في ظل ما يمر به الأردن من تحديات اقتصادية واجتماعية، تصبح آليات العمل الحكومي محور نقاش دائم، ومن بينها الزيارات الميدانية التي يقوم بها رئيس الوزراء والفريق الوزراي إلى محافظات المملكة ومناطقها المختلفة.
هذه الزيارات، التي قد تبدو للبعض شكلية أو استعراضية، تستحق قراءة موضوعية تتجاوز الانطباعات السريعة إلى التقييم العادل المبني على الوقائع والتجارب.
أولًا: الجولات الميدانية أداة رقابية يجب عدم الاستخفاف بها
فعندما ينزل المسؤول إلى الميدان، فهو لا يقطع مسافة جغرافية فقط، بل يختصر مسافة البيروقراطية ويصل إلى المواطن وجهًا لوجه. هذه الجولات تتيح الفرصة للاستماع المباشر لمطالب الناس، بعيدًا عن التقارير الرسمية المجملة أو المكاتب المكيفة. وكثيرًا ما صدرت توجيهات فورية على هامش هذه الزيارات، عالجت قضايا مزمنة لم تكن لتُحل لولا الحضور الشخصي للمسؤول الأول.
ثانيًا: مفهوم الإنجاز يجب إعادة تعريفه
ففي الوعي العام، ارتبط "الإنجاز" غالبًا بالمشاريع العملاقة أو الحملات الإعلامية الكبرى، بينما يتم تجاهل أهمية "التحسينات الصغرى" التي تلامس حياة الناس مباشرة. فهل تأهيل مدرسة نائية، أو تحسين خدمة طبية في مركز صحي، أو حتى محاسبة موظف مهمل لا يُعد إنجازًا؟ هذه الإجراءات، وإن بدت بسيطة، تُحدث أثرًا فعليًا على المواطن وتؤسس لثقافة إدارية أكثر فاعلية وإنصافًا.
ثالثًا: الأداء لا يُقاس بالظهور الإعلامي
ليس كل وزير نشط إعلاميًا يعني أنه منتج، وليس كل وزير لا يظهر على الشاشات يعني أنه غائب عن دوره. الحكم على الكفاءة يجب أن يستند إلى النتائج العملية، لا إلى الضجيج الإعلامي. فهناك من يعمل بصمت ويترك أثرًا واضحًا، وهناك من يكثر الحديث دون أثر ملموس.
رابعًا: أهمية الخطاب النقدي المتوازن
النقد البناء هو أساس تطور أي حكومة ومجتمع، لكن حين يتحول النقد إلى تعميم سلبي أو تقليل من جهود قائمة، فإننا نبتعد عن المهنية ونقترب من الإثارة. من المهم أن تظل الصحافة حرة ومسؤولة في آن، وأن توازن بين دورها الرقابي وواجبها في إنصاف الجهود المخلصة فالأردن لا يحتاج إلى التصفيق الأعمى، ولا إلى جلد الذات المستمر، بل إلى وعي جمعي يفرق بين النقد الهادف والتشكيك الهدام. كما يحتاج إلى تضافر جهود جميع الأطراف: الحكومة، الإعلام، المجتمع المدني، والمواطن، لبناء نموذج إداري يعزز الثقة ويكرّس ثقافة الإنجاز الحقيقي، لا الإنجاز المتخيَّل أو المُنتظر

الشوملي تكتب: الزيارات الميدانية الحكومية تختصر مسافة البيروقراطية
سوسن خلف الشوملي
مدربة دولية وناشطة اجتماعية
الشوملي تكتب: الزيارات الميدانية الحكومية تختصر مسافة البيروقراطية

سوسن خلف الشوملي
مدربة دولية وناشطة اجتماعية
مدربة دولية وناشطة اجتماعية
مدار الساعة ـ