أخبار الأردن اقتصاديات دوليات برلمانيات وفيات أحزاب مجتمع وظائف للأردنيين مقالات مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية الموقف مناسبات جاهات واعراس مستثمرون شهادة جامعات دين بنوك وشركات خليجيات مغاربيات ثقافة رياضة اخبار خفيفة سياحة صحة وأسرة تكنولوجيا طقس اليوم

الشديفات يكتب: من 'أم الكروم' إلى نيويورك.. حين يَنتصر عواد بالعَقل لا بالوَليمة، وتخسر مناسف الانتخابات أمام الكفاءة


المهندس مؤيد الرشود الشديفات
نائب رئيس لجنة بلدية منشية بني حسن :: عضو في المعهد السياسي لإعداد القيادات الشبابية - مشروع الحكومة الشبابية - قطاع الإدارة المحلية - الجيل الثاني

الشديفات يكتب: من 'أم الكروم' إلى نيويورك.. حين يَنتصر عواد بالعَقل لا بالوَليمة، وتخسر مناسف الانتخابات أمام الكفاءة

المهندس مؤيد الرشود الشديفات
المهندس مؤيد الرشود الشديفات
نائب رئيس لجنة بلدية منشية بني حسن :: عضو في المعهد السياسي لإعداد القيادات الشبابية - مشروع الحكومة الشبابية - قطاع الإدارة المحلية - الجيل الثاني
مدار الساعة ـ

في مسلسل " أم الكروم " ، الذي يُعدّ من أرقى ما قدّمته الدراما الأردنية ، لم يكن عواد مجرد بطل شعبي يسعى لكرسي البلدية ، بل كان رمزًا لجيلٍ أراد أن يُصلِح لا أن يَرِث ، وأن يخدم لا أن يتسيّد.


في مواجهته مع جبر الجبر و أبو سالم و أصحاب النفوذ و المال ، انكشفت معركة حقيقية بين الوعي و المصالح ، بين من يرى في البلدية خدمة عامة ، و من يتعامل معها كغنيمة شخصية .


كان “عواد” يريدها إدارة تنمية ، بينما أرادها الآخرون ديوان جاهة و ولائم انتخابية ، ولأن الناس – آنذاك كما اليوم – كانت تميل إلى من “ يذبح أكثر ” ، انتصرت الوليمة على الكفاءة ، و خسرت البلدة فرصة النهوض و التطور .

اليوم ، و بعد عقود من “ أم الكروم ”

يتكرّر المشهد و لكن على مسرحٍ أكبر

في نيويورك ؛ حيث فاز زهران ممداني بمنصب عمدة المدينة ، متحديًا ضغوط اللوبي اليهودي ، و مُنافسة شرسة من مرشحين جمهوريين مقربين من دونالد ترامب .


فاز ممداني لا لأنه ابن عشيرة أو واجهة مالية ، بل لأنه ابن مشروع سياسي يخاطب الناس بعقولهم لا بطونهم ، و يقدّم رؤى لا موائد .

لم يوزع “ مناسف ” انتخابية ، ولم يعد بـ“ فتيتة ” جماعية ، بل طرح خطة حكم محلي حديث ، تتحدث بلغة العدالة و الكفاءة لا العشيرة و الولاء .

و في المقابل ، ما زال “ عواد ” الأردني يخوض معركته ذاتها ، معركة ضد ثقافةٍ ما زالت ترى في البلدية مقهى عام لا مؤسسة دولة ، و تَربُط الفوز بكرم الضيافة ، لا بقدرة الإدارة.


يتقدم في وجهه اليوم عشرات من “ جبر الجبر ” الجُدد ؛ يملكون المال و الجاه و يتقنون فن الوجاهة ، لكنهم يجهلون أساسيات الإدارة المحلية .


هؤلاء الذين يرون في البلدية درجًا للمكانة الاجتماعية ، لا منصةً لخدمة الناس ، هم التحدي الحقيقي أمام أي قانون إصلاحي قادم .

إنّ المفارقة بين “ عواد ” و “ ممداني ” تختصر المسافة بين الوليمة و الفكرة ، و بين مجتمعٍ يختار على أساس العاطفة و آخر يصوّت للمنهج و الرؤية .


فـ“ ممداني ” انتصر رغم كل الضغوط ، لأنه أقنع الناس بخطته لا بكرمه ، بينما خسر “ عواد ” لأن مجتمعه لم يكن مستعدًا بعد ليصدّق أن الإصلاح لا يُطهى في القدور ، بل يُبنى في العقول .

القانون الجديد للإدارة المحلية الذي يجري العمل عليه في الأردن اليوم ، هو الفرصة الأخيرة لتجاوز تلك الفجوة التاريخية .


فالقوانين لا تُصلح وحدها ما أفسدته الثقافة الانتخابية ، لكنها تستطيع أن تفتح الباب أمام جيلٍ من “ العوادين الجدد ” — جيلٍ يؤمن أن التنمية ليست شعارًا انتخابيًا ، بل مسؤولية و واجب .


المطلوب أن يمنح هذا القانون الأولوية للكفاءة و المساءلة ، و أن يغلق الباب أمام الطامعين الذين يرون في البلدية وجاهة لا مسؤولية ، و غنيمة لا خدمة .

لقد أرسل فوز ممداني من نيويورك رسالة عابرة للقارات:
أن الديمقراطية لا تُقاس بالهتاف و الصور ، بل بصدق الرؤية و حجم الإنجاز بعد أن تنتهي الزفّة الانتخابية .


هي رسالة إلى كل “ عواد ” مؤمن بالكفاءة ، أن الزمن سيتغيّر ، و أن الناس ستتعلم يومًا أن تختار من يعمل ، لا من يذبح .

و حين نصل إلى يومٍ ينتخب فيه الأردنيون “ عوادهم ” لأنه الأكفأ لا لأنه الأكرم ، و حين يصبح “ المنسف ” احتفالًا بالإنجاز ، لا وسيلة إليه ، و حين نرى قانون إدارة محلية يمنح الناس حق الاختيار لا واجب الولاء —


حينها فقط ؛

نكون قد تجاوزنا “ أم الكروم ” و كتبنا أول فصول الدولة التي تُبنى من القاعدة لا من القمة .

إنّ فوز “ زهران ممداني ” ليس قصة خارجية بعيدة ؛ هو إنذار حضاري يقول إن الديمقراطية تبدأ من الحي ، من الناس ، من الإدارة المحلية .


و إنّ الوقت قد حان لنكتب قانونًا يجعلنا نرى “ عوادًا ” حقيقيًا في كل بلدية أردنية ، يُنتخب لأنه الأكفأ لا لأنه ابن فلان .


فـ“ البلديات ليست جدرانًا و مُوازنات… بل الجبهة الأولى في معركة بناء الدولة ”

و حين يختار الأردني ممثله المحلي كما اختار أهل نيويورك ممداني — على أساس الوعي لا الهوية ، و الإنجاز لا الوليمة —

حينها فقط

يمكن أن نقول إنّ مشروع

“ الإدارة المحلية الجديدة ”

قد نجح في إعادة الروح إلى الدولة

و الكرامة إلى السياسة

مدار الساعة ـ