أخبار الأردن اقتصاديات دوليات وفيات برلمانيات وظائف للأردنيين أحزاب مجتمع أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مقالات مختارة جاهات واعراس مستثمرون شهادة الموقف مناسبات جامعات بنوك وشركات خليجيات مغاربيات دين اخبار خفيفة ثقافة رياضة سياحة صحة وأسرة تكنولوجيا طقس اليوم

تغيرت المنطقة والثابت فلسطين


د.محمد يونس العبادي
كاتب وأكاديمي أردني

تغيرت المنطقة والثابت فلسطين

د.محمد يونس العبادي
د.محمد يونس العبادي
كاتب وأكاديمي أردني
مدار الساعة (الرأي الأردنية) ـ

تغير وجه المنطقة، منذ السابع من أكتوبر، وإذا ما كانت فلسطين القضية ثابتا في المنطقة، وحقوق أهلها هي اللبنة للاستقرار فإن ما دار في فلك القضية كثير من متغيرات على مدار عقود مضت.

إلا أن التغيير الأكبر منذ عامين، كان أفول المشروع الإيراني، الذي قام على روافع ومفاهيم تصدير الثورة، وتسخير الثروة الإيرانية لخدمة هذا التوجه، وإن كان قد تغطى هذا المشروع بشعارات مشروعة إلا أنه استخدم ما هو غير مشروع بالعبث بديموغرافية المنطقة، وخلص أذرع كحزب الله، الذي دخل سوريا دون مراعاة لأهلها وأصبح طرفاً في أزمتها.

وبالتزامن، كان الحديث الإيراني مستفزا لمشاعر العرب بأن (4) عواصم عربية كانت تدار من طهران، في عنوان لم يكن يتناسب مع الجيرة وعناوين التاريخ والجغرافيا، واليوم نرى ما يقوله كثير ممن وجدوا أن النفوذ الإيراني قد تجاوز حدود الصالح العام، إلى البحث عن المصالح بأي ثمن، فاستهلك المشروع نفسه في شعارات بات تدويرها وتسويقها صعب!.

ولذا فالسؤال اليوم، هل هزم المشروع الإيراني إلى غير عودة، بعد اغتيال نصر الله في لبنان، وسقوط نظام الأسد في سوريا، وتراجع التأييد واقتصاره على ألوان مذهبية، علمنا التاريخ أنها لا تطول في منطقتنا، وأن التوظيف لهذه الورقة، يحرق دوماً من يعبث بها، لذا فهزيمة المشروع حملت بذورها إلى أن أصبحت قصيرة الأذرع.

فما دعمته إيران كان نقيض الدولة الوطنية في المشرق العربي، وحمل سمات مذهبية حاولت هدم قواعد البنية الوطنية لصالح التلوين الطائفي في لحظة حرجة، بعد سقوط بغداد وردة الفعل العنيفة التي تغذت على مشاعر التغيرات انذاك، وكان جر المشروع إلى هذه الخانة باعتقاد المنظرين له يزيده قوة، غير أن القائمين عليه لم يعوا أن ردة الفعل هي باتجاه ترميم الذات الوطنية لأنها حملت في الذاكرة لحظات الاستقلال، والبذل الصادق للمنطقة وإنسانها على حساب "التطييف" السني الشيعي وغيره.

لذا فالمشروع هزم وما جرى بعد السابع من أكتوبر هو فقط وضعه باختبار كشف بأنه واهن، خاصة وأن الخطاب التعبوي المنفلت كان نموذجاً غير قابل للاستمرار مقابل نماذج التنمية ورعاية الإنسان ودول المواطنة.

ومثالًا ما جرى في سوريا، حيث الأحداث تطوع القائمين صوب وطنية الدولة وترميم هذه القاعدة، وفي لبنان فإن الطائفية كانت سياسية ولم تكن يوماً منقادة لمذهب بالمطلق، على خلاف ما حاولت إيران بناءه، خاصة أن لكل طائفة ثورتها وتهدأ، فتعامل اللبنانيون مع حزب الله كثورة شيعية آن لها ان تهدأ.

وفي العراق تتشكل إرهاصات أو مقاربات جديدة توازن بين الحفاظ على الدولة وعدم الانجرار وراء شعارات لم توصل إنسان هذه المنطقة لأمانيه.

لقد تغيرت المنطقة.. وبات ما تبقى من مشروع إيران يترنح، حتى أنه أصبح أكثر انتقاداً لذاته، حين تسمع أصوات تتحدث عن صرف ثروات البلد على مشروع لم يقر على الصمود برغم كثافة الدعم.

وفي الأردن تأذينا كثيراً من تبعات هذا المشروع، بما حمله من تحريض نظام الأسد على حقوقنا، وما تركه من تداعيات إنسانية، وتهريب عبر الحدود، وخلق تصنيفات تتذرع بفلسطين، وتنحاز لبوصلة طهران..

واليوم، من جديد تفرز المنطقة المتعبة ما تريد بوعي، والمتغيرات كثر .. ولكن الثابت أن فلسطين ليست شعاراً بقدر ما هي حق، وهذا في كل مرة ما يثبت، حيث كثيراً ما عبر التاريخ عن خيبات، ولكنه أفرز الجيد النافع، من غير النافع.

مدار الساعة (الرأي الأردنية) ـ