مدار الساعة - وسط زحام الوظائف التقليدية، تبرز وظيفة صادمة لا يعرف تفاصيلها كثيرون، لكنها ضرورية ولا غنى عنها، وهي تنظيف مسارح الجرائم.
وبحسب ما نقلته صحيفة "مترو"، عن لورين بيكر، المختصة البريطانية في تنظيف مشاهد الكوارث والوفيات، فقد تكشفت أسرار عالم لا يُرى عادةً خلف الأبواب المغلقة.
لورين، وهي أم لطفلين وتقيم في مقاطعة كِنت البريطانية، لم تخطط يوماً لأن تواجه الجثث والدماء بشكل يومي، فقد دخلت المجال بدافع تجربة ما يُسمى "التنظيف الحيوي"، لتكتشف لاحقاً أن الأمر يتجاوز مجرد مواد كيميائية، ويصل إلى التعاطي مع ضحايا انتحار وجرائم عنف وحالات وفاة مأساوية.
وتقول لورين إن أول مهمة أوكلت إليها كانت انتحاراً مخططاً له بعناية، حيث ترك صاحبُه رسائل تحذر من الدخول إلى الغرفة، مؤكدة أنّ هذا المشهد ظل محفوراً في ذاكرتها، ولا يزال يراود مخيلتها من حين لآخر.
بين الجرائم والانتحار والوفيات الطبيعية، يواجه المنظفون مشاهد يصعب على العقل احتمالها، وتؤكد لورين أن أسوأ ما قد يواجهه عامل التنظيف هو رائحة الموت، فهذه الرائحة، حسب وصفها، لا يمكن تشبيهها بشيء آخر.
ورغم تدريبها على تحمل المشاهد، إلا أن بعض المواقف دفعتها أحياناً للخروج للحظات لتستجمع قوتها، وفي حالات أسوأ، عادت إلى المنزل واغتسلت مرات متتالية باستخدام مطهرات قاسية، بينما بقى شعورها بوجود الرائحة عالقاً على جلدها، حتى لو كان وهمياً.
ويلقي برنامج وثائقي جديد الضوء على فرق متخصصة مثل فريق لورين، ويتابع عملهم من كِنت إلى ريدينغ وسومرست ونيوكاسل، وصولاً إلى ولايات أمريكية مثل أريزونا ولويزيانا وفلوريدا ولوس أنجليس ولاس فيغاس.
ويرى المشاهدون لأول مرة كيف يُعيد هؤلاء المنظفون الحياة إلى بيوت كانت شاهدة على مآسٍ من قتل أو إدمان أو تلوث خطير مثل حالات الفنتانيل القاتل.
في سياق متصل، أكدت لورين أنها طوّرت قدرتها على التحمل بمرور الوقت، فمشاهد الدماء والرائحة الكريهة كانت في البداية تتسبب لها بالغثيان، لكنها مع الخبرة صارت تملك "معدة قوية".
ومع ذلك، تعترف بأن هناك ما يفاجئها دوماً، مثل الحشرات والقوارض التي قد تقتحم مسرح الجريمة فجأة، ورغم أن عملها قد يؤثر على حياتها الخاصة أحياناً، إذ يذكرها شريكها بألا تتحدث عن الجثث وقت العشاء، إلا أنها ترى أن رسالتها أعمق بكثير من كونها مجرد عملية تنظيف.
