مدار الساعة - كتب: الشيخ شهاب مضفي ابووندي - في ذكرى مولد جلالة الملك الحسين بن طلال – طيب الله ثراه – يقف الأردن، شعباً وقيادةً ومؤسّسات، أمام سيرةٍ خالدةٍ صنعت مجد وطن، ورسّخت قيم دولة، وشيّدت في الوجدان العربي نموذجاً للقائد الذي جمع بين الحزم والرحمة، وبين الفروسية والحكمة، وبين الانتماء لتراب الوطن والإيمان الصادق برسالة الأمة.
لقد جاء ميلاد الحسين، لا ليكون حدثاً عابراً في سجل الأيام، بل ليكون بداية فصلٍ من أنبل فصول التاريخ الأردني والعربي. فمنذ بواكير شبابه، حمل الأمانة بإيمان لا يتزعزع، وتسلّم الراية في أصعب الظروف وأدقّ المنعطفات، فكان حجم المسؤولية بحجم قلبه الكبير، وكان صبره بعمق محبته لأمته وشعبه.وما إن اعتلى العرش، حتى نهض بالأردن نهضةً شهد لها العالم؛ فشيّد مؤسسات الدولة الحديثة، وأرسى دعائم سيادة القانون، وبنى جيشاً وأجهزة أمنية تُعد من أكثر المؤسسات انضباطاً ومهنية. وجعل من الأردن واحة أمان وسط محيطٍ ملتهب، وقلعةً من قلاع الحكمة في زمن الانقسامات والصراعات.كان الحسين – رحمه الله – قائداً يرى أبعد مما يراه الآخرون؛ يقرأ الواقع بعين القائد، ويستشرف المستقبل بعقل رجل الدولة، ويسير بخطى الواثق رغم كل التحديات التي عصفت بالمنطقة. وفي كل ذلك، لم تغب إنسانيته، ولم تُطفئ الأحداث لينه ورقّته وقربه من الناس.كان يجلس إلى أبناء شعبه، يزور المرضى، ويواسي الثكالى، ويمدّ يده لكل محتاج. لم يكن للقصور مكانٌ في قلبه بقدر المكانة التي حظي بها الفقراء والجنود والكوادر البسيطة التي رأى فيها أساس قوة الدولة وروحها. ولهذا، بادله الأردنيون محبةً صادقة، وأحاطوه بالولاء كما يحيط الابن بأبيه، حتى صار الحسين في الوجدان الشعبي عنوان الكرامة ومثال النبل وشاهد الوفاء.وفي ذكرى مولده المبارك، يتجدّد العهد بأن تبقى مسيرته ممتدة في شخصية ابنه وقرة عينه، وسليل الدوحة الهاشمية المباركة، جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين حفظه الله. فهو الامتداد الطبيعي لمدرسة الحسين، يسير على خطاه، ويحمل ذات الرسالة، ويقف على ذات الثوابت التي آمن بها الحسين وبنى عليها نهضة الوطن.إن ذكرى ميلاد الحسين ليست استذكاراً لسيرةٍ مضت، بل هي مناسبة لاستحضار قيم متجددة؛ قيم الإخلاص والصدق والعدل والتواضع، تلك القيم التي صنع بها الحسين دولةً راسخة، وتركها إرثاً وطنياً تُجمع عليه الأجيال جيلاً بعد جيل.لقد عاش الحسين كبيراً، ورحل كبيراً، وبقي كبيراً…بقي رمزاً للأردن، وقلادة فخر على صدر كل عربي، وصوتاً صادقاً لم يُغيَّب صدى كلماته، وصورةً لا تزال معلّقة في القلوب قبل الجدران.وفي هذه الذكرى الخالدة، يرفع الأردنيون أكفّ الدعاء أن يتغمّده الله بواسع رحمته، ويُسكنه فسيح جناته، جزاء ما قدّم لوطنه وأمته من عملٍ وخيرٍ وبذلٍ لا ينقطع.رحم الله الحسين الباني، وجعل ذكراه نوراً لا يخبو، وعهداً لا يُنسى، ومسيرةً تتواصل تحت راية الهاشميين المظفرة، بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني وسمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، حفظهما الله ورعاهما.ابو وندي يكتب: ذكرى ميلاد الحسين بن طلال.. إرثٌ خالد متواصل تحت راية الهاشميين
مدار الساعة ـ











