أخبار الأردن اقتصاديات دوليات وفيات برلمانيات أحزاب مجتمع وظائف للأردنيين تبليغات قضائية مقالات مقالات مختارة أسرار ومجالس الموقف مناسبات جاهات واعراس مستثمرون شهادة جامعات خليجيات مغاربيات دين بنوك وشركات اخبار خفيفة ثقافة رياضة سياحة صحة وأسرة تكنولوجيا طقس اليوم

عبدالهادي راجي يطلب: إنتاج طبقة سياسية جديدة وشطب الحالية


عبدالهادي راجي المجالي
abdelhadi18@yahoo.com

عبدالهادي راجي يطلب: إنتاج طبقة سياسية جديدة وشطب الحالية

مدار الساعة ـ

..... كلما عبرت المنطقة من أزمة، وادعى البعض أن دورنا فيها كان ثانويا، نكرر ذات الخطاب وذات المفردات ..( الإنعطاف نحو الداخل ) ، صرت أشعر أن الأردن كل المشاكل فيه ستحل إذا غيرنا البوصلة باتجاه الداخل ، هل هذا يعني مثلا أن بوصلتنا الخارجية كانت خاطئة ...؟

المشكلة أن من يصدر هذا الخطاب هم (كتاب السلطة) ، ومنظريها ...وبالتالي على الشعب أن يستمع لهذه الفتوى الوطنية ويتجه للداخل .

بدلا من الإتجاه للداخل الاصل أن نعقد جلسة مراجعة ، كي نقيم الموقف الأردني خلال الحرب الأخيرة ، الأصل أن تجلس الحكومة مع الناس والفعاليات الشعبية والسياسية ، وأن نجري عصفا فكريا لموقفنا ...أين أصبنا ؟ وأين ظلمنا ؟ ومن هم الذين حملت الدولة روايتهم ؟ ..ومن هم الذين حاولوا التماهي مع مواقف دول أخرى ، على حساب الموقف الوطني .

الملك قدم في أزمة (غ ز ة ) أداءا مهما ، عرى ( إ س ر ائ يل ) تماما ، كان المطلوب منه ( النجاة) بالأردن وتخفيف أثر تلك الأزمة على الإقتصاد والدولة والناس..لكنه قفز إلى ما هو أبعد من النجاة ، وقدم خطاب مواجهة مع الكيان.. سؤال المحدد هل وجد روافع وطنية إعلامية أو سياسية تحمل هذا الموقف ؟ ...

هل يوجد منظر حقيقي للدولة الأردنية استطاع أن يطل على فضائيات الأشقاء، ويقدم خطاب الملك في إطاره الحقيقي وهو المواجهة، المنظرون الموجودون على الساحة، والذين أنتجتهم مؤسسات الدولة وحملوا وجهة نظر مغايرة لمزاج الناس، واعتقدت بعض مسننات القرار أن لهم تأثيرا مهما على الساحة، أغلبهم توارى عن الأنظار بعد انتهاء الحرب، وكل صار يغطي عورته الوطنية بالإنسحاب ...هؤلاء للأسف كانوا يطلون على بعض الفضائيات فقط لخدمة سياسة القناة التي يطل عليها وليس لخدمة الدولة أو الموقف الشعبي.

قلت الملك قدم خطاب مواجهة حين وصف القيادات الإسرائيلية بالتطرف ، وقال إن هدفهم البقاء في السلطة، وبرر سبب عدم الثقة بهم..لم يجرؤ أي زعيم عربي على تقديم هذا الخطاب، هل كان لدينا إعلام يستطيع أن يروج هذا الخطاب عالميا؟

أنا لا أريد الإنعطاف للداخل، أنا أريد أن تقدم الدولة والمؤسسات تقييما حقيقيا لأداء السياسة الأردنية في تلك الفترة.. أريد أن تقدم قراءة عميقة وتقييما صحيحا، وهل كنا خلف الستارة أم مع المتفرجين أم على المسرح ..

حين فشلت الأرجنتين في الحفاظ على جزر (فوكلند) ، قدمت هذا الخطاب الإنعطاف نحو الداخل ، وكان خطابا لتجاوز الخسارة ، وحين انهار الجيش العراقي في العام (91) ، برز ما يسمى الحملات الإيمانية.. ومواجهة الحصار ، والإنعطاف نحو الداخل ، وحين أخفقت إيران في الإنتصار بعد حرب الـ (8) أعوام أنتجت ما يسمى بسياسات الإصلاح وترميم الثورة.. وطرحت قصة الإنعطاف نحود الداخل .

نحن لم نخسر، قدمنا ما يجب أن نقدمه.. وما فعله وزير الخارجية الأردني فاق توقعات العرب أنفسهم ، ولقاء الملك الأخير كان يحمل خطاب مواجهة ، وتعرية للكيان... وقد فهمت منه أن العلاقة مع هذا الكيان باتت مستحيلة، إذا لماذا الإنعطاف نحو الداخل؟

في مصر سارت الدولة في لحظة خلف هيكل، كان منظر الناصرية ومصنع القرار ..هيكل كانت علاقاته تتعدى المحيط العربي، هو الوحيد الذي كان يفهم (كيسنجر) والوحيد الذي يدخن السيجار الكوبي مع (كينيدي)، والوحيد الذي يستقبله ( ميتران) بحفاوة ... هو الذي كتب خريف الغضب، وحذر السادات من المسارات التي ينتهجها.. كتب الجزء الأكبر منه في السجن ، هيكل كان منظر الدولة المصرية ومرجعية القرار فيها ....قطر حين اشترت أرشيفه ، كانت تدرك أهميته ..لكنها بدلا من انتاج الشخص أنتجت مؤسسة اسمها الجزيرة ، وهي من روجت للدور القطري ..وأعطت شكلا اخر للإعلام يتجاوز الحقيقة، إلى تحريك الشعوب ذاتها باتجاه الحقيقة...

في الأردن ماذا أنتجنا ...صحفنا مهترئة ، الرأي التي كانت تمارس دور الدفاع عن الدولة ، تركت في حالة قلق.. التلفاز الأردني هو الاخر ترك لكل متدرب في الصحافة كي يتعلم فنون الهجوم والردح عبر الكتابة عنه، محطة المملكة صارت نخبوية لدرجة.. أنني صرت أشعر أنه لا ضير إن قام الضيوف فيها بتدخين السيجار على الهواء مباشرة ...

ماذا أنتجنا كي نحمل رؤية الملك، وندافع عن أنفسنا.. هو وحده وزير الخارجية الذي استطاع أن ينتج خطابا، خارجا عن المألوف، خطابا مقاتلا عبر توجيه مباشر من الملك ، لكن حتى وزير الخارجية – وللأسف- هاجمه كتاب السيجار ، والسفارات وقالوا عنه : أنه يحمل الدولة عبئا ، وعليه أن يخفف من لهجته.

نحن نغتال كل أشكال الوعي والوطنية ، نحن نغتال القلم إن لم يسر على خطى (النخبة اليسارية التائبة التي تسللت للقرار)، نحن نشيطن الصوت الوطني إن لم يكن له مسطرة خاصة يسير عليها بحسب هوى المفاتيح والمفاصل، نحن تارة نرفع أسماء عشائرنا ونذكر بوصفي وحابس ونجعل أولادنا يرتدون شماغهم الأحمر ..حين تندلع مسيرة هنا أو هناك، في ذات الوقت يخرج وزير الداخلية بمبادرة هي في ظاهرها إصلاح وفي باطنها ، نسف للسلوك الإجتماعي العشائري، ومحاولة من الدولة لإنتاج أخلاق للشعب.. والمشكلة أننا نصفق للمبادرة ، ونقبل على مضض أن تدان العشيرة وأن يدان السلوك العشائري.

الانعطاف نحو الداخل.. يطرحون هذا الطرح، كأننا عجينة تشكل بحسب أهواء من ينتجون الدراسات المجتمعية وقياسات أمزجة الرأي العام في (البزنس بارك) الانعطاف نحو الداخل..كأننا قافلة وثمة من يوجهها في عرض الصحراء وعلى القافلة أن توصل الحمولة.

وفي النهاية علينا أن نعترف أن كل الذين حاولوا أن يحرفوا بوصلة الشعب باتجاه إدانة ( ال م ق ا و مة ) فشلوا ، والمشكلة أنهم الان يطالبون بالإنعطاف نحو الداخل.. هذه البلد تغيب فيه المساءلة، ويغيب فيه التقييم ..كيف إذا سنسير نحو المستقبل إن لم نقيم سلوكنا في الأزمات؟

في العالم حين يتعب الاقتصاد وتتعب السياسة، ويتعب الشعب يكون الحل بسحق الطبقات الانتهازية في مسارات السياسة والإعلام، واستبدالهم تماما...أنا لا أقوم بمغامرة كتابية إن قلت لكم أن الحل في الأردن يكمن: بإنتاج طبقة سياسية جديدة، وشطب الحالية تماما... الحل في الأردن يكمن بأن نفهم: أن الإعلام يحتاج للعقول والوعي ولا يحتاج لمن ينفذون إرادة مؤسسات الدولة ...

لم أشعر في حياتي بالضياع مثل شعوري الحالي، نحن ضائعون.. تركونا للهواة وتركونا للرغبات ، وتركونا للتجريب فقط..

لكني سأبقى أردد دائما وأبدا

عاش الملك

وحمى الله الأردن

مدار الساعة ـ