أخبار الأردن اقتصاديات دوليات وفيات برلمانيات وظائف للأردنيين أحزاب مجتمع أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مقالات مختارة جاهات واعراس مستثمرون شهادة الموقف مناسبات جامعات بنوك وشركات خليجيات مغاربيات دين اخبار خفيفة ثقافة رياضة سياحة صحة وأسرة تكنولوجيا طقس اليوم

هل التزمت الحكومة بموازنة 2025؟


سلامة الدرعاوي

هل التزمت الحكومة بموازنة 2025؟

مدار الساعة (الغد الأردنية) ـ

قبل الخوض في تفاصيل مشروع قانون الموازنة العامة لعام 2026، من المهم التوقف عند قانون موازنة عام 2025 وطرح تساؤل مشروع: إلى أي مدى تم تحقيق ما خُطط له؟ وهل اقترب الإنفاق الفعلي من التقديرات بما يعكس انضباطاً مالياً حقيقياً؟، أم أن الاستهتار بتنفيذها كان سيد المشهد كما جرت العادة؟

موازنة عام 2025 أعدّتها الحكومة الحالية برئاسة الدكتور جعفر حسان، وهي الآن تقدّم موازنة عام 2026، وعند متابعة الأرقام، نجد أن الحكومة اقتربت من تحقيق انضباط في موازنة 2025، حيث يتضح ذلك من خلال تقارب الأرقام التقديرية والفعلية ، مما يعكس التزاماً لافتاً بعدم الخروج على قانون الموازنة الذي يُفترض أن يكون ملزماً، باعتباره الخطة المالية للدولة التي لا يجوز تجاوزها بموجب القانون.

لقد كانت الحكومات السابقة أقل التزاماً، وظهرت فروقات كبيرة بين المقدر والفعلي، كما حدث في عام 2024 حين بلغ الفرق بين المقدر والفعلي نحو 900 مليون دينار، في ظل غياب واضح للرقابة، فمجلس النواب، بعد إقرار الموازنة، يغيب عنه دوره الأساسي المتمثل في الرقابة على الإنفاق العام، بينما يوافق في كل عام على الحسابات الختامية وكأن الإنفاق خارج بنود الموازنة أمرٌ طبيعي لا يستحق المساءلة.

الحالة الواقعية لموازنة العام الحالي الذي قارب على الانتهاء تدل بوضوح لا لبس فيه على أن حكومة الدكتور جعفر حسان هي أكثر حكومة التزمت بقانون الموازنة ولم تخالفه كمان كان يحدث مع الحكومات السابقة بلا استثناء، ولا شك أن سلوك وزير المالية وسياسته في التعامل مع الموازنة عامل أساسي وحاسم في الوصول للمؤشرات المالية بالشكل المستهدف ودون احداث أي خلل بالمرتكزات والأهداف الرئيسة للخزينة، وهو ما يعد أولى خطوات الإصلاح والانضباط المالي الحقيقي، فقد جرت العادة على الاستهتار بهذا القانون من السلطتين التشريعية والتنفيذية معا في السنوات السابقة.

تشير الأرقام الرسمية إلى أن الحكومة تمكنت خلال عام 2025 من المحافظة على درجة عالية من الالتزام بخطة الدولة المالية، حيث بلغت الإيرادات العامة المقدّرة نحو 10.233 مليار دينار، مقابل 10.015 مليار في إعادة التقدير، فيما بلغ الفعلي 9.439 مليار دينار.

أما النفقات الجارية فبلغت 11.022 مليار دينار مقدّرة، و10.902 مليار بعد إعادة التقدير، في حين وصل الإنفاق الفعلي إلى 10.368 مليار دينار، أي بفارقٍ محدود لا يتجاوز 1.1 %، وهو مؤشر واضح على الانضباط في الصرف.

وفي جانب النفقات الرأسمالية، تراجعت المخصصات من 1.469 مليار دينار مقدّر إلى 1.370 مليار بعد إعادة التقدير، أي بانخفاض نسبته 6.7 %، ومع ذلك، فإن هذا التراجع لم يمسّ المشاريع ذات الأولوية، إذ استمر تنفيذ مشاريع رؤية التحديث الاقتصادي بميزانية بلغت 336 مليون دينار مقابل 354 مليوناً مقدّرة، ما يعكس مرونة في إدارة المشاريع التنموية.

وعلى مستوى الإيرادات الضريبية، بلغت 7.123 مليار دينار مقدّرة مقابل 6.902 ملياراً في إعادة التقدير و6.405 مليار فعلياً، بفارقٍ طبيعي يعكس التباطؤ النسبي في بعض الأنشطة الاقتصادية، فيما ارتفعت ضريبة المبيعات إلى 4.849 مليار دينار، وهي الحصة الأكبر ضمن الإيرادات المحلية.

ما يميّز موازنة عام 2025 هو تقليص الفجوة بين التقديرات والنتائج الفعلية مقارنة بالسنوات السابقة، حيث كانت الفروقات في بعض الأعوام كبيرة، وهذا التحسن يشير إلى ضبطٍ أكبر في إدارة المالية العامة وتوازنٍ أوضح بين تقدير الموارد وضبط النفقات.

كما يظهر من الأرقام أن الحكومة اتجهت إلى ضبط الإنفاق دون المساس بمستويات الدعم الأساسية، إذ بقي دعم الخبز والغاز والمعونة النقدية ضمن نطاق الخطة المالية المقرّرة، مع استمرار دعم الجامعات وتمويل برامج الحماية الاجتماعية.

النتيجة الأبرز أن موازنة 2025 شكّلت نقطة توازنٍ بين الالتزام والانضباط، وبين الاستمرار في المشاريع التنموية ذات الأثر المباشر.

ولعل السؤال الذي يفرض نفسه في هذه المرحلة: هل سيكون هذا النهج المالي المستقر قاعدة تنطلق منها موازنة 2026، أم أن التحديات الإقليمية والتقلبات الاقتصادية ستفرض تعديلات جديدة على مسار الانضباط المالي؟

إن ما تحقق في عام 2025 يمثل خطوة إيجابية في طريقٍ طويل نحو تعزيز الكفاءة المالية والإدارة الرشيدة للإنفاق، وهو ما يتطلّب استدامة في النهج لا تتأثر بتبدّل الأعوام أو تغيّر الظروف.

مدار الساعة (الغد الأردنية) ـ