أخبار الأردن اقتصاديات دوليات وفيات برلمانيات أحزاب مجتمع وظائف للأردنيين أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مقالات مختارة مستثمرون شهادة الموقف مناسبات جاهات واعراس جامعات بنوك وشركات خليجيات مغاربيات دين اخبار خفيفة ثقافة رياضة سياحة صحة وأسرة تكنولوجيا طقس اليوم

السياحة التعليمية في الأردن: تعزيز الاقتصاد الوطني والتأثير الإقليمي من خلال التسويق الرقمي والتكنولوجي


الدكتور جاسم الغصاونه

السياحة التعليمية في الأردن: تعزيز الاقتصاد الوطني والتأثير الإقليمي من خلال التسويق الرقمي والتكنولوجي

مدار الساعة ـ

تُعدّ السياحة التعليمية من أهم الفرص الاستراتيجية التي يمكن للأردن استثمارها لتعزيز الاقتصاد الوطني وتنمية قطاع السياحة بشكل مستدام. فهي تمثل مزيجاً فريداً يجمع بين التعلم والتجربة الثقافية، وتفتح أمام المملكة آفاقاً لتصبح مركزاً إقليمياً للعلم والسياحة معاً. يمتلك الأردن جميع المقومات التي تؤهله لتبوّء موقع متقدم في هذا المجال، فهو يتميز بالاستقرار والأمن، وبنية تعليمية متطورة، وجامعات مرموقة تستقطب آلاف الطلبة العرب والأجانب سنوياً. إضافة إلى ذلك، توفر المواقع السياحية والأثرية الخلابة مثل البترا، البحر الميت، وادي رم، وجرش بيئة تعليمية ميدانية فريدة تجمع بين الدراسة النظرية والتجربة العملية.

تشير البيانات الرسمية إلى أن إجمالي الإيرادات السياحية في الأردن بلغ نحو 7.4 مليار دينار أردني في عام 2023، ومع افتراض أن السياحة التعليمية يمكن أن تمثل نحو 5% من هذا القطاع، فإن الإيرادات المحتملة تقترب من 370 مليون دينار سنوياً، مع الأخذ في الاعتبار أن الطلبة والزوار التعليميين ينفقون عادة ضعف ما ينفقه السائح التقليدي، ما يعني أن القطاع قادر على توليد نحو 700 مليون دينار سنوياً، ويضيف أكثر من مليار دينار للناتج المحلي الإجمالي عند احتساب الأثر الاقتصادي غير المباشر.

ويمكن أن يكون التسويق الرقمي والتكنولوجيا الحديثة عنصرين أساسيين لتعزيز هذا القطاع وزيادة الإيرادات. فالاستفادة من المنصات الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي تسهل الترويج للبرامج التعليمية والمخيمات الأكاديمية بين الطلاب الدوليين، وتتيح تقديم محتوى تفاعلي وتجارب افتراضية للمواقع السياحية، مما يشجع الطلاب على زيارة الأردن والمشاركة في برامج طويلة المدى. كما يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل بيانات الطلبة والزوار وتصميم برامج مخصصة تلبي اهتماماتهم، مما يزيد من نسبة الإقبال والإقامة، وبالتالي يرفع الإيرادات بشكل ملموس. إضافة لذلك، توفر التكنولوجيا أدوات لإدارة البرامج التعليمية بشكل احترافي، ومتابعة الجودة وتحسين التجربة الميدانية، ما يجعل السياحة التعليمية أكثر تنافسية وجاذبية على المستوى الدولي.

السياحة التعليمية لا تقتصر على الإيرادات المالية فحسب، بل تعزز القوة الناعمة للأردن، إذ تتحول التجربة التعليمية في المملكة إلى منصة لبناء السفراء الثقافيين في العالم، بما يسهم في رفع صورة الأردن كدولة آمنة ومثقفة ومنفتحة على العالم. كما يتيح هذا القطاع خلق فرص عمل نوعية للشباب الأردني في مجالات التدريب والإرشاد الأكاديمي والسياحة الذكية والتسويق الرقمي، ويعزز من جذب الاستثمارات الدولية والشراكات الأكاديمية مع الجامعات ومراكز البحث العالمية.

إن الاستثمار في السياحة التعليمية، مع دمج التسويق الرقمي والتكنولوجيا الحديثة، يمثل استثماراً مباشراً في الإنسان الأردني والاقتصاد الوطني والهوية الثقافية، ويضع المملكة على خارطة السياحة العالمية كوجهة تعليمية وثقافية رائدة، تدمج بين المعرفة والتجربة العملية وتخلق تأثيراً اقتصادياً واجتماعياً مستداماً يعكس طموح الأردن في المستقبل.

مدار الساعة ـ