ليست الحيرة دائمًا ضعفًا، ولا التردد عجزًا، فربّ حيرةٍ تصنع قرارًا أكثر نضجًا من اندفاعٍ سريعٍ نحو المجهول.
تلك هي الحيرة التي يمكن أن نصف بها ملامح الدكتور جعفر حسان رجل الدولة الذي يقف في المسافة الدقيقة بين الحلم والواقع، بين الفكرة والسياسة، بين الإصلاح الممكن والطموح المؤجل.في المشهد الأردني، حيث تختلط الحكمة بالحذر، والجرأة بالتوازن، تبدو حيرة جعفر حسان السياسية علامة على إدراكٍ عميقٍ لمعادلات لا تُقال بوضوح، لكنها تُحسّ بعمق.فهو ليس سياسيًا تقليديًا، ولا بيروقراطيًا عابرًا، بل عقل اقتصادي مدني يجد نفسه دومًا أمام سؤالٍ مزدوج.كيف يمكن للعقل أن يُقنع السياسة، وللواقعية أن تتصالح مع الحلم.في كل موقع تولّاه، كانت ملامح تلك الحيرة ترافقه لا كارتباكٍ، بل شعور عميق بالمسؤولية.من إدارة الملفات الاقتصادية إلى موقعه في الديوان الملكي، كان يجتهد في الموازنة بين الجدوى الوطنية والقيود الواقعية، وبين الطموح الإصلاحي والاعتبارات السياسية التي تحكم المشهد العام.الحيرة هنا ليست في الموقف، بل في الإيمان بأن الصواب السياسي ليس دائمًا ما يتفق مع الصواب الوطني في لحظته.ربما لهذا السبب، يرى البعض في جعفر حسان شخصيةً رمزية لعصرٍ أردنيٍّ جديد عصرٍ يتطلّب العقول التي تُفكّر أكثر مما تُجادل، وتُخطّط أكثر مما تُصرّح.فهو نموذجٌ للسياسي المفكّر الذي يدرك أن القرار، في دولةٍ كالأردن، ليس مجرّد إرادة، إنما توازن بين الإرادة والممكن.وفي زمنٍ سريع الحركة وكثير الحديث يختار جعفر حسان طريق الصمت ذاك الصمت الذي يخبّئ خلفه أسئلة كثيرة عن التنمية والسياسة والدولة.فهذا الصمت، الذي يبدو للبعض حيرة، هو في جوهره تأملٌ في مصلحة الوطن وسط ضجيج التناقضات.إنّ حيرة جعفر حسان السياسية ليست ضعفًا في الموقف، بل جزءًا من عقلٍ يعرف أنّ السياسة فنّ الممكن، وأنّ الممكن لا يُصاغ إلا بفكر عميقٍ بموازين القوى، وبحلمٍ لا ينطفئ بأن يظلّ الأردنّ مستقرًّا وسط عواصف المنطقة.ولعلّ هذه الحيرة هي ما يجعل منه رجلًا مختلفًا؛فمن لا يتردّد أمام الخيارات الكبرى، لا يعرف حقًا قيمة الوطن الذي يحاول أن يصونه من نفسه.حيرة من يعلم أنه لا يملك رفاهية الوقت حيرة من يسكنه قلق إيجابي يدفع به نحو العمل رغم كل الصعوباتحمى الله الأردن وقيادته الحكيمةخريسات يكتب: حيرة جعفر حسان السياسية.. بدت تحت قبة البرلمان
مدار الساعة ـ