أخبار الأردن اقتصاديات دوليات برلمانيات وفيات مجتمع وظائف للأردنيين أحزاب أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مقالات مختارة جاهات واعراس مستثمرون شهادة الموقف مناسبات جامعات بنوك وشركات خليجيات مغاربيات دين اخبار خفيفة ثقافة رياضة سياحة صحة وأسرة تكنولوجيا طقس اليوم

العتوم يكتب: 100 عام على بزوغ شمس (التعاون الروسي)


د. حسام العتوم

العتوم يكتب: 100 عام على بزوغ شمس (التعاون الروسي)

مدار الساعة ـ

بتاريخ 26 أكتوبر 2025 احتفلت العاصمة الروسية الجميلة موسكو بمرور مائة عام على تأسيس مؤسسة (التعاون الروسي) ، واختارت منطقة موسكو – سيتي حيث ناطحات السحاب مكانا لعقد جلساتها على مدى ثلاثة أيام، شكل اليوم الأول للنشاط السياسي والفني وبحجم ضخم تجاوز 2000 مشارك يليق بالمناسبة، وتم دعوة 112 دولة مثلتهم كوكبة من الخريجين الأجانب لروسيا الاتحادية والناطقين باللغة الروسية وغيرهم الناطقين بالانجليزية والذين يزورون موسكو أول مرة. ومؤسسة (روسكي – مير) أسسها الاتحاد السوفيتي، وهدف مبكرا لنشر اللغة الروسية، والعلوم والمعارف، وإلى تبادل الخبرات الدولية، وإلى حوار الشعوب والثقافات والحضارات، ولمنع نشوب الحروب وفي مقدمتها الكبيرة إلى الأمام خاصة بعد استخدام الولايات المتحدة الأمريكية للسلاح النووي ضد اليابان عام 1945، واختراع الاتحاد السوفيتي للسلاح النووي لغايات التوازن العسكري والردع، وهو الذي لم يستخدم حتى الساعة رغم تغير الاستراتيجية العسكرية في الزمن الروسي وبعد مسافات زمنية من انهيار الاتحاد السوفيتي حيث تم اعتبار الحرب التقليدية المكثفة والنووية ضد روسيا يتوجب الرد عليها بالسلاح النووي وفورا.

ولقد قال يفغيني بريماكوف الحفيد الرئيس التنفيذي في موسكو بتاريخ 27 أكتوبر بأن مؤسسة (التعاون الروسي) المؤسسة قبل مائتي عام، أي عام 1925 سوف تحتفل بمرور مائتين عام بعد مائة عام، عام 3025 بشخصيات جديدة، وهو الذي يدير المؤسسة منذ عام 2020، وهو الأمر الذي يؤشر على محافظة روسيا على أمن العالم، ولقد قالها لي رائد الفضاء المنغولي بطل الاتحاد السوفيتي قيراقا جوقيرديميد ردا على سؤالي له، بأن الكرة الأرضية تبدو من مسافات بعيدة كرة مشعة، والواجب المحافظة عليها. وكما يعتقد حلف (الناتو) بأنه يملك قوة نووية عملاقة قادرة على الاضرار بالجانب المنافس، فإن روسيا الاتحادية وحدها تملك قوة نار نووية تفوق قدرات حلف (الناتو) . ومع هذا وذاك، وبحضور الخط الساخن بينهما، فإن خيار السلام هو المطلوب للمحافظة على الكرة الأرضية والبشرية البالغ تعدادها نحو 9 مليارات إنسان.

يقود مؤسسة التعاون الروسي منذ عام 2008 الرئيس فلاديمير بوتين، ويساعد بريماكوف، بافل شيفتسوف، والدكتور فاديم زايجيكوف، وهي مؤسسة متطورة ومزدهرة، وقادرة على استقطاب الكوادر العالمية النشطة، المساندة لروسيا، والمنصفة لها في السلم وفي مواجهة الحروب التي تفرض عليها، وهي ناشرة للغة الروسية، و مواجهة للفوبيا الروسية الهادفة لتخويف العالم من روسيا عبر رهاب غير مبرر. والتعاون الروسي إلى جانب مؤسسات عديدة أخرى مثل (روسكي – مير) ، و( بريماكوف) تشكل جبهة سياسية، وإعلامية، ودبلوماسية شعبية.و تحقق نجاحات كبيرة ملاحظة على المستوى العالمي.

لقد زار المشاركون في المئوية الأولى لمؤسسة (التعاون الروسي) المسرح الكبير (البلشوي) المدهش، والذي عكس تاريخ بناؤه حضور القياصرة، وجوزيف ستالين، والرئيس بوتين إلى داخله. وتطور أعماله من القطاع الخاص إلى العام الحكومي، وإلى العملقة، والتحول لمركز فني كبير جدا وسط العاصمة موسكو. كما زاروا متحف (النصر) في الحرب العالمية الثانية، وهو المتحف العملاق والمعبر بصدق عن تاريخ النصر والشهداء البالغ تعدادهم حوالي 28 مليون شهيدا سوفيتيا. ووضع المشاركون الورود أمام صرح الشهداء بحضور الرئيس التنفيذي بريماكوف وسط أجواء عبرت عن رهبة الحرب ونشوة النصر السوفيتي الكبير على النازية الألمانية المسخة. ولقد خطر ببالي أن أشاهد متحفا شبيها له يتحدث عن سيرة المجد والخلود لشهداء فلسطين العطرة في قطاع غزة، للتعبير عن حجم حرب الإبادة وبحجم مائة ألف شهيد التي تعرض لها شعب فلسطين ولازالت مستمرة رغم توقيع السلام الواجب أن يرتبط بلجم الاحتلال الإسرائيلي وإعادته إلى حدود الرابع من حزيران لعام 1967، وحتى تقوم الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس. وبالمناسبة القوميون العرب يعتبرون كل فلسطين بما في ذلك التاريخية فلسطين الواجب أن تحرر بالسلم أو الحرب، وهو مشروع بعيد المدى يحتاج للوحدة وامتلاك القوة ومعاهدات الدفاع المشترك.

مؤسسة (التعاون الروسي) أظهرت كما غيرها من المؤسسات الفكرية، والإعلامية، والسياسية، والاجتماعية، والدبلوماسية بأن روسيا ليست في عزلة وإنما انفتاح على العالم وكبير. وبأن أحادية القطب في طريقه للأندماج في تعددية الاقطاب ولا أقول هنا لأندثاره بسرعة. ولم يعد المكان يتسع في العالم لبقاء التغول والهيمنة في زمن الحاجة للتوازن العالمي والعدالة والمساواه. وأن يسود القانون الدولي ولا يجوز القفز على أسواره أو اختراقه. وكل الحروب التي يشهدها العالم مصدرها أحادية القطب، والكوابح المانعة للحروب سببها التوجه صوب تعددية الأقطاب بقيادة روسيا الاتحادية وبالارتكاز على فكر المفكر الروسي الكبير الكسندر دوغين، وديفيد كامبف، وديل أولتون، وديليب خيرو، وفابيو بيتيتو. وكتابي الرابع في السياسة الروسية والدولية (إشراقة عالم متعدد الاقطاب) الصادر عام 2024، وكتب تقدمته دولة السيد أحمد عبيدات تحدث عن ذلك. ولقد كتب عبيدات قائلا : (إلا أن صحوة جديدة تمثلت بسيطرة فلاديمير بوتين وفريقه على زمام السلطة قلب موازين القوى، ومن هنا بدأت تتضح ملامح نظام عالمي متعدد الاقطاب، ووضع حد لحالة أحادية القطب التي صنعتها الولايات المتحدة لنفسها وأساءت استغلالها بكل المقاييس) .

أذكر هنا، أن أول رئيس لمؤسسة التعاون الروسي في العهد السوفيتي ومنذ انطلاقتها كانت السيدة – أولقا كامينوفا – شقيقة لفا تروتسكوفا -، وتعاون معها في تحمل مسؤولية العمل (مايكوفسكي، وإيزينشتاين، شولوخوف، شستوكوفيج، وبروكفيوف) . وبجهد بوكس (التعاون) وهي المؤسسة التي حملت عدة أسماء، وتحول عملها في الأعوام 1958 و1994 و2008، تم إستقطاب أعداد كبيرة من الأجانب إلى داخل الاتحاد السوفيتي وبعد ذلك إلى روسيا نفسها إلى الأمام. وليس صحيحا أن روسيا اليوم تعاني من العزلة الدولية كما يشاع في العاصمة (كييف) وفي عواصم الغرب بسبب الحرب الأوكرانية شيوعا التي بدأت من طرفهم وليس من الطرف الروسي، والحراك اللوجستي الغربي الذي تقدمه البريطاني والأمريكي وسط الثورات البرتقالية الأوكرانية بقيادة التيار البنديري المتطرف، وبعد ذلك وسط انقلاب (كييف) الدموي عام 2014 خير شاهد. وبالمناسبة روسيا زعيمة الاتحاد السوفيتي قدمت لأوكرانيا إمكانية الاستقلال طوعا عن الاتحاد السوفيتي تحت مظلة اتفاقية تفكيك الاتحاد التي نصت على عدم جواز تحالف الدول المستقلة مع تحالفات معادية مثل (الناتو) ، ومنحت أوكرانيا القرم والدونباس الروسيين في الأصل، ثم قررت روسيا تحريك صناديق الاقتراع أولا لمواجهة محاولة الضم القسري لشرق أوكرانيا وسكانها الأصليين الرافضين للانقلاب وجلهم من الروس والأوكران. وبعدها صوتت روسيا وليس الرئيس بوتين وحده على تحريك العملية العسكرية الخاصة بتاريخ 24 شباط 2022، وتمكنت من تحرير 5000 كلم وحوالي 300 بلدة وسط شرق وأوكرانيا وجنوبها، ولم تتمكن العاصمة (كييف) ومعها عواصم الغرب الخمسين كاملة من تحرير شبر واحد على مدى أكثر من ثلاث سنوات.

مدار الساعة ـ