أخبار الأردن اقتصاديات دوليات برلمانيات وفيات مجتمع وظائف للأردنيين أحزاب أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مقالات مختارة جاهات واعراس مستثمرون شهادة الموقف مناسبات جامعات بنوك وشركات خليجيات مغاربيات دين اخبار خفيفة ثقافة رياضة سياحة صحة وأسرة تكنولوجيا طقس اليوم

قواعد عسكرية أم احتلالات جديدة؟


ماهر ابو طير

قواعد عسكرية أم احتلالات جديدة؟

مدار الساعة (الغد الأردنية) ـ

توسع واشنطن في المنطقة على عكس ما كان يظن آخرون حول نيتها الانسحاب بالتدريج من المنطقة والتفرغ لملفات ثانية.

تارة يتم الكلام عن قاعدة عسكرية أميركية قرب دمشق، وتارة عن قاعدة عسكرية في غلاف غزة، في الوقت الذي نقرأ فيه عن إعادة انتشار قوات في قواعد عسكرية أميركية، وتارة نقرأ عن إعادة تقييم الموقف بشأن الوجود الأميركي في أفغانستان.

برغم أن الخارجية السورية نفت التوجه لإقامة قاعدة عسكرية أميركية قرب دمشق، إلا أن أحدا لا يعرف ما الذي سيحصل؛ لأن واشنطن تريد الآن السيطرة على الموارد الغنية في سورية، وتريد تثبيت وجودها العسكري في وجه الروس والإيرانيين في سورية. تريد واشنطن أيضا الفوز بكل المشاريع الكبرى عبر إعادة الإعمار في سورية وربما الدخول إلى مشاريع الخصخصة، وهذا يعني أن إقامة قاعدة عسكرية قرب دمشق أمر قد يحصل في أي توقيت، في سياق إعادة التمركز في المنطقة، حالها حال بقية القواعد الأميركية.

أما القاعدة الأميركية في غلاف غزة، والتي تسرب واشنطن أنها ستكون مقرا لقيادة القوات الدولية في قطاع غزة لضمان وقف الحرب وبالتنسيق مع الإسرائيليين، فهي تستهدف أيضا تثبيت الوجود الأميركي للسيطرة لاحقا على موارد القطاع الغني بالنفط والغاز، ومن أجل بدء مخطط تحويل قطاع غزة إلى نموذج سنغافورة أو هونغ كونغ، وهذا يعني أن النية تتجه لتسليم القطاع في مرحلة ما لمطورين عقاريين لإقامة منطقة تجارية.

هذا كلام ليس سرّا، بل تحدث عنه الرئيس الأميركي مرارا، دون أي نظرة إلى الغزيين الذين يواجهون مخطط التهجير الناعم أو القسري.

الولايات المتحدة تعيد التموضع في المنطقة، ولم يبق أمامها سوى ملف إيران وجبهتي اليمن ولبنان، وحتى نصل إلى حسم ملف إيران، ستمر المنطقة بملف لبنان، وما قد يستجد على صعيد جبهته من استهدافات عسكرية توطئة للذهاب إلى إيران.

لعلكم تذكرون تصريحات الرئيس الأميركي بالعودة إلى أفغانستان وإحياء القاعدة العسكرية الأميركية، وكلها حالات تدل على نفس النتيجة في دمشق وغزة وأفغانستان، بما يعني أن تقييما لما حدث لحدود النفوذ الأميركي أدى إلى هذه التغيرات الجديدة بشأن المنطقة.

في المقابل تراهن واشنطن على أن أضعف الحلقات ستكون العراق، التي لها فيها أيضا قواعد عسكرية، وسنصل إلى مرحلة تُقيِّم فيها واشنطن قواعد عسكرية أيضا على البحر الأحمر عبر الشواطئ اليمنية إذا تمكنت من ذلك، وإذا تجاوزت واشنطن كل العراقيل.

من الواضح أن ثنائية الاقتصاد والعمل العسكري تعود إلى المنطقة بقوة، أمام صراعات واشنطن مع الصين وروسيا، مرورا بإيران، ولا يبدو أن تقديرات الأخطار تدفع واشنطن للتراجع، أمام الأزمات الاقتصادية البنيوية في الولايات المتحدة، وما نراه في أوروبا.

لقد كنا نشهد إدارة للنفوذ الأميركي مباشرة أو عبر وكلاء، لكن من الواضح أن واشنطن تريد إدارة نفوذها اليوم بشكل مباشر كامل، من خلال توسعة النفوذ العسكري بإقامة قواعد عسكرية في مناطق اقتصادية لها مواردها الثرية والغنية، وهي هنا تدير الأمن الإقليمي وفقا لحسبة أميركية إسرائيلية، بما يعني أن حماية أمن إسرائيل عامل إضافي في كل هذه التحركات المعنونة بعناوين مختلفة.

قد نكون أمام عهد أميركي جديد لإعادة التموضع في المنطقة، وهذا يعني أن سياسة الانسحاب منها قد تراجعت لصالح مخطط جديد. نحن أمام حقبة احتلالات من نوع ثانٍ، وليس مجرد إعادة تموضع.

مدار الساعة (الغد الأردنية) ـ