أخبار الأردن اقتصاديات دوليات برلمانيات وفيات أحزاب مجتمع وظائف للأردنيين تبليغات قضائية مقالات مقالات مختارة أسرار ومجالس الموقف مناسبات جاهات واعراس مستثمرون شهادة جامعات مغاربيات دين بنوك وشركات خليجيات اخبار خفيفة ثقافة رياضة سياحة صحة وأسرة تكنولوجيا طقس اليوم

الخوالدة يكتب: ضريبة لرفاهية الأردنيين


د. زيد احسان الخوالدة

الخوالدة يكتب: ضريبة لرفاهية الأردنيين

مدار الساعة ـ

بما أننا ننعم بحكومة تهتم بأدق تفاصيل حياتنا، وتضع أحدث الكاميرات لرصد المخالفين – هداهم الله – وهناك ولا حسد رسوم الاصطفاف في أسواق المدن، يظل هناك جانب آخر للحياة لا تلمسه الأرقام ولا تسجله الفواتير، جانب يمرّ مرور الكرام لكنه يترك أثره على الروح والجيب معًا.

في إحدى الدكاكين القديمة بحي شعبي، حيث يلتقي الأصدقاء في آخر السهرة، يتناول الشباب مما لذ وطاب، وتكون الأصوات والضحكات أقرب إلى صخب الحياة اليومية منها إلى أي ترتيب رسمي. صاحب الدكان مشغول مع زبائنه من غير الأصدقاء، يحصي، يزن، يقدم، ويبتسم أحيانًا، دون أن يلتفت إلى ما يأكله هؤلاء الشباب أو كم دفع كل واحد منهم. وعندما يوشكون على المغادرة، يرفع رأسه بابتسامة هادئة ويقول:

"قدروا الأمر تحت عنوان نص دينار رفاهية."

نعم، نص دينار، لكل ما تذوقناه ولم نحسبه، لكل ما استمتعنا به ولم نلتفت إلى قيمته، لكل اللحظات العابرة التي تضيف للحياة طعمًا ودفئًا. نص دينار، لكل ما مرّ مرور الكرام من نقود لم تُحسب، ووجبات لم تُسجل، وذكريات ستظل محفورة في زوايا شارعنا الصغير، بلا فواتير، بلا إيصالات، لكن مع قيمة لا يمكن إنكارها.

فانني على ثقة بأن هناك مخالفات أو ضرائب قد لا ندفعها لعدم الانتباه لها، ومن باب إبراء الذمة نقترح ضريبة الرفاهية؛ ضريبة مقطوعة تشمل كل ما يجعل الحياة أكثر لطفًا وأجمل: لحظات الفرح الصغيرة، وجبات لا تُحسب، ابتسامات تمر مرور الكرام، أو كلمات طيبة لا تُقدر بثمن.

قد يبدو الأمر للبعض غريبًا، لكن أليست حياتنا اليومية مليئة بـ"نقرشات الرفاهية"؟ الوقت الذي يضيع بلا حساب، اللحظات العابرة التي تضيف معنى، اللحظات التي تمر دون تقدير لكنها تمنحنا شعورًا بالاكتمال؟ كل ذلك، إذا حوّلناه إلى قيمة رمزية، نص دينار لكل "رفاهية"، لربما أصبح لدينا اقتصاد جديد، ليس على الورق فحسب، بل في القلب أيضًا.

إنها دعوة للتقدير، للتبسيط، وللاعتراف بأن بعض الأشياء، رغم بساطتها، تستحق أن تُقدر بلا قيود صارمة، وأن الإدارة الحياتية ليست دائمًا أرقامًا وفواتير، بل أحيانًا مجرد نقرشة رفاهية، نص دينار، يرفع العبء عن الروح قبل الجيب.

نتفق على أن السرعة وتجاوز الإشارة الحمراء واستعمال الهاتف قنابل موقوتة لكن التعاطي مع غيرها من المخالفات يجب أن يكون بطرقة مختلفة..

ونتمنى على حكومتنا الرشيدة إعادة النظر في كثير من المعطيات ، فحياة كثير من الناس لا تعتمد فقط على الرواتب، بل على التكافل الاجتماعي بين الأفراد. فإذا زادت الأعباء المالية على الأفراد، قلّ التكافل بين الناس، وازدادت المشاكل الاجتماعية، والفقر، والبطالة، والجريمة، والمخدرات، وهي من أولى أولويات الحكومة محاربتها. وربما نص دينار هنا أو هناك قد تسعف الميزانية وتخفف العبء عن المواطنين، وتجعل الحياة اليومية أكثر بساطة وعدالة، وتعزز روح التكافل التي تشكل الدرع الحقيقي للمجتمع لكن مقابل كل نصف دينار لا بد من مبادرة تزيح تلك المشكلات ولا تزيدها مثل الفقر وغيرها أمر والتي على رأسها البطالة.

مدار الساعة ـ