشرق أردنية.. ولا أقصد هويته الأردنية، لأن هنالك فوارق كبيرة في التعريف.. بين الأصل والهوية، وهذا خطأ وقع فيها كل الذين حاولوا تعريف الهوية.. يستغل الأصول في محاولة اختطاف الدولة له وحده، واختطاف القرار.. وتصوير الاخر بالعدو والخطر.

نحن للآن ليس لدينا تعريف نتفق عليه جميعاً.. ونحن للآن لا نملك أدوات للتعبير عن هويتنا، بعضنا يعبر عنها عبر الجيش.. بعضنا يعبر عنها عبر العشيرة، بعضنا صار يختصرها بالعقال والشماغ.. وكل تلك التعريفات هي مجتزأة وليست كاملة.

أعود إلى سؤال الهوية: هل أنا أردني، كل الذين يتحدثون عن الهوية الأردنية أخرجوني من مظلتها، فأنا بحسب ما يقال لست أردنياً، ببساطة لأني لا أتطابق مع أي (مسطرة) من المطروح.

ما نحتاجه الان ..هو مؤتمر وطني، يقدم تعريفا واضحا للدولة عن معنى الهوية الأردنية، لأن الهوية هي من تصنع الوطن والدولة والمسار، الدول لا تصنع هوية أبداً..

لقد صارت الهوية الأردنية ضحية مصالح وتجاذبات.. أكثر منها حالة باعثة للإنجاز والدفاع عن المشروع والدولة.

مدار الساعة ـ