أخبار الأردن اقتصاديات دوليات برلمانيات وفيات مجتمع وظائف للأردنيين أحزاب أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مقالات مختارة جاهات واعراس مستثمرون شهادة الموقف مناسبات جامعات بنوك وشركات خليجيات مغاربيات دين اخبار خفيفة ثقافة رياضة سياحة صحة وأسرة تكنولوجيا طقس اليوم

البستنجي يكتب: التعلّم المدمج – جسر بين التعليم الواقعي والرقمي


إياد يوسف البستنجي

البستنجي يكتب: التعلّم المدمج – جسر بين التعليم الواقعي والرقمي

مدار الساعة ـ

سلسلة مقالات بداية العام الدراسي الجديد.

المرحلة الرابعة: التفاعل الإيجابي وتنمية التفكير الإبداعي.

المقال الثاني:

التعلّم المدمج – جسر بين التعليم الواقعي والرقمي.

لم يعد التعلّم مجرّد مقعد وكتاب وسبّورة؛

بل أصبح رحلة معرفية مرنة تتجاوز حدود الجدران والزمن، تجمع بين دفء التفاعل الوجاهي وفرص التعلّم الذاتي عبر الفضاءات الرقمية.

وفي قلب هذه الرحلة يتألق التعلّم المدمج نموذجًا تربويًا متوازنًا، يوحّد بين الأصالة والمعاصرة، ويؤمن بأن المتعلّم شريك في صناعة المعرفة، والمعلم قائد مُلهِم لمجتمع تعلّم نابض بالحياة.

أولًا: مفهوم التعلّم المدمج

التعلّم المدمج نموذج تربوي تكاملي مخطّط يجمع بين:

التعليم الوجاهي

التعليم الإلكتروني المتزامن

التعليم الإلكتروني غير المتزامن

وذلك وفق رؤية تهدف إلى:

تنويع مصادر التعلّم

مراعاة الفروق الفردية

تعزيز التفاعل والتفكير الإبداعي

تنمية المهارات الرقمية والاجتماعية والعاطفية

الدمج لا يعني استعمال التقنية… بل تبنّي فلسفة تعليمية متوازنة تمزج بين الإنسان والتقنية في صورة واحدة.

ثانيًا: من الفكرة إلى الواقع — رحلة تعلم بلا جدران

الدروس اليوم لا تبدأ بجرس ولا تنتهي بآخر؛ إنّها تمتد عبر منصات تحفّز الفضول والبحث والإنتاج.

وفي مدرسة ذكور ثانوية في العقبة – الصف العاشر/الحادي عشر.

قدّم الأستاذ سيف درسًا بعنوان: القيم الرقمية

بدأ بـ: فيديو قصير عن أخلاقيات التقنية => حوار صفّي => إنتاج ملصقات رقمية عبر Padlet

هكذا تتحوّل القيم الرقمية من مفاهيم إلى سلوك وممارسة،

ويصبح الصف فضاءً للتفاعل والمعنى والمسؤولية.

إنه مثال بسيط يكشف أن التعلّم المدمج ليس أداة… بل ثقافة تعلّم جديدة.

ثالثًا: ممارسات تدريسية فاعلة في التعلّم المدمج

التعلم بالمشاريع PBL (مُوثّق رقميًا عبر Google Sites)

الألعاب التعليمية الرقمية (Kahoot – Quizizz) لرفع الدافعية

حوارات تفاعلية (MS Teams – Slack) لتنمية التفكير النقدي

تقويم رقمي فوري (Forms – Socrative)

عروض ونتاجات رقمية مبتكرة (Flip – Canva)

الحصيلة: تعلم ممتع – استقلالية أعلى – تعاون أعمق – دافعية أقوى.

رابعًا: أثر التعلّم المدمج في شخصية الطالب

تشير الدراسات الحديثة إلى أنه:

ينمّي التفكير الإبداعي والتحليلي

يعزز القيادة والعمل الجماعي

يرفع الاستقلالية والمسؤولية

يهيئ للمستقبل المهني الرقمي

يدعم التعلّم الذاتي مدى الحياة

كل ضغطة زر قد تكون بابًا نحو الإبداع… لا مجرّد نقل للمحتوى.

خامسًا: دور المعلم — قائد تربوي رقمي

المعلم هو مهندس التفاعل التعليمي:

مصمم تعلم مبتكر

موجّه نحو الاستقلالية

مقوّم يعتمد البيانات

قدوة رقمية أخلاقية

مثال تطبيقي: مشروع توثيق إنجازات الطلبة عبر Google Sites

يعزز المسؤولية الرقمية والانضباط الذاتي.

التقنية توسّع أثر المعلم… ولا تختزل دوره.

? ماذا أفعل غدًا في صفّي؟

(تمكين + وضوح للممارسة)

خطوات عملية لنجاح التعلّم المدمج غدًا:

⿡ نشاط تمهيدي رقمي (3 دقائق) يستثير التساؤل

⿢ نقاش صفّي قصير يربط التقنية بالقيم والحياة

⿣ نتاج رقمي بسيط يُعرض الأسبوع القادم

⿤ تقويم إلكتروني سريع يقدّم تغذية راجعة فورية

وتذكّر دائمًا: الإنسان أولًا… ثم التقنية.

سادسًا: دور القيادة المدرسية — بيئة تمكّن لا تقيّد

نجاح التعلّم المدمج مرهون بـ:

▫بنية تحتية رقمية كافية

▫تدريب مهني مستمر

▫ثقافة تشجّع التجريب

▫توظيف البيانات للتحسين

- عندما تؤمن المدرسة بالدمج… يصبح الصف مختبرًا حيًا للإبداع.

سابعًا: التحديات والحلول: واقعية تربوية.

ورغم القيمة الكبيرة للتعلّم المدمج، إلا أن طريق تطبيقه لا يخلو من العقبات، أهمها:

تفاوت المهارات الرقمية بين الطلبة:

يمكن معالجته عبر تدريب مبسّط متدرّج يراعي الفروق الفردية، مع توفير دعم مستمر لتعزيز الثقة باستخدام الأدوات الرقمية.

تشتت الانتباه أثناء التعلّم الرقمي:

يواجه بترسيخ قواعد للسلوك الرقمي داخل الصف، وتوظيف أنشطة تعليمية ممتعة ومتنوّعة تحافظ على تركيز المتعلمين.

ضغط الوقت بين الصف والمنزل:

يُعالج من خلال توزيع المهام بشكل متوازن بين التعلم الوجاهي والأنشطة الرقمية، واختيار أدوات مختصرة وفعّالة.

أعطال تقنية أو ضعف الدعم الفني:

يتجاوز باستخدام أدوات بسيطة لا تحتاج إلى إمكانيات عالية، ووضع خطط بديلة تضمن استمرارية التعلم دون توقف.

انخفاض التفاعل الإنساني:

يعالج بزيادة الأنشطة الجماعية والحوارات الصفّية المستمرة، ليظل التواصل البشري حاضرًا مؤثرًا رغم استخدام التقنية.

الإنسان هو جوهر التعلّم… والتقنية وسيلة تمكّنه من الإبداع.

ثامنًا: الخلاصة التربوية:

(تلهم + ترسّخ الفلسفة)

التعلّم المدمج ليس انتقالًا من السبورة إلى الشاشة،

بل تحوّل في فلسفة التعليم نحو تعلّم:

يشارك فيه الطالب في بناء المعرفة

ويبتكر فيه المعلم أساليب بصرية تفاعلية

وتلتقي فيه القيم الإنسانية بالتقنية الواعية

وعندما يلتقي الذكاء الإنساني بفضاءات رقمية هادفة…

تنشأ أجيال تعرف كيف تتعلّم… قبل أن تعرف ماذا تتعلّم.

? القاعدة الذهبية

المعلم المبدع لا يختار بين الواقع والرقمية…

بل يمزج بينهما ليصنع تعليمًا نابضًا بالإنسانية والإبداع.

مدار الساعة ـ