تُظهر المعلومات الجديدة الواردة من مصادر «الشرق الأوسط» حول مناقشات داخل حركة حماس بشأن إمكانية التحول إلى حزب سياسي،و باتت هذه النقاشات تفرض نفسها على واقع الحركة وعلى النظام السياسي الفلسطيني برمّته
وكان من النقاشات التي تطرح إمكانات تحول حماس إلى حزب سياسي في ضوء التجارب المقارنة.النموذج التركي (حزب العدالة والتنمية) باعتباره مثالاً على الانتقال من الحركة ذات المرجعية الإسلامية إلى حزب سياسي قادر على إدارة الحكم.ادراج الإدارة الأمريكية لجماعه الاخوان المسلمين لمنظمة إرهابية وجميع من يتعامل معها تحديات إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية وضرورة مشاركة جميع الفصائل ضمن صيغة وطنية جامعة.تأثير اتفاق شرم الشيخ ووقف إطلاق النار على بنية الحركة وتوازنات قوتها.تآكل الحاضنة الشعبية في غزة وسيناريوهات ما بعد الحرب.التحولات الدولية والإقليمية التي تربط بين الإعمار والاستقرار السياسي.واليوم، تبدو هذه التحليلات مترابطة أكثر من أي وقت مضى، بعد أن بدأت مصادر داخل حماس تتحدث عن مراجعة داخلية شاملة تتضمن خيارات سياسية جديدة.من اقوها أن المقترح من الداخل تشير المصادر إلى أن قيادات من حماس داخل غزة وخارجها قدّمت ورقة سياسية تتضمن لأول مرة مقترحاً واضحاً للتحول إلى حزب سياسي، يوازي تجارب أحزاب إسلامية وطنية أخرى، ويعيد تعريف دور الحركة في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.هذا الطرح يعيد إلى الواجهة ما تناوله تحليلي السابق حول ضرورة توسيع أدوات التأثير السياسي لدى الحركة، وعدم الاكتفاء بأدوات القوة العسكرية التي استنزفت غزة وفقدت جزءاً من التأييد الشعبي خلال الحرب الطويلة.ثانياً: النموذج التركي… التحول عبر “قوننة” الدور السياسيفي التحليلات السابقة، تناولنا تجربة العدالة والتنمية التركي كإحدى النماذج القادرة على تقديم دروس مهمة لـ حماس.إذ نجح الحزب التركي في:الانتقال من إطار الحركة ذات الجذور الإسلامية إلى مشروع سياسي وطني،تطوير خطابه بما يتناسب مع البيئة السياسية،واستثمار أدوات الديمقراطية والانتخابات لبناء شرعية شعبية داخل النظام.اليوم، يبدو أن بعض قيادات حماس تستعيد هذا النموذج كمصدر إلهام، وإن كانت البيئة الفلسطينية تختلف جذرياً.فالمقارنة هنا ليست في النتائج، بل في القدرة على التكيّف مع لحظة التحول.. المشاركة في منظمة التحرير… قراءه على أن إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية هو محور أي عملية سياسية مستقبلية.الورقة الجديدة داخل حماس تتوافق تماماً مع هذا الاتجاه من خلال الدعوة إلى:مصالحة فلسطينية شاملة،إعادة هيكلة المنظمة،الانخراط فيها ضمن صيغة توافق وطني.هذا التوجّه يتسق مع ما أكدناه بأن أي تحول لحماس إلى فاعل سياسي شرعي لا يمكن أن يتم خارج إطار منظمة التحرير.سلاح المقاومة… بين الثابت الوطني والتكيّف السياسيالمقاومة المسلحة،والعمل السياسي،وترتيبات ما بعد الحرب.اليوم، تُظهر النقاشات داخل حماس أن الحركة مستعدة لبحث ملف سلاحها ضمن اتفاق وطني فلسطيني حصري، بعيداً عن الضغوط الإسرائيلية أو فرض الترتيبات بالقوة الدولية.وهذا يعكس ما سبق أن أعلنته الحركه بعد توقيع اتفاق إطلاق النار أن التحول السياسي لا يعني بالضرورة نزع السلاح فوراً، بل إعادة تعريف وظيفته ضمن مشروع وطني جامع.. بيئة إقليمية جديدة… وارتباط الأمن بالتنمية تغيرات البيئة الإقليمية بعد حرب غزة، وتحديداً:ربط الولايات المتحدة والوسطاء الإقليميين بين الإعمار والاستقرار السياسي،تصاعد الحديث عن ترتيبات تفصل غزة عن الضفة،الاشتراطات الدولية بشأن شكل الحكم والإدارة المدنية في غزة.اليوم، يبدو أن هذه التحولات دفعت حماس إلى التفكير في موقعها في النظام السياسي المقبل، خشية استبعادها أو إضعاف دورها ضمن ترتيبات ما بعد الحرب..هل نحن أمام تحول تاريخي؟من خلال دمج المعطيات الجديدة مع التحليلات السابقه في تقديري يمكن القول إن حماس تقف اليوم عند مفترق طرق استراتيجي:إمّا التمسك ببنية الحركة المسلحة التقليدية بما يحمله ذلك من كلفة سياسية وشعبية وتنظيمية،وإمّا السير نحو مسار شبيه بما أشرنا إليه في التحليل السابق:التحول التدريجي إلى حزب سياسي يعمل ضمن النظام الفلسطيني، ويشارك في إدارة المرحلة المقبلة.هذا التحول – إن تم – سيكون أحد أكبر التحولات في تاريخ الحركة، وربما في تاريخ النظام السياسي الفلسطيني منذ اتفاق أوسلو.خاتمة: نحو إطار وطني جامع يتجاوز الانقساممن الواضح أن النقاش داخل «حماس» ليس تكتيكياً، بل جزء من مراجعة شاملة فرضتها الحرب، وتوازنات القوى الجديدة، ومتطلبات المرحلة المقبلة.لكن هذا التحول، لكي ينجح، يحتاج إلى:إطار وطني جامع،توافق فلسطيني شامل،إعادة بناء منظمة التحرير،اتفاق حول وظيفة السلاح،ورؤية فلسطينية موحدة للحكم والإعمار والمستقبل السياسي.وبذلك، تصبح النقاشات الحالية داخل حماس امتداداً طبيعياً لقبول الدول العربية هذه الحركهأن مستقبل الحركة – وربما مستقبل المشروع الوطني – سيتحدد وفق قدرة القوى الفلسطينية على الانتقال من مرحلة الانقسام والصراع إلى مرحلة الشراكة السياسية والمنظومة الوطنية الشاملة.بشارات يكتب: تحويل حركة حماس من المقاومة الى السياسة
مدار الساعة ـ