منذ سنوات والشارع الأردني يسأل عن النخب وغياب أكثرهم عن المشهد في بعض الأحيان، وما إن تظهر النخب، أو أحد منهم للتحدث في قضية أو أمر ما، سرعان ما نجلدهم، وتنسل سيوف البعض للانقضاض عليهم.
إن حالة التصيد التي يعيشها أفراد من مجتمعنا، والتفسير الانفعالي لأي حديث لمسؤول سابق أو حالي، كانت دافعًا وسببًا في تراجع بعض الشخصيات إلى الوراء، والميل نحو الصمت والابتعاد عن الأضواء، حتى لا يكونوا مدار حديث ونقد بعض المتأهبين للجلد والانتقاد.قد تكون هذه الحالة مبررة في بعض الأحيان بسبب تصريحات البعض ومبررات التقصير أحيانًا، لكنها زادت عن حدها، وارتفعت وتيرتها دون أي تمييز، وأصبح الكل تحت مقصلة الهجوم والجلد.نفهم حالة الغضب والاحتقان التي يعيشها مجتمعنا نتيجة الظروف المعقدة والتحديات الصعبة، وميل البعض إلى صب جام غضبه وتفريغ حالته الانفعالية على أي مسؤول سابق أو حالي، وتفسير حديثه بأسلوب رغباتي لإيجاد مبرر لسل السيوف الانتقادية.ومع أن حديث البعض وتصرفاتهم يكون في غير محله ومستفز أحيانًا، لكن علينا أن لا نعمم، وأن نتأمل الحديث مليًّا، ونأخذ نفسًا عميقًا قبل تفسيره على أمزجتنا لخلق ذريعة للهجوم الذي يتجاوز في بعضه الحدود ليصل إلى المطالبة بنصب أعواد المشانق أحيانًا.وبعد إصدار الأحكام وتوجيه سهام النقد التي تصل أحيانًا إلى الإساءة، وظهور الحقيقة وتفسير المعنى، هناك من يختفي، وقلة من يقدمون الاعتذار، لكن بعد فوات الأوان، وتكون السهام قد أصابت وأساءت.نعم، النقد مطلوب ويدخل في باب الحرية الشخصية، كما يعمّق الحالة الديمقراطية، لكنه في الوقت نفسه يجب أن يبتعد عن الإساءة الشخصية والتفسير الخاطئ وإصدار العقوبات مسبقًا دون فحص أو تمحيص، وأن يكون – أي النقد – مبنيًّا على أسس واقعية ووطنية لا على دوافع شخصية أو انتقامية.والأمر الغريب الذي يدعو إلى الدهشة، عزوف بعض النخب الأردنية عن المشهد كليًّا حتى لا يكونوا مادة دسمة للبعض الذين يتصيدون ويفسرون الأمور على أهوائهم، وفي غير محلها أو قصدها، ثم ننتقد غيابهم، ونطالب بوجودهم وإبداء آرائهم.تسألون أين النخب ثم تجلدونهم!!
مدار الساعة (الدستور الأردنية) ـ