أخبار الأردن اقتصاديات دوليات وفيات برلمانيات أحزاب مجتمع وظائف للأردنيين تبليغات قضائية مقالات مقالات مختارة أسرار ومجالس الموقف مناسبات جاهات واعراس مستثمرون شهادة جامعات خليجيات مغاربيات دين بنوك وشركات اخبار خفيفة ثقافة رياضة سياحة صحة وأسرة تكنولوجيا طقس اليوم

زيادة الرواتب.. من وين؟


علاء القرالة

زيادة الرواتب.. من وين؟

مدار الساعة (الرأي الأردنية) ـ

أقدر تماما المطالبات "بزيادة رواتب" الموظفين، وأتفهم الطموح الكبير الذي يرافق البعض عند إقرار أو مناقشة أي موازنة عامة، سواء من النواب أو المحللين أو الخبراء أو حتى الموظفين أنفسهم، ولكن السؤال الذي يجب أن يتقدم على كل هذه الأمنيات، وبعيدا عن الشعبويات، يكمن في "من وين"؟ وهل تستطيع الحكومة ذلك؟.

المتابع لتفاصيل الموازنة العامة سيجد ان هامش المناورة المالي فيها ضيق للغاية، ولا يتجاوز نحو 3 مليارات دينار فقط بعد استثناء بندي الرواتب والدعم من مجموع الإيرادات، فـ"إجمالي الرواتب" يقترب من 6.3 مليار دينار، بينما يبلغ بند الدعم الحكومي حوالي 700 مليون دينار، وإذا ما طرحنا هذين الرقمين من مجموع الإيرادات البالغ نحو 10.9 مليار دينار(منها 700 مليون دينار منح خارجية)، وهنا سنجد إن ما يتبقى فعليا لا يتجاوز 3.7 مليارات دينار.

وبعد ذلك تضطر الحكومة إلى الاقتراض لتغطية باقي النفقات التي تصل لنحو 13 مليار دينار، وهذه"المعادلة البسيطة" بالأرقام تكشف بوضوح "محدودية قدرة" الحكومة على تلبية مطالب كزيادة الرواتب دون أن تتوسع بالاقتراض أوتمس أولويات أخرى لا تقل أهمية.

وفق مشروع قانون الموازنة العامة 2026، بلغت الإيرادات العامة 10.9 مليار دينار، منها 10.19 مليار دينار إيرادات محلية، و735 مليون دينار منح خارجية وتغطي الإيرادات المحلية ما نسبته 89% من النفقات الجارية، فيما انخفض العجز بعد المنح إلى نحو 2.125 مليار دينار، بصافي العجز لجميع الوحدات الحكومية671 مليون ديناروأما النفقات الجارية فقدرت بـ 11.456 مليار دينار، بزيادة 5.1% عن عام 2025، والنفقات الرأسمالية 1.6 مليار دينار.

وشملت الموازنة تخصيص 396مليون دينار لمشاريع الرؤية، و60 مليون دينار لمشروع الناقل الوطني، و35 مليون دينار للتنقيب عن غاز الريشة، إلى جانب 210 ملايين دينار لدعم وتنمية البلديات، كما خصصت الحكومة124 مليون دينار لعلاج مرضى السرطان، و171 مليون دينار لدعم الخبز والسلع الاستراتيجية، و80 مليون دينار لدعم أسطوانة الغازرفعت مخصصات الجامعات الرسمية إلى 80 مليون دينار، وصندوق دعم الطالب إلى 35 مليون دينار، وأما بند الرواتب فقد شهد زيادة واضحة، إذ ارتفعت مخصصات الجهازين المدني والعسكري وجهاز الأمن والتقاعد المدني لنحو 274 مليون دينار.

خلاصة القول، لا تكمن المشكلة في الرغبة بزيادة الرواتب، بل في القدرة على تمويل الزيادة دون الإضرار بالاستقرار المالي ودون زيادة المديونية، فالمعادلة هنا واضحة، فالموازنة محدودة، والتزامات متزايدة، والحل ليس بالإنفاق أكثر بل في تحفيز الاقتصاد وتعظيم الإيرادات ليصبح تحسين الدخل ممكنا ومستداما، لا عبئا إضافيا على الدولة ومديونية تورثها الاجيال المقبلة، والاهم ان التضخم مازال مستقرا، فلما الزيادة اذن، والاهم "من وين"؟.

مدار الساعة (الرأي الأردنية) ـ