أخبار الأردن اقتصاديات دوليات برلمانيات وفيات أحزاب مجتمع وظائف للأردنيين مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات الموقف مناسبات جاهات واعراس مستثمرون شهادة جامعات بنوك وشركات خليجيات مغاربيات دين ثقافة رياضة اخبار خفيفة سياحة صحة وأسرة تكنولوجيا طقس اليوم

النوايا الخبيثة


د. صلاح العبادي
صحفي أردني

النوايا الخبيثة

د. صلاح العبادي
د. صلاح العبادي
صحفي أردني
مدار الساعة (الرأي الأردنية) ـ

لبنان يتصدر واجهة الأخبار والعناوين وبقوّة، وهو الذي لم يغب عنها فعليًا. لكنّ الأمل بدأ يتراجع في الوصول إلى اتفاقٍ أو تقدمٍ فيما يتعلق بنزعِ سلاحِ حزب الله وحسم الملف الذي بات معقدًا وأشبه بدائرةٍ مفرغة.

كما أن تصاعد التهديدات الإسرائيليّة ضدّ حزب الله يضع لبنان أمام اختبارٍ جديد. فإسرائيل تواصلُ التواجدَ في النقاط التي يفترض أن تنسحب منها، وحزب الله يرفض التخلي عن سلاحه والحكومة اللبنانيّة لم تنجز الكثير، وواشنطن تحثها على التحرك سريعًا لإغلاق هذا الملف.

بينما يكون الحديث عن التصعيد العسكري الإسرائيلي اليومي، والتلويح بضرب بيروت إذا ما شن حزب الله هجماتٍ على شمال إسرائيل. الجيش الإسرائيلي خلال الأيام الماضية شنَ سلسلة من الغارات استهدفت بلدة النبطية بعد توغلِ قواته في منطقة كروم المرح على أطراف بلدة ميس الجبل.

قبل أيام ٍ قليلةٍ، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وفي نواياه الخبيثة كان قد هدّد بأنّه لن يسمح بأن يتحول لبنان إلى جبهة جديدة ضدها، وأنّ حزب الله يحاولُ إعادة التسلّحِ والتعافي، وهي تصريحات تأتي في سياق السرديّة الإسرائيليّة بعيدًا عن الأدلة والبراهين التي كان عليه أن يقدّمها إلى اللجنة المعنية في بيروت.

كما حذر وزير الدفاع الإسرائيلي إيسرائيل كاتس بأنّ الجيش سيكثف الهجمات ضد حزب الله في جنوب لبنان. وقال إن حزب الله يلعب بالنار، واتهم الرئيس اللبناني بالمماطلة، وطالب الحكومة اللبنانيّة بنزعِ سلاح حزب الله واخراجه من جنوب لبنان. فيما ردّت الحكومة اللبنانيّة بتمسكها بفرض السيادة على كامل الأراضي، ودعت الدول العربيّة للضغط على المجتمع الدولي لالزام إسرائيل بالاتفاق والإنسحاب من الأراضي التي احتلتها في الجنوب.

كاتس وفي مقابلة مع القناة الرابعة عشرة حذرَ أيضًا من أنّ إسرائيل ستتعامل مع أي تهديد، مشيرًا إلى أنّ المبعوثين الأمريكيين أبلغوا الحكومة اللبنانيّة بذلك.

يبدو بأنّ تصريحات نتنياهو وكاتس ليست مجرد تهديدات كلامية، فهي تحمل نوايا خبيثة ومبيتة ضد لبنان.

صحيفة معاريف الإسرائيليّة كشفت بأنّ الجيش الإسرائيلي يستعدُ لسيناريوهات متعددة على الجبهة الشماليّة مع لبنان، تزامنًا مع رصد نشاط متزايد لحزب الله في عدة مناطق لبنانيّة، من بينها شمال الليطاني والبقاع وجنوب بيروت، - حسب مزاعمها-.

وقالت القناة الثانية عشرة بأنّ إسرائيل تتأهب لاحتمال التصعيد مع حزب الله في الأيام المقبلة، وأنّ ذروة التوتر في جبهة الشمال ستكون بعد شهرٍ من الآن؛ عند إنتهاء مهلة نزع سلاح حزب الله في جنوب الليطاني.

أمّا في الداخل اللبناني، فالجميع يستشعر الخطر. أمرٌ عكسته تصريحات الرئيس اللبناني جوزيف عون أول أمس بأنّه لا يوجد خيار أمام لبنان إلا التفاوض. عون أكّد بأنّ التفاوض يكون مع العدو وليس الصديق. وشدد على أنّ لغة التفاوض أهم من لغة الحرب التي شهدها لبنان، وأنّه ليس بالامكان محو تراكمات أربعين عاما بين ليلة وضحاها.

هذا القلق إنسحب أيضًا على تصريحات رئيس حزب القوات اللبنانيّة سمير جعجع الذي اتهم حزب الله بأنّه يجر لبنان وبيئة الحزب الحاضنة له إلى مزيدٍ من الدمار، من خلال تصرفاته ومواقفه أيضًا. وهنا يدور التساؤل حول مدى جدوى احتفاظ حزب الله بسلاحه؟

على الجانب الأمريكي، وردًا على التهديدات الإسرائيلية بتصعيد العمليات العسكرية في لبنان، فإنّ واشنطن تدعم جهود نزعِ سلاح حزب الله وغيره من التنظيمات غير الحكومية في لبنان. كما أنّ واشنطن تعتبر أنّ نزع السلاح شرطٌ أساسي لضمان السّلام والاستقرار في لبنان وفي جميع أنحاء المنطقة، إضافة إلى إنهاء أنشطة إيران عبّر وكلائها أيضًا.

المبعوث الأميركي السابق لدى لبنان آموس هوكستاين كان قد أشار في مقابلة تلفزيونية إلى أنّ المجتمع الدولي كان قد طالب بدعم عملية إعادة الإعمار في لبنان وعدم ترك الساحة إلى حزب الله وإيران.

أما الخارجية الإيرانيّة على لسان المتحدث باسمها إسماعيل بقائي ردت على كل ذلك وقالت: "من حق لبنان الدفاع عن نفسه والحفاظ على أمنه بوجه الاعتداءات الإسرائيليّة"، ودعت إلى حصول لبنان على الوسائل اللازمة لتحقيق ذلك.

في ضوء هذهِ الصورة والمعطيات في لبنان، فهل ستتحرك الحكومة اللبنانيّة ميدانيًا لحسم الملف قبل إنتهاء المهلة؟ وما هي السيناريوهات المطروحة؟ وهل رفعت واشنطن يدها عن الملف وتركت حرية التصرف لإسرائيل؟

وماذا وراء التهديدات الإسرائيليّة؟ وهل تُقدم تل أبيب على شن عمليةٍ عسكريةٍ واسعة في لبنان؟ وهل توسع إسرائيل هذهِ المرّة هجماتها في المناطق اللبنانيّة؟

ولماذا لا تقدّم إسرائيل أدلتها حول مزاعمها المتعلّقة بإعادة حزب الله تسليح نفسه؟

وهل تصعّد ضد الدولة اللبنانيّة وليس ضد حزب الله لا سيما بعد اتهام وزير الدفاع الإسرائيلي للرئيس اللبناني بالتلكؤ في تفكيك حزب الله ومصادرة سلاحه؟ فهل ستصل يد إسرائيل إلى أماكن أخرى متجاوزة حزب الله في الداخل اللبناني؟

هل يتجاهل حزب الله كل الإشارات والتحذيرات الدوليّة ويجرُّ لبنان إلى تصعيد عسكري جديد؟

وهل باتت الحرب قريبة؟!.

مدار الساعة (الرأي الأردنية) ـ