تأتي دعوة سمو ولي العهد الامين الأمير الحسين بن عبدالله الثاني حفظه الله ، إلى توثيق قصة الأردن بوصفها خطوة تتجاوز حدود العناية بالماضي، لتتحول إلى مشروع وطني لبناء الوعي الجمعي وترسيخ الهوية في مرحلة تتكاثر فيها تحديات المنطقة وتتسارع فيها تحولات السرديات السياسية. فالأمم لا تُقاس فقط بقوتها المادية، بل بقدرتها على حماية ذاكرتها وصياغة روايتها الخاصة، والرواية الأردنية ما تزال تحمل الكثير مما يجب أن يُقال ويُكتب.
الأردن، بتاريخ حضارات تعاقبت على أرضه ودولة حديثة شقّت طريقها بثبات وسط أزمات محيطة، يمتلك مخزونًا هائلًا من التجارب السياسية والاجتماعية التي شكّلت شخصيته الوطنية. غير أن هذا الإرث ظل في كثير من الأحيان حبيس الذاكرة الشفوية أو وثائق متناثرة لم تتحول بعد إلى سرد وطني شامل يعكس حقيقة الدور الأردني في استقرار المنطقة، وفي حماية القدس، وفي بناء نموذج دولة يحفظ التوازن بين الأصالة والتحديث.ومن هنا تبرز أهمية مبادرة ولي العهد، لأنها لا تتعامل مع التاريخ كأرشيف، بل كـ أداة لبناء المستقبل. فكتابة الرواية الوطنية ليست فعلًا ثقافيًا فقط، وإنما مشروع سياسي–اجتماعي يعيد ترتيب العلاقة بين المواطن ودولته عبر فهم أعمق للكيفية التي تشكّلت بها الدولة الأردنية، وللقيم التي بنتها عبر مئة عام .كما أن توثيق الذاكرة المحلية—من الطفيلة والكرك والسلط وإربد والبادية—يشكل جزءًا أساسيًا من بناء هوية وطنية تعترف بتعدد روافد الشخصية الأردنية ولا تنصهر في مركزية واحدة. فالأردن في جوهره مشروع وحدة اجتماعية وثقافية، وتثبيت هذا المعنى يحتاج إلى استعادة تفاصيل الناس، وحكايات المناطق، ورصد التحولات التي صنعت المجتمع والدولة.في عالم باتت فيه المنافسة على السرديات أشد من المنافسة على الموارد، تصبح حماية القصة الوطنية واجبًا استراتيجيًا. فالدولة التي تملك روايتها تملك حقها في الوعي العام، وفي تفسير موقعها الإقليمي، وفي تبرير خياراتها السياسية أمام الأجيال القادمة. والرواية الأردنية، حين تُكتب بعمق ومسؤولية، قادرة على تقديم صورة دقيقة عن دولة صغيرة بحجم الجغرافيا، كبيرة بتأثيرها ووزنها السياسي.إن مبادرة سمو ولي العهد هي بداية مسار طويل لإعادة تقديم الأردن كما هو: وطنٌ حافظ على توازنه في منطقة مضطربة، وبنى دولته على قيم الاعتدال والإنسانية، وصاغ عبر قيادته الهاشمية تجربة عربية فريدة تضع الإنسان في قلب مشروع الدولة.هذه ليست مجرد دعوة لتوثيق الماضي، بل نداء لإعادة اكتشاف الذات الوطنية، وترسيخ هوية قادرة على حماية الأردن في الحاضر، وصناعة دوره في المستقبل. حمى الله الأردنفريحات يكتب: مبادرة ولي العهد.. توثيق قصة وتاريخ الأردن وترسيخ هوية الدولة
العقيد المتقاعد رائد فريحات
خبير أمني
فريحات يكتب: مبادرة ولي العهد.. توثيق قصة وتاريخ الأردن وترسيخ هوية الدولة
العقيد المتقاعد رائد فريحات
خبير أمني
خبير أمني
مدار الساعة ـ