أخبار الأردن اقتصاديات دوليات وفيات برلمانيات وظائف للأردنيين أحزاب مجتمع أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مقالات مختارة جاهات واعراس مستثمرون شهادة الموقف مناسبات جامعات بنوك وشركات خليجيات مغاربيات دين اخبار خفيفة ثقافة رياضة سياحة صحة وأسرة تكنولوجيا طقس اليوم

أبو نقطة يكتب: التغير المناخي والأمن الغذائي.. حالة زيت الزيتون في الأردن


عبد الرحمن ابو نقطة
باحث في المجلس الاقتصادي والاجتماعي الأردني.

أبو نقطة يكتب: التغير المناخي والأمن الغذائي.. حالة زيت الزيتون في الأردن

عبد الرحمن ابو نقطة
عبد الرحمن ابو نقطة
باحث في المجلس الاقتصادي والاجتماعي الأردني.
مدار الساعة ـ

يُعدّ القطاع الزراعي في الأردن من أكثر القطاعات حساسية وتأثراً بالتغيرات المناخية، نظراً لطبيعة المملكة الجافة واعتمادها على الموارد المائية الشحيحة أصلاً. إن الارتفاع المتزايد في درجات الحرارة، وما يصاحبه من تذبذب في أنماط الهطول المطري، يؤدي بشكل مباشر إلى تراجع كبير في معدلات التغذية للمياه الجوفية والسطحية. هذا النقص الحاد في الموارد المائية يضع ضغوطاً هائلة على مشاريع الري، ويزيد من معدلات التبخر، مما يرفع من حاجة المحاصيل المائية ويهدد استدامة الزراعة البعلية (المعتمدة على الأمطار).

انخفاض الإنتاجية وتدهور الأراضي

تتسبب الظواهر الجوية المتطرفة، مثل موجات الحر الشديدة في أوقات غير معتادة أو حالات الصقيع المتأخرة، في أضرار بالغة للمحاصيل في مراحل نموها الحساسة. هذا التذبذب يؤدي إلى انخفاض واضح في كمية ونوعية الإنتاج الزراعي، ويزيد من مخاطر التصحر وتآكل التربة وتملحها، خاصة في مناطق البادية والسهول الشرقية. كما أن ارتفاع درجات الحرارة يسهم في انتشار آفات وأمراض زراعية جديدة لم تكن شائعة في السابق، مما يزيد من تكاليف المدخلات الزراعية ويقلل من ربحية المزارعين.

التذبذب المناخي وتأثيره على الإنتاج

يُظهر قطاع الزيتون الأردني بوضوح العلاقة المباشرة بين التغيرات المناخية والإنتاج الزراعي. تتأثر شجرة الزيتون، خاصة المزروعة بعلاً، بشدة من التذبذب الحاد في أنماط الطقس. على سبيل المثال، كان موسم 2023/2024 موسماً وفيراً نسبياً، حيث قُدر الإنتاج بحوالي 35,800 طن من الزيت، مما تجاوز الاستهلاك المحلي (حوالي 25-26 ألف طن)، وأتاح قدراً من الاستقرار في السوق. في المقابل، توقعت التقديرات الأولية لموسم 2024/2025 أن يكون الإنتاج ضعيفاً جداً، حيث انخفضت التوقعات إلى ما بين 18,000 إلى 20,000 طن فقط، نتيجة لتأثير موجات الحرارة والجفاف ونقص الأمطار خلال فترات حاسمة من نمو الثمار.

انعكاس النقص الحاد على أسعار المستهلك

يؤدي هذا التباين الكبير بين المواسم، الناجم بشكل رئيسي عن الظروف المناخية القاسية، إلى حالة من عدم الاستقرار في الأسعار. في المواسم الوفيرة، تتراوح أسعار تنكة الزيت (16 كغم) في المتوسط بين 90 إلى 110 دنانير أردني للزيت الممتاز. أما في المواسم الشحيحة التي يقل فيها المعروض بشكل كبير عن الطلب، مثلما حدث في مواسم الانخفاض الحاد، فإن الأسعار تشهد قفزات غير مسبوقة. وقد وصلت الأسعار في بعض الأحيان إلى 130 وحتى 150 ديناراً للتنكة الواحدة في ظل التوقعات السلبية، مما يلقي بعبء اقتصادي كبير على الأسر الأردنية ويعكس مدى هشاشة هذا القطاع أمام الظواهر الجوية المتطرفة.

استراتيجيات التكيف الحكومية لمواجهة التحدي

لمواجهة التحديات المناخية المتزايدة، تعتمد الحكومة الأردنية استراتيجيات متعددة تهدف إلى تعزيز المرونة الزراعية. ومن أهم هذه الاستراتيجيات هو تعزيز مشاريع حصاد المياه بإنشاء السدود الصغيرة والبرك لتأمين مياه الري التكميلي، خاصة لأشجار الزيتون. كما تتركز الجهود على البحث والتطوير لاكتشاف ونشر أصناف زيتون أكثر تحملاً للجفاف والحرارة، إلى جانب دعم المزارعين لتبني تقنيات الري الحديثة والموفرة مثل الري بالتنقيط. هذه الإجراءات ضرورية لضمان استدامة الإنتاج، التخفيف من حدة تذبذب الأسعار، وحماية الأمن الغذائي الوطني على المدى الطويل.

مدار الساعة ـ