أخبار الأردن اقتصاديات دوليات برلمانيات وفيات مجتمع وظائف للأردنيين أحزاب أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مقالات مختارة جاهات واعراس مستثمرون شهادة الموقف مناسبات جامعات بنوك وشركات خليجيات مغاربيات دين اخبار خفيفة ثقافة رياضة سياحة صحة وأسرة تكنولوجيا طقس اليوم

العمري يكتب: الأردن.. صوت العقل في زمن الضجيج الرقمي


جواد عادل العمري

العمري يكتب: الأردن.. صوت العقل في زمن الضجيج الرقمي

مدار الساعة ـ

في زمنٍ أصبحت فيه المعلومة تنتقل بسرعة الضوء، غابت عن الكثيرين نعمة التثبّت والتعقّل. فباتت مواقع التواصل الاجتماعي ميدانًا للآراء والانفعالات أكثر مما هي ساحة للحقيقة والمعرفة. واليوم، نشهد في الأردن — هذا الوطن العريق الذي كان وما زال بيت العرب الكبير — تصاعدًا لظاهرة الذباب الإلكتروني والهجمات الممنهجة عبر الفضاء الرقمي، تستهدف تماسك مجتمعنا ووحدتنا الوطنية.

المحور الأول: السوشيال ميديا... بين الحرية والتضليل

وسائل التواصل الاجتماعي كانت نعمة حين استُخدمت للتقارب والتعبير، لكنها سرعان ما تحوّلت إلى أداةٍ خطرة حين تسلّل إليها الذباب الإلكتروني، ذاك الذي يبثّ الكراهية، ويزرع بذور الفتنة، ويشوّه الوعي الجمعيّ. هذه الحسابات الوهمية لا تبحث عن الحقيقة، بل عن إثارة الجدل والانقسام بين أبناء الوطن الواحد.

هي ليست مجرد كلمات تُكتب، بل سهام تُطلق نحو ثوابت المجتمع، تتسلل في غفلة لتصنع رأيًا مشوّهًا، وتبني بيننا جدرانًا من الشكّ والريبة. وهنا يأتي دورنا كأفراد أن نتحرّى، لا أن نندفع، وأن نكون جزءًا من الحلّ لا من الفوضى.

المحور الثاني: التثبّت من الخبر... مسؤولية عقل وضمير

في زمن التضليل، لا يكفي أن نقرأ، بل يجب أن نُمحّص ونفكّر. فكم من إشاعةٍ أشعلت نارًا، وكم من تغريدةٍ أوقعت فتنة!

علينا أن نُدرك أن المعلومة مسؤولية، وأن مشاركة خبرٍ غير موثوق قد تكون شرارةً صغيرة تُشعل نارًا في وطن بأكمله. لذلك، من واجبنا أن نأخذ الأخبار من مصادرها الرسمية والمعروفة، كالقنوات الحكومية ووكالات الأنباء الوطنية التي تتحرّى الدقة والمصداقية.

فالإعلام الحقيقي ليس ما يُقال أولًا، بل ما يُقال صادقًا.

المحور الثالث: الأمن والأمان... واجبٌ وطني ومسؤولية جماعية

الأمن ليس مسؤولية الأجهزة الأمنية وحدها، بل هو مسؤولية كل فردٍ يعيش على هذه الأرض المباركة. فكل كلمة نكتبها، وكل فكرة ننشرها، إمّا أن تكون لبنةً في بناء الوطن، أو معولًا في هدمه.

الأردن كان ولا يزال الحاضن الدافئ لكل من لجأ إليه، وملاذًا آمنًا لكل من ضاقت به الدنيا. دفع من أجل استقراره شهداء وأبطالًا كتبوا أسماءهم في سجلّ الشرف والتاريخ.

ومن هنا، علينا أن نكون أمناء على إرثهم، أوفياء لتضحياتهم، وأن نحمي هذا الوطن كما نحمي بيوتنا، لأن الأوطان لا تُحفظ بالشعارات، بل بالوعي والانتماء الصادق.

وفي الختام،

ليكن شعارنا في زمن الفوضى الرقمية:

تحرَّ، تبيَّن، ثم انشر.

ولنكن جميعًا حُراس الكلمة الصادقة، وجنود الوعي، نذود عن وطننا الأردن بالكلمة الهادئة، والفكر النير، والقلب المؤمن بأن هذا البلد سيبقى كما عهدناه: قلعةً للأمان، ومنبرًا للحكمة، ونموذجًا للوعي في زمن التيه.

مدار الساعة ـ