أخبار الأردن اقتصاديات دوليات برلمانيات وفيات أحزاب مجتمع وظائف للأردنيين مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات الموقف مناسبات جاهات واعراس مستثمرون شهادة جامعات دين بنوك وشركات خليجيات مغاربيات ثقافة رياضة اخبار خفيفة سياحة صحة وأسرة تكنولوجيا طقس اليوم

بضع دقائق من الجحيم': تاريخ الجراحة المرعب قبل اكتشاف التخدير والتعقيم

مدار الساعة,أخبار الصحة والأسرة
مدار الساعة ـ
حجم الخط

مدار الساعة -قبل زمن البثّ المنزلي ومنصّات المشاهدة، كان العالم يجد متعته في مكان آخر تماما وهو غرف العمليات، قد يبدو الأمر اليوم ضربا من الخيال، لكن قبل قرون كانت الجراحة عرضا حيا يتقاطر إليه الناس كما يتقاطرون اليوم إلى صالات السينما، جمهور يدفع المال، أطباء يواجهون المرضى أمام المدرّجات، وعمليات تُجرى على أجساد واعية… مشاهد أقرب إلى عروض الرعب منها إلى إجراءات طبية.

في بدايات القرن السادس عشر، بدأت التشريحات العلنية تتحول إلى شكل من أشكال الترفيه الشعبي، كانت القاعات تُضاء بالشموع، وتعزف الموسيقى، بينما يُلقي الأطباء محاضراتهم فوق جثث تم شراؤها خصيصا لهذا الغرض، ومع مرور الزمن، تطورت الفكرة من التشريح إلى الجراحة الحية، ليصبح المشهد أكثر إثارة، وأكثر قسوة.

بحلول القرن الثامن عشر، ازدحمت مدرّجات مرتفعة بطلاب طب وأثرياء يبحثون عن "أفضل مقعد" لمشاهدة العمليات التي تُجرى على مرضى لا يخضعون لأي تخدير، أحد أبرز نجوم تلك المرحلة كان الجراح الأسكتلندي روبرت ليستون، المعروف بلقب "أسرع سكين في ويست إند"، والذي كان يُمسك شفرة بين أسنانه ليزيد من وقع اللحظة، كان الزمن معيار الكفاءة الوحيد، فيما يُقدَّم للمرضى الكحول أو ضربة سريعة على الرأس كوسيلة بدائية لتخفيف الألم، لكن صرخاتهم كانت تتردد في القاعات بلا هوادة، وفقا لـ History Snob.

ومع دخول القرن التاسع عشر، تحوّلت هذه المسارح إلى جزء من منظومة التعليم الطبي، وإلى وجهة جماهيرية أيضا، فقد بُنيت أول غرفة عمليات مسرحية في الولايات المتحدة عام 1804 بمدرجات تتسع لمئات المتفرجين، وشهدت مدن مثل فيلادلفيا ازدهارا لهذا النوع من القاعات، أشهرها ما عُرف باسم "الحفرة" في كلية جيفرسون الطبية.

غير أنّ اكتشاف التخدير في أربعينات القرن التاسع عشر غيّر طبيعة العرض، فقد اختفت صرخات الألم، وأصبح الجمهور يراقب العمليات بهدوء أكبر، وفي سبعينات وثمانينات نفس القرن، بلغت المسارح الجراحية ذروة انتشارها، حتى أن بعض المستشفيات أعادت تصميم مبانيها لتوفير رؤية أفضل للمتفرجين الأثرياء، في مشهد أقرب إلى صالات كبار الشخصيات اليوم.

لكن تحت وهج الإقبال الشعبي، كانت تكمن مشكلة قاتلة تتمثل في معدلات إصابة ووفاة مرتفعة وصلت إلى 50% بسبب غياب التعقيم، فقد كان الأطباء يعملون بملابس الشارع، والأدوات لا تُطهّر، والجمهور يُدخل معه كل أنواع الجراثيم.

انتهى هذا الفصل مع ترسيخ نظريات الجراثيم في أواخر القرن التاسع عشر وتشديد شروط التعقيم، لتتحول المسارح الصاخبة إلى غرف عمليات مغلقة ومعقمة كما نعرفها اليوم، ورغم أن الدراما الطبية لا تزال حاضرة في التلفزيون والواقع الافتراضي، إلا أن التاريخ أثبت أن بعض العروض، لحسن الحظ، لا يجب أن تكون مفتوحة للجمهور.


مدار الساعة ـ