أخبار الأردن اقتصاديات دوليات برلمانيات وفيات أحزاب مجتمع وظائف للأردنيين مقالات مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية الموقف مناسبات جاهات واعراس مستثمرون شهادة جامعات دين بنوك وشركات خليجيات مغاربيات ثقافة رياضة اخبار خفيفة سياحة صحة وأسرة تكنولوجيا طقس اليوم

العتوم يكتب: الحرب لها ميدان معروف


د. حسام العتوم

العتوم يكتب: الحرب لها ميدان معروف

مدار الساعة ـ

و أقصد هنا الأوكرانية شيوعا وسط حروب و أزمات العالم حاليا . و الضربات الأوكرانية و الصاروخية غربية الصنع ، و التوجيه اللوجستي وسط العمق الروسي المدني ، و التي طالت مدنا حدودية مثل بيلغاراد ، و روسوش ، ومدينة فارونيج القريبة من موسكو ، و العاصمة موسكو نفسها عن غير دراية ربما ، أو عن غباء ، ونعرف بأن الجيش الروسي الذي يمثل الاتحاد الروسي العملاق قادر على التصدي ، وعلى الرد العسكري أكثر قوة ، و هو الذي يجري الان هناك بعد ثلاث سنوات و أكثر على اندلاع العملية العسكرية الروسية الخاصة الدفاعية التحريرية بتاريخ 24 / شباط / 2022 ، ومنذ انقلاب ( كييف ) عام 2014 .

و روسيا ، و الحقيقة يجب أن تقال هنا ، لم تدخل الحرب الأوكرانية إلا بعد ثماني سنوات على تحركها بصورة شعبية ،و فقط بعد تحرك صناديق الاقتراع في (القرم ) و في الدونباس ( لوغانسك ، و دونيتسك ) الروسية الأصل ، و عندما نودي شعبيا من قبل شرق و جنوب أوكرانيا لأسنادهم ، وهم من رغبوا بالأنضمام لروسيا و رفضوا النظام الأوكراني الجديد علنا و علاقته المشبوهة ليس مع الغرب ( الاتحاد الأوروبي ) و إنما مع حلف ( الناتو ) المعادي لروسيا ، و الرافض منذ عام 2000 ردم الحرب الباردة و سباق التسلح بعد دعوة روسيا – بوتين له وقتها . و الحرب هذه لا يجوز أن تطال المدنيين من الطرفيين المتحاربين الأوكراني و الروسي . و روسيا كما أكتب دائما ، أكرر بأنها ليست إسرائيل ، فهي لا تستهدف رموز النظام الأوكراني و لا الشعب الأوكراني الشقيق ،و إنما التيار البنديري الأوكراني المتطرف القادمة جذوره من أتون الحرب العالمية الثانية ، و تحديدا من وسط جناحه الهتلري العامل وقتها تحت مظلة جدهم بانديرا .

أوكرانيا ( كييف ) مطالبة بأن تتفهم و تتقبل وضعها السيادي الطبيعي في التاريخ العميق و المعاصر ، فلقد دخلت الاتحاد السوفيتي عام 1922 من دون امتلاك ( القرم و الدونباس – لوغانسك و دونيتسك ) ،و تم الحاقهما بها بعد الاستقلال عام 1991 . و لما أن نظام أوكرانيا الجديد حينها قرر التوجه للغرب ، تجاه ( الناتو ) ، وبعد إيذاء الروس و الأوكران شرقي و جنوبي أوكرانيا الذين تعرضوا للقتل و التشريد ، تقرر في موسكو و بشكل قيادي جماعي تحريك العملية العسكرية الروسية الخاصة ، و بقرار شجاع تقدمه الرئيس فلاديمير بوتين ، و حقق نتائجا على الأرض ، فوق الطاولة الرملية العسكرية بحجم استعادة و تحرير 5000 كم و قرابة 300 قرية في العمق الأوكراني السابق .

تحرص روسيا على ترجمة القانون الدولي فوق أرض المعركة ،و فوق طاولة السلام ، وهي قادرة على تقديم تفسيرات قانونية مقبولة قابلة للتطبيق ، و هي الطرف المتضرر كما غرب أوكرانيا ، و لم تبدأ الحرب بالمقارنة مع ( كييف ) ، و حركت اتفاقية إنهيار الاتحاد السوفيتي التي تمنع الدول المستقلة من الخروج عن الحياد ، و ارتكزت على مادة ميثاق الأمم المتحدة رقم 571 التي تسمح لها بالدفاع عن سيادتها ، بينما يعتقد النظام الأوكراني بأن سيادة بلاده أوكرانيا تعرضت للخطر ، و لا بد هنا من مسك العصا من الوسط ،و الوصول لحلول يقبل بها الطرفان المتحاربان مع رفع الغرب الأمريكي يده بالكامل عن الحرب . و خطة أمريكية – روسية – أوكرانية جديدة تنادي بضرورة الوصول لحلول الوسط بقبول الطرفين و بتنازلات قد تكون قاسية ، لكن الجانب الروسي لا يقبل بإقل من السيادة العادلة ، و على الجانب الأوكراني الغربي قبول سلام الأمر الواقع بعد ظهور قيادة شرعية لديه قادرة على توقيع السلام مع روسيا . وعلى الغرب رفع يده بالكامل عن الحرب .

الروس ( مسكلاي ) ، و الأوكران ( خخلي ) يعيشون معا داخل روسيا ، و في الجوار الأوكراني غربا و شرقا ، و بينهما حسب و نسب ، و علاقات اجتماعية متينة ، و تيار داخل روسيا و أوكرانيا غير مقتنع بالحرب ، و يرفض أن تكون بين الأخوة . و لو لم تدير ( كييف ) ظهرها لموسكو ، و لو لم تلحق الضرر باللغة الروسية في أوكرانيا ، و بروابط العلاقات الدينية الأرثوذكسية و زعامتها في موسكو ، و لو لم تتطاول على الإنسان الروسي ، و على ممتلكاته مثل جسر القرم ، ولو انتهجت سلوك الدول المستقلة الأخرى ، لما حدثت الحرب ، و لبقي السلام ماكثا بينهما حتى الساعة .

حديثا و بتاريخ 20 نوفمبر 2025 ، صرح المفكر الروسي الكبير ألكسندر دوغين بأن الاقتراح الأمريكي الأخير بالتعاون مع روسيا و غرب أوكرانيا لتحقيق السلام وسط الحرب الأوكرانية و لايقاف الحرب ، هدفه إضاعة الوقت ، و إعاقة تقدم الجيش الروسي في ميدان المعركة . و تعليقي هنا ، هو بأن الجانب الروسي وسط العملية الروسية العسكرية الخاصة عازم على تحقيق الاهداف التي رسمتها العملية للسيطرة على المطلوب من الأراضي الأوكرانية لحماية السيادة الروسية التي من أجلها تحارب روسيا . و يعتقد الجانب الأوكراني بقيادة فلاديمير زيلينسكي و عبر تصريح له جديد من أنقرة ، بأن نظامه محتاج للحصول على أسلحة لحماية سيادة أوكرانيا . ووسط مثل هكذا زوبعة سياسية و عسكرية تستمر الحرب التي يراد لها أن لا تنتهي فعلا ، وكما جاء عنوان كتابي ( مشهد من الحرب التي يراد لها أن لا تنتهي ) .

تستمر روسيا في قيادة توجه عالم متعدد الأقطاب ، و تتأمل أن تنخرط الولايات المتحدة قائدة احادية القطب فيه ، لكي يتوازن العالم في شرقه و غربه ، و ليصبح أداء القانون الدولي مختلفا و يركز على العدالة الدولية . و الأمم المتحدة تأسست بعد الحرب العالمية الثانية عام 1945 بجهد الاتحاد السوفيتي ، و الولايات المتحدة الأمريكية لكي لا يندفع العالم كلما وقعت أزمة عالمية أو حرب بين بلدين تجاه حرب ثالثة مدمرة للحضارات و البشرية . و السلام الذي تبحث عنه البشرية يعني التنمية الشاملة ،و الأستثمار في الموارد البشرية ، و استغلال المصادر الطبيعية لصالح الإنسان و رفعته .

والدرس الذي يمكن أن نستقيه من الحرب الأوكرانية وكل ماله علاقة بأزمتها الكونية ، هو ضرورة فهم مصطلح السيادة ، و عدم تفسيره على أهواء خارج الحدود . و الهوية الوطنية لكل شعب ، هي قومية أيضا ، و الأصل أن لا تنحرف تجاه التطرف بهدف صناعة حروب جديدة متجددة .و لاتوجد حرب لم تنتهي إلى سلام ، ولا حياة للإنسان خارج الكرة الأرضية ،وكما قال لي مؤخرا في موسكو رائد الفضاء المنغولي قيراقا جوقيرديمبر علينا أن نحافظ على الأرض التي رأيتها وحيدة في الفضاء و مشعة .

مدار الساعة ـ