أخبار الأردن اقتصاديات دوليات برلمانيات وفيات أحزاب مجتمع وظائف للأردنيين مقالات مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية الموقف مناسبات جاهات واعراس مستثمرون شهادة جامعات دين بنوك وشركات خليجيات مغاربيات ثقافة رياضة اخبار خفيفة سياحة صحة وأسرة تكنولوجيا طقس اليوم

العايش تكتب: ارحموا قلوب الأطفال.. دعوهم يعيشون طفولتهم قبل أن يسرقها التعب


رندا سليمان العايش
باحثة تربوية ومديرة مركز الريان للترجمة وخدمات البحث

العايش تكتب: ارحموا قلوب الأطفال.. دعوهم يعيشون طفولتهم قبل أن يسرقها التعب

رندا سليمان العايش
رندا سليمان العايش
باحثة تربوية ومديرة مركز الريان للترجمة وخدمات البحث
مدار الساعة ـ

أيّها الآباء والمعلمون...

توقّفوا قليلًا وتأمّلوا وجوه أبنائكم الصغار حين يخرجون مع الصباح الباكر،

حقائبهم أثقل من أجسادهم الصغيرة، وعيونهم تبحث عن لحظة راحة، أو عن فجرٍ لم يكتمل نومه بعد.

يذهبون إلى المدرسة كأنهم في سباقٍ لا نهاية له،

ويعودون متعبين من يومٍ مزدحمٍ بالحصص والواجبات والأنشطة والدروس الخصوصية والمراكز التعليمية.

ثمّ ماذا بعد؟

يأكل الطفل على عجل، ويُستنزف من جديد في متابعة تقييمٍ أو إنجاز واجب،

ويُطالَب بالتحصيل والتركيز والانضباط… حتى يغفو منهكًا، لا ليرتاح، بل ليتهيّأ لجولةٍ جديدة في اليوم التالي!

أين الطفولة في كل هذا الزحام؟

أين المساحة التي تُترك للدهشة، للّعب، للضحك العفوي، وللركض بلا هدفٍ سوى الفرح؟

لقد تحوّلت أيام أطفالنا إلى جداول صارمة، ومواعيد مزدحمة، وواجباتٍ لا تعرف الرحمة.

وبات الطفل يعيش تحت ضغطٍ يوميٍّ لا يليق بعمره، وكأنّه رجلٌ صغير يحمل همّ العالم فوق كتفيه.

أيّها المربّون والآباء…

الطفل لا يحتاج دائمًا إلى المزيد من الدروس، بل إلى المزيد من الحُبّ.

لا يحتاج إلى جداول مضغوطة بقدر ما يحتاج إلى مساحاتٍ حرةٍ ينمو فيها بذاته.

في التربية الحديثة، نؤمن أن التعلّم الحقيقي لا يزدهر إلا في بيئةٍ يشعر فيها الطفل بالأمان النفسي،

وأن اللعب ليس ترفًا، بل هو وسيلة نموٍّ معرفيٍّ وانفعاليٍّ لا تُعوّض.

دعوا الأطفال يعيشون أعمارهم كما ينبغي؛

دعوا لأرواحهم الصغيرة فرصة أن تتنفس، أن تخطئ وتتعلم، أن تحلم وتكتشف.

فما قيمة التفوق إن جاء على حساب السعادة؟

وما جدوى الحفظ إن أطفأ فيهم نور الفضول؟

ارحموهم…

فالأجيال لا تُبنى بالتعب، بل تُصنع بالحبّ، وبوعيٍ تربويٍّ يدرك أن التعليم رسالة،

وأن الطفولة ليست مرحلة تُختصر، بل هي اللبنة الأولى في بناء إنسانٍ متوازنٍ، مبدعٍ، وواثقٍ من نفسه.

فلنكن جميعًا رحماء بأطفالنا،

فهم ليسوا صُنّاع علامات، بل بُناة أحلامٍ تنتظر أن تجد فينا من يُؤمن بها.

مدار الساعة ـ