أخبار الأردن اقتصاديات دوليات برلمانيات وفيات أحزاب مجتمع وظائف للأردنيين أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مقالات مختارة مناسبات جاهات واعراس مستثمرون شهادة الموقف جامعات بنوك وشركات خليجيات مغاربيات دين رياضة اخبار خفيفة ثقافة سياحة صحة وأسرة تكنولوجيا طقس اليوم

البستنجي يكتب: إنتاج المحتوى الرقمي.. من مستهلكٍ للمعلومة إلى صانعٍ لها


إياد يوسف البستنجي

البستنجي يكتب: إنتاج المحتوى الرقمي.. من مستهلكٍ للمعلومة إلى صانعٍ لها

مدار الساعة ـ

سلسلة مقالات بداية العام الدراسي الجديد

المرحلة الرابعة: التفاعل الإيجابي وتنمية التفكير الإبداعي

المقال الثالث:

إنتاج المحتوى الرقمي: من مستهلكٍ للمعلومة إلى صانعٍ لها.

دور المعلّم في تنمية الإبداع الرقمي الطلابي.

في عصرٍ أصبحت فيه التقنية بيئة تعلّم نابضة بالحياة، لم يعد الطالب بحاجة إلى معلّم يقدّم له المعرفة جاهزة، بقدر حاجته إلى من يمكّنه من ابتكار المعرفة وبنائها وإنتاجها رقميًا. هنا تتجلّى فلسفة التعلّم المنتج المنطلقة من النظرية البنائية التي تؤكد أن المعرفة تُبنى بالتجربة والاكتشاف والتفاعل.

وفي ظل هذا التحوّل، يتغيّر دور المعلّم جذريًا من ناقلٍ للمحتوى إلى مصمم لخبرات تعلم محفّزة، وقائد للتعلّم التعاوني، وموجّه للتفكير النقدي، وقدوة في أخلاقيات النشر والتفاعل الرقمي.

وقد أثبتت دراسات حديثة في International Journal of Educational Technology (2023) أنّ إشراك الطلاب في إنتاج محتوى رقمي يعزّز مهارات التفكير النقدي بنسبة 30% مقارنة بأساليب التلقين التقليدية.

السؤال التربوي هنا:

▪كيف يستطيع المعلّم إشعال شرارة الإبداع الرقمي داخل الصف؟

▪ماذا يعني انتاج المحتوى الرقمي؟

هو عملية تربوية تفاعلية يكون فيها الطالب شريكًا في بناء المعرفة عبر تحويل الدروس إلى منتجات رقمية إبداعية مثل:

فيديو قصير

بودكاست

قصة رقمية

مدونة

تصميم مرئي أو إنفوجرافيك

- الجوهر ليس المنتج… بل التفكير الذي يقود إليه.

- لماذا ننتج المحتوى الرقمي؟

لأنه ينمّي مجموعة من أهم مهارات المستقبل:

الإبداع وحل المشكلات والتفكير الناقد

التعلم الذاتي المستمر

مهارات التواصل والعمل الجماعي

الحضور الرقمي الواعي والمسؤول

احترام الخصوصية والملكية الفكرية

وبذلك يتحوّل الطالب من مجرّد مستخدم للتقنية إلى مؤثّر معرفي قادر على الإلهام والمشاركة.

▫ من الفكرة إلى المنتج: خطوات عملية

يُبنى التعلّم المنتج على مسار تطبيقي يبدأ بـ:

تحديد أهداف التعلّم التي سيحوّلها الطلاب إلى محتوى

توزيع الأدوار وفق مهارات الأفراد (باحث – كاتب – مصمم – مخرج)

البحث وتنظيم الأفكار وتوثيق المصادر

الإنتاج الرقمي عبر أدوات تعليمية ميسّرة (Canva – CapCut – Powtoon…)

النشر الآمن عبر المنصات الصفّية (Google Classroom – Padlet)

تغذية راجعة بنائية لتحسين المنتج

الإبداع رحلة تعليمية قبل أن يكون نتيجة نهائية.

▫ استراتيجيات جاهزة للتطبيق الصفّي

التعلم القائم على المشروعات PBL

التعلم التعاوني الرقمي

العرض التأملي Reflection Presentation

التغذية الراجعة المستمرة.

▫ مثال صفّي واقعي

في مدرسة للبنين بالعقبة، نفّذ معلم التربية الإسلامية مشروعًا حول القيم والأخلاق الرقمية.

طلب من الطلبة إعداد فيديو قصير يوضّح أثر الشائعات الإلكترونية على المجتمع:

▫ بحث وتوثيق مصادر

▫ كتابة سيناريو واقعي

▫ إنتاج فيديو باستخدام الهواتف

▫ تحليل نقدي متبادل

- النتيجة:

ارتفاع دافعية التعلّم

بروز قيادات طلابية جديدة

تنامي الوعي الأخلاقي الرقمي

المنتج لم يكن “فيديو”… بل تفكيرًا عميقًا تجسّد رقميًا.

- كيف نقوّم المنتجات الرقمية؟

يعتمد التقويم على أثر المنتج في التفكير وليس على الجهد وحده:

معايير رئيسية:-

أصالة الفكرة وعمق التحليل

جودة البحث وتوثيق المصادر

الإبداع التقني والإخراج

وضوح الرسالة وتأثيرها

فعالية التعاون وتكامل الأدوار

التقويم البنائي في كل مرحلة أهم من الدرجة النهائية.

? مختصر لتقويم المنتجات الرقمية Rubric

(للصفوف المتوسطة والمتقدمة)

يرتكز تقويم المنتجات الرقمية على خمسة معايير أساسية، يمكن للمعلم استخدامها بشكل مرن أثناء تنفيذ المشاريع الإنتاجية:

أولًا: أصالة الفكرة وعمق التحليل

يُقيّم المعلم مدى ابتكار الفكرة وقوة التفكير خلفها، بحيث تُعد الأفكار المبتكرة ذات التحليل العميق أعلى تحققًا للمعيار، بينما تُعد الأفكار التقليدية والسطحية بحاجة إلى مزيد من التطوير.

ثانيًا: جودة البحث وتوثيق المصادر

يُنظر إلى عدد المصادر المستخدمة وموثوقيتها، ومدى الالتزام بتوثيقها. فكلما كان التوثيق متكاملاً والبحث مبنيًا على مصادر متنوعة ومعتمدة كان الأداء أقوى.

ثالثًا: الإبداع التقني وجودة التصميم

يركّز المعلم على مستوى الإتقان التقني، وجاذبية المنتج، وملاءمة الأدوات الرقمية المستخدمة لطبيعة المهمة. الدمج الخلّاق للأدوات الرقمية ووضوح الإخراج يعدّ أعلى مستوى في هذا المعيار.

رابعًا: وضوح الرسالة والتأثير

يُقاس نجاح المنتج بقدرته على إيصال الفكرة للجمهور المستهدف بوضوح وفاعلية، مع وجود رسالة قوية وهادفة تترك أثرًا معرفيًا أو أخلاقيًا.

خامسًا: العمل التعاوني وتكامل الأدوار

يتم تقييم أداء الفريق من خلال مدى الالتزام بالأدوار، والتواصل الإيجابي، والمشاركة الفاعلة لكل فرد. فغياب التعاون يُضعف قيمة المنتج حتى وإن كان متميزًا تقنيًا.

الهدف من التقويم هنا ليس منح درجات فقط،

بل مرافقة الطالب في رحلة تعلّم مستمرة تعزّز التفكير والإبداع والمسؤولية.

? التدرّج في الإنتاج الرقمي بحسب المراحل النمائية

المرحلة العمرية الأولى: قصص رقمية قصيرة وأنشطة مرئية ممتعة

المرحلة المتوسطة: مشاريع تحليلية مصوّرة وبودكاست تعليمي

المرحلة المتقدمة: محتوى رقمي بحثي وتحقيقي مؤثر

التدرّج يحافظ على متعة التعلّم ويمنع الإرهاق التقني.

▫ البعد القيمي والمسؤولية الرقمية

ينشر الطلاب محتوى:

موثق المصادر

يحترم الخصوصية

يتمتع بحرية مسؤولة ورؤية بنّاءة

القيمة الأخلاقية روح الإبداع الرقمي.

? القاعدة الذهبية:

حين يصبح الطالب صانعًا للمعرفة…

يتحوّل التعليم من تلقينٍ إلى إلهام.

▪ خلاصة تربوية

إنتاج المحتوى الرقمي ليس ترفًا تربويًا ولا نشاطًا جانبيًا،

بل هو فلسفة تعلم حديثة تمنح الطالب:

صوتًا

وتأثيرًا

وقدرةً على التعلّم مدى الحياة

وكل معلّم يقود هذا التحوّل…

هو صانع لجيل واعٍ مبدع قادر على التفاعل الإيجابي مع عالم التقنية.

مدار الساعة ـ