مدار الساعة - أسدلت محكمة جنايات عمان، يوم الخميس، الستار على قضية فريدة من نوعها، كان بطلها سائقا يعمل لدى وزارة حكومية، استغل موقعه في مرافقة لجان مكافحة التسول لابتزاز المتسولين أنفسهم. وقررت المحكمة، بعد إدانته بجنايتي الاتجار بالبشر وطلب الرشوة، وضعه بالأشغال المؤقتة لمدة 4 سنوات و 7 أشهر، وتغريمه مبلغ 5 آلاف دينار.
تفاصيل الحكم وأسباب التخفيف: الهيئة القضائية، برئاسة القاضي عهود المجالي وعضوية القاضي بدر أبو دلو، وجدت أن السائق المدان، وهو موقوف على ذمة القضية منذ كانون الثاني 2025، قد ارتكب جناية الاتجار بالبشر وفقا لأحكام المادة 9 من قانون الاتجار بالبشر، وجناية طلب الرشوة من قبل موظف عام للقيام بعمل بغير حق أو الامتناع عن عمل كان يجب أن يقوم به بحكم وظيفته، وفقا لأحكام المادة 171/1 من قانون العقوبات.وكانت المحكمة قد خفضت العقوبة عن المتهم من 7 سنوات إلى 4 سنوات و 7 أشهر والغرامة المالية المذكورة، وذلك بعد أن أسقط المشتكون (الضحايا) حقهم الشخصي عنه، وهو ما اعتبرته المحكمة سببا مخففا تقديريا لصالحه.آلية الابتزاز واستغلال الوظيفة: وتكشف وقائع القرار، الذي حصلت "رؤيا أخبار" على تفاصيله، كيف حول المدان وظيفته إلى مصدر للكسب غير المشروع. فبحكم عمله كسائق مرافق للجنة مكافحة التسول، بدأ بالتواصل مع المتسولين أنفسهم. ورصد القرار بداية نشاطه مع ثلاث متسولات اتخذن من إحدى الإشارات الضوئية الحيوية في العاصمة مكانا لعملهن.
أشار القرار إلى أن السائق استغل ضعف هؤلاء الفتيات ووضعهن المادي الصعب، وقدم لهن "عرضا" يقضي بالسماح لهن بممارسة التسول دون ملاحقة أو الإبلاغ عنهن. المقابل كان دفع كل واحدة منهن مبلغ 15 دينارا بشكل منتظم كل أسبوع."الحماية" مقابل "الإتاوة": لم يكتف المتهم بغض الطرف، بل وعدهن بتأمين "الحماية" لهن من خلال إبلاغهن بتحركات اللجنة قبل وصول أي حملة إلى موقعهن، حتى يتمكن من الاختفاء. وفي المقابل، هددهن بأنه في حال الامتناع عن الدفع، سيقوم هو شخصيا بالإبلاغ عنهن لضبطهن.وبالفعل، بدأت الضحايا بتسليم المبالغ المالية له، إما مباشرة باليد أو عن طريق إيداعها لدى صاحب مقهى مجاور. واستمر هذا الوضع حتى وردت معلومات دقيقة إلى إدارة البحث الجنائي (وحدة مكافحة الاتجار بالبشر) حول نشاط الموظف المشبوه.سقوط المتهم وتوسع دائرة الابتزاز: تم استدعاء المجني عليهن اللواتي أدلين بإفاداتهن، وعلى إثر ذلك ألقي القبض على المتهم. وبحسب القرار، فقد أقر المدان بقيامه بأخذ المبالغ المالية مقابل السماح لهن بالتسول وتحذيرهن من الحملات.كما تبين أن نشاطه لم يقتصر على الضحايا الثلاث، بل كانت ترده اتصالات هاتفية من شباب وفتيات آخرين يعملون كمتسولين عند إشارات ضوئية مختلفة، وكان يحصل منهم أيضا على نقود، بعضها كان يحول مباشرة إلى محفظته الإلكترونية الخاصة، وهو ما دفع النيابة العامة إلى ملاحقته بتهمة الاتجار بالبشر، نظرا لاستغلاله حالة الضعف الواضحة لدى هؤلاء الأشخاص.









