على قاعدة تقديم مشروعٍ وطنيٍّ قائم على الإنتاج والعمل، وبخارطة إصلاحية واضحة المعالم وقابلة للتحقيق، ينهض حزب مسار برؤيته الملتزمة بالشراكة بين القطاعين العام والخاص، وبتقديم نموذج سياسي ذي بعد عروبي صلب، جوهره القضية الفلسطينية باعتبارها قضية العرب المركزية، وترتكز رؤيته على الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس بما تمثله من شرعية دينية وتاريخية وسياسية.
وقد شكّل الحزب انطلاقته من فلسفة الريادة والعمل والبرامج، متسلحًا بالشباب والمرأة والمفكرين والتربويين والخبرات المهنية في مختلف القطاعات، فكان بذلك وفياً لوعده في السير على خارطة الإصلاح السياسي كما صاغتها لجنة الأجندة الوطنية، بل زادها ألقًا عبر طموحه ومثابرته للمشاركة في الحياة السياسية والاقتصادية، مستندًا إلى قيم الحرية وحقوق الإنسان ضمن فهم دقيق لمعادلة الحقوق والواجبات.والديمقراطية – في جوهرها – ليست كلمة مجردة ولا صنمًا يُعبد كما يروّج البعض؛ فالجميع يدّعيها ويعتبر نموذجه هو التعبير الأصدق عنها. غير أنها، في حقيقتها، وسيلة لضمان الحرية الثقافية والروحية والسياسية والاجتماعية. وكل ما لا يحقق تلك الغايات لا يمكن أن يسمى ديمقراطية، مهما كان مظهره أو شكله.والنظم الديمقراطية تقوم أولًا على مبدأ التعددية السياسية، ضمن نظريات التمثيل الشعبي المعروفة في المدرستين الليبرالية والشمولية وما بينهما من صيغ، لكن الحقيقة الثابتة أن الديمقراطية هي حكم الشعب لنفسه، وبالشكل الذي يقرره وفق ظروف الدولة وثقافتها ومصالحها، وعبر تدرج مدروس لا يقفز فوق الواقع ولا يتجاهله.وإذا كان الحكم في الديمقراطية للشعب، فمن الخطأ اختزال المفهوم بالنموذج الأميركي أو الفرنسي أو غيرهما من النماذج الغربية؛ إذ من حقنا أن نصوغ ديمقراطيتنا التي تلائم هويتنا الوطنية وواقعنا الاجتماعي والسياسي، وتكون مصدر قوة للفرد والمجتمع في آن واحد.الديمقراطية منهج للتغيير… وليست مجرد صندوق انتخابلأن الديمقراطية منهج حقيقي للتغيير، فإنها الطريق الأقدر على إبقاء النظام السياسي متماسكًا، وقادرًا على استيعاب المستجدات، ودافعًا للعطاء الدائم. وليس الانتخاب وحده هو معيار الديمقراطية، فاختيار ممثلين للبرلمان مع خضوع الأقلية للأغلبية لا يكفي إن لم يكن هناك احترام عميق لحرية الرأي والتعبير والمساواة في الحقوق المدنية والسياسية بين المواطنين كافة، باختلاف أعراقهم ومذاهبهم وانتماءاتهم.فالديمقراطية الحقيقية هي أن يجلس الشعب فعلاً على كرسي السلطة عبر مؤسساته المنتخبة، وأن يملك أدوات الرقابة والمحاسبة. وما عدا ذلك لا يعدو كونه وهماً أو محاكاة شكلية.وما نريده هو ديمقراطية تُجسِّد العدالة وتكافؤ الفرص والمساواة، وتنبذ كل أشكال العنصرية والإقليمية والفئوية. ديمقراطية تُعلي شأن المؤسسات، وتمنح السلطة النيابية دورها الحقيقي، وتسمح بتجدد النخب وتداول المواقع وفق معيار الكفاءة والقدرة على تمثيل مصالح الشعب، وتعمل تحت مظلة العرش الهاشمي الضامن للاستقرار، ومع احترام دور الجيش العربي المصطفوي والأجهزة الأمنية الساهرة على أمن الوطن.نحو نظرية تغيير أردنية… لا مستوردةرغم تعدد النماذج السياسية في العالم الليبرالي، فإن الكثير منها لا يحقق الديمقراطية بمعناها الحقيقي، لأنه يخدم مصالح الطبقات الأقوى اقتصاديًا، كما يتضح في الولايات المتحدة وأوروبا حيث تُشكّل البرلمانات في كثير من الأحيان امتدادًا لمصالح الرأسماليين والكارتلات الضخمة.وقد أثبتت الأزمات المتلاحقة – من أزمة العقارات العالمية، إلى أزمة الأسواق المالية، إلى جائحة كورونا – محدودية قدرة الأنظمة الرأسمالية على الاستمرار دون أزمات بنيوية تضرب عمودها الفقري. وهو ما يدفع الدول النامية إلى إعادة التفكير في نماذج بديلة أكثر عدالة واستدامة.ومن هنا تنبع الحاجة إلى صياغة نموذج ديمقراطي أردني خاص، يقوم على نظرية تغيير واضحة، لأن التغيير الحقيقي لا يتم بلا رؤية ومنهج ومفكرين وقادة رأي. والتغيير الجذري لا يطال جانبًا واحدًا، بل يشمل كل الجوانب الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، لينقل المجتمع نحو هيكل جديد ينسجم مع الحرية الحقيقية ويحقق الإشباع والعدالة.الفكر الملكي… نحو عولمة أكثر إنسانيةوتبرز في هذا السياق السمة الرئيسة في فكر جلالة الملك عبدالله الثاني، حين دعا إلى إعادة ضبط العولمة و أنسنة النظام العالمي ليصبح أكثر تكاملًا ومنعة وإنصافًا. ففكر الملك قائم على احترام الإنسان وقيمه الدينية والثقافية والتراثية، وهو بذلك يطرح رؤية ديمقراطية إنسانية قادرة على تشكيل شبكة أمان عالمية، وبرنامجًا يستثمر في قدرات الفرد والمجتمع، ويعيد الاعتبار للقواعد الطبيعية للعلاقات الإنسانية.إن هذا الفكر يشكّل ركيزة مهمة لبناء نموذج أردني ديمقراطي أصيل، يعكس هوية الدولة ويعبر عن قيم المجتمع، ويستجيب لطموحات شعب واعٍ يتطلع إلى الحرية والتنمية والاستقرار .ابو زيد يكتب: الحرية ونظرية التغيير الديمقراطي… نحو نموذج أردني أصيل في فكر حزب مسار
زيد أبو زيد
أمين سر المكتب السياسي لحزب مسار
ابو زيد يكتب: الحرية ونظرية التغيير الديمقراطي… نحو نموذج أردني أصيل في فكر حزب مسار
زيد أبو زيد
أمين سر المكتب السياسي لحزب مسار
أمين سر المكتب السياسي لحزب مسار
مدار الساعة ـ