منذ ثمانية أسابيع والمساعدات الإغاثية الأردنية متوقفة، ولا يتم السماح بوصولها إلى غزة في إجراء إسرائيلي انتقامي من الأردن.
منع تدفق المساعدات متواصل منذ شهرين، وإسرائيل تتذرع بعملية معبر الكرامة، وهي مجرد ذريعة استغلتها إسرائيل من أجل معاقبة الأردنيين والفلسطينيين على حد سواء، لأن جزءا من هذه المساعدات هو من تبرعات الأردنيين، وهو موجه إلى الفلسطينيين في قطاع غزة، وهذا المنع ما يزال متواصلا، برغم حدوث اتفاق تم توقيعه في مصر، لإعادة الأسرى الإسرائيليين، وبدء تدفق المساعدات من دول العالم، بما في ذلك دول جوار فلسطين المحتلة. المؤسسات الأردنية التي تعمل في مجال الإغاثة تواجه مشكلة، إذ إن مخازنها تفيض بالمساعدات، كما أن المؤسسات الدولية وتحديدا الأونروا أعلنت مرارا أن مستودعاتها في الأردن ومصر تفيض بالمساعدات وقادرة على إيصال مساعدات لأكثر من ربع مليون شخص من أبناء غزة، وهناك جزء من المعونات مرتبط بالشتاء من ملابس ومعاطف وأغطية وغير ذلك، مما يعمق الأزمة ويؤثر في طريقه أيضا الدول التي ترسل مساعدات إلى الأردن من أجل إيصالها، فالعملية تمس قطاعا دوليا واسعا، وليس مجرد قطاع محلي. هذه المحنة الإنسانية بحاجة إلى تحرك دولي، ولا نعرف أين هي العواصم الغربية الغائبة التي تبيعنا في أوروبا وأميركا الشعارات حول حقوق الإنسان، لكنها تتفرج على كارثة تتفاقم في قطاع غزة، خصوصا مع دخول فصل الشتاء، وقد رأينا كيفية معاناة الغزيين خلال المنخفض الجوي الأخير، حيث انهارت حياة الناس من الجوع والبرد والمطر، في مشهد لا نراه في أي مكان آخر في العالم.الأردن بإمكانه معالجة هذا الملف من خلال بناء موقف إقليمي ودولي بشأن المساعدات المكدسة، التي لا تصل إلى الغزيين، ويكفي أن نؤشر هنا إلى اتفاق وقف الحرب في مصر، الذي يفرض عودة المساعدات وليس ابتزاز أهل القطاع بها، بشكل علني، وكأن الإنفاق كان مجرد وسيلة لاستعادة الأسرى وهو أمر حذر منه خبراء في كل مكان، وقد وقع فعليا بما يجعلنا نسأل أيضا عن الأطراف التي لعبت دور الوسيط فيه، والأطراف التي ضمنته، ودفعت لتوقيعه؟الكلفة هنا موزعة على أطراف دولية وإقليمية، وقد كان الأردن جسرا مهما جدا للغزيين، لكن إغلاق هذه النافذة وإن جاء انتقاميا من حادثة معبر الكرامة، إلا أن الأيام أثبتت أن منع تدفق المساعدات يأتي في سياق أوسع يرتبط بالتنكيل بأهل القطاع بكل الوسائل، وليس أدل على ذلك من أن تجفيف المساعدات تواصل بعد توقيع الاتفاق في مصر، بل لربما اشتد التنكيل والمساعدات أكثر بعد الاتفاق.الأردن أيضا بيده أوراق مهمة يمكن توظيفها لفك المنع الإسرائيلي، ودون الخوض في تفاصيلها فإن فتح المعابر لمساعدات الأردن يجب ألا يتأخر، خصوصا في ظل المأساة التي يعيشها الغزيون حاليا.الغزيون يواجهون تعذيبا لم يعشه أي شعب آخر، فيما العالم الحر والمتنور يتفرج على شعب يموت تحت المطر، بما يفرض اليوم تحركا لفتح كل بوابات المساعدات المتاحة عالميا وإقليميا وعربيا، حتى لا يصير موت الناس بسبب البرد أو الجوع مجرد خبر عابر.إلى متى عرقلة مساعدات الأردن؟
مدار الساعة (الغد الأردنية) ـ