أخبار الأردن اقتصاديات دوليات وفيات برلمانيات أحزاب مجتمع وظائف للأردنيين أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مقالات مختارة مستثمرون شهادة الموقف مناسبات جاهات واعراس جامعات بنوك وشركات خليجيات مغاربيات دين اخبار خفيفة ثقافة رياضة سياحة صحة وأسرة تكنولوجيا طقس اليوم

الجولة الملكية.. انفتاح نحو اقتصاد المستقبل


الدكتور خالد الشقران
رئيس تحرير جريدة الرأي

الجولة الملكية.. انفتاح نحو اقتصاد المستقبل

الدكتور خالد الشقران
الدكتور خالد الشقران
رئيس تحرير جريدة الرأي
مدار الساعة (الرأي الأردنية) ـ

تشكل جولة جلالة الملك عبدالله الثاني إلى دول شرق آسيا محطة استراتيجية في مسار الانفتاح الاقتصادي الأردني، إذ تشمل اليابان وسنغافورة وفيتنام وإندونيسيا وباكستان، وهي دول تمثل قوى صاعدة في الابتكار والتصنيع والتجارة العالمية، هذه الجولة التي تأتي في توقيت مهم تعكس عمقاً وإدراكأ لضرورة تنويع الشركاء وبناء جسور اقتصادية جديدة تضمن للأردن مكانة أكثر ثباتا في الاقتصاد العالمي.

تقوم الرؤية الملكية على مبدأ توسيع الأسواق وتنويعها عبر الانفتاح على شرق آسيا، حيث تسجل هذه المنطقة أعلى معدلات النمو العالمي وتحتضن قطاعات صناعية وتقنية متقدمة، فالاقتصاد الأردني الذي يعتمد تقليديا على أسواق أوروبا والولايات المتحدة يحتاج اليوم إلى تنويع منافذه التجارية واستقطاب استثمارات نوعية، خصوصا في مجالات التكنولوجيا والطاقة المتجددة والاقتصاد الرقمي.

اللقاءات الملكية في طوكيو وهانوي أظهرت اهتماما متبادلا بتطوير التعاون في مجالات التصنيع المتطور، والاستثمار والتجارة والتدريب المهني، والامن السيبراني ونقل المعرفة، والادوية والمعدات الطبية والزراعة والاغذية بما يدعم برامج التحديث الاقتصادي التي أطلقتها الحكومة.

وفي البعد العملي، تسعى الزيارة إلى وضع الأردن على خريطة الشركات الآسيوية الكبرى كمركز إنتاجي ولوجستي يخدم أسواق الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فالموقع الجغرافي للمملكة، والبنية التحتية المتطورة في الموانئ والمناطق الحرة، يجعلان من الأردن قاعدة مثالية للشركات الباحثة عن الاستقرار والفرص في منطقة مضطربة، وقد تم توقيع اتفاقيات ومذكرات تفاهم واستثمارات مشتركة في قطاعات الطاقة والنقل والتعليم التقني يمكن أن تفتح الباب أمام تدفقات رأسمالية جديدة وخلق فرص عمل نوعية للشباب الأردني.

كما تحمل الجولة بالاضافة للتحرك الاقتصادي بعدا دبلوماسيا عميقا وسياسة خارجية متوازنة تسعى إلى بناء شراكات شرقا وغربا على أساس المصالح المشتركة، فزيارة فيتنام، وهي الأولى على هذا المستوى من جانب زعيم عربي، تمثل رغبة الأردن في التوجه نحو أسواق ناشئة تمتلك قدرات إنتاجية وتكنولوجية متنامية، في حين تعزز محطات اليابان وسنغافورة واندونيسا وباكستان من حضور الأردن في بيئات اقتصادية متقدمة تتيح فرصا لتعميق الشراكات الاقتصادية والتكامل الصناعي والابتكار.

الجولة الملكية تكتسب أيضا دلالة رمزية برسالة مفادها أن الأردن دولة قادرة على المبادرة وصياغة أدوار جديدة، ففي الوقت الذي تنشغل فيه دول كثيرة في إدارة أزماتها، يتحرك الأردن بثقة نحو بناء تحالفات إنتاجية قادرة على حماية مصالحه وتعزيز استقلاله الاقتصادي.

بيد ان استثمار نتائج هذه الجولة والبناء عليها يتطلب جهدا وطنيا متكاملا وشراكة حقيقية بين القطاعين العام والخاص، تترجم هذه الاتفاقات إلى مشاريع واقعية وإصلاحات تشريعية تسهل الاستثمار وتضمن الشفافية، فالمكاسب الحقيقية لن تتحقق إلا بقدرة المؤسسات الأردنية على تحويل الدبلوماسية الاقتصادية إلى فرص ملموسة في الصناعة، والاستثمار والتجارة والسياحة، والتكنولوجيا، والتعليم والطاقة.

في المحصلة، تفتح الجولة الملكية اليوم بوابة جديدة للأردن نحو شرق واعد، حيث تتلاقى الفرص مع الرؤية، وحيث يمكن لعمان أن تصبح نقطة التقاء بين آسيا والعالم العربي، انطلاقاً من قوة المبادرة والوعي بأهمية بناء المستقبل على أسس الشراكة والإنتاج لا الترقب والانتظار.

مدار الساعة (الرأي الأردنية) ـ