مدار الساعة - كتب: عبدالهادي راجي المجالي -ضربت قطر اليوم..يا ترى كيف يعمل مطبخ الحكم القطري الآن..؟
أظن أن تكذيب القطريين للناطقة باسم البيت الأبيض مباشرة وبعد تصريحها بأنه تم تبليغ قطر بالضربة، يعد جرأة دبلوماسية عالية.. واجزم يمثل تحديا للأمريكان.. والسؤال هذه الدولة الصغيرة ماذا ستجرؤ أن تفعل أمام ترامب وإسرائيل؟في قطر يوجد مطبخ حقيقي لإنتاج القرار، قطر استوردت الوعي والعقل العربي ووظفته في خدمتها، هي من تسيدت الصورة والفكرة عبر الجزيرة واستطاعت غزو كل منزل عربي، حين فرضت رواية الفقراء والمضطهدين في عالمنا العربي.. الجزيرة مثلت الحالة التي يريدها المواطن العربي البسيط، وليس الإعلام الذي تريد السلطة أن تراه.. حسناً نعود للسؤال ماذا ستفعل هذه الدولة الصغيرة.. ؟بعد أسبوعين من الآن، وتذكروا معي ستتجه قطر للصين فوراً.. وربما ستحصل على منظومات دفاع جوي متطورة جداً، حتى المخازن العسكرية الروسية ستفتح لها.. وليس لديها مشكلة بجلب المارد الصيني للمنطقة، ليس لدى قطر مشكلة بإجراء تفاهمات مع روسيا حول الغاز.. وليس لدى قطر مشكلة أيضا بإعادة إنتاج طالبان.. في عهد بايدن، كانت قطر هي المخرج الذي خلص الأمريكان من وطأة البقاء في أفغانستان، هي من أحضرت قادة طالبان، وهي من حفظت وجه الأمريكان وضمنت لهم خروجاً آمناً.. قطر كانت أيضاً وسيطاً ولعبت دوراً مهماً في تخفيف وطأة التوتر في العلاقة الإيرانية الأمريكية، هي أيضا من لعبت الدور المهم في الوساطة مع ( ح م ا س ) وإخراج الرهائن من غزة.. الأزمة ليست بين إسرائيل وقطر هي بين الأمريكان الذين تعرّى دورهم وبين دول الخليج العربي عامة، وقطر بالتحديد.. وأظن أن ما حدث كان طعنة أمريكية، وخيانة ستعيد فيما بعد ترتيب كامل الأوراق في العلاقة الخليجية الأمريكية.قطر مازالت هي الدولة التي تشرف على تأهيل طالبان في الإدارة والسياسة والتنمية، وطالبان هي مارد له امتداداته في المنطقة، ومازالوا ينظرون لقطر بصفتها مرجعاً ومنفذاً.. ماذا بشأن هذا الملف؟ ماذا بشأن هذه الحركة التي هزمت الأمريكان وأخرجتهم عنوة.. ماذا مثلا إذا قررت صناديق الاستثمار القطرية نقل كامل الأموال الموجودة في الولايات المتحدة إلى أوروبا.. ماذا مثلا إذا قررت قطر تحييد استعمالات قاعدة (العيديد) أو تحويلها للاستخدام المدني.. لم تعد قوة الدول مرتبطة، بالحجم أو البشر ولكنها ترتبط بقوة الحضور في المحافل الدولية وبالاقتصاد، وأظن أن اتفاقية الاستثمارات التي حصل عليها ترامب والبالغة (2) ترليون دولار في زيارته الأخيرة، قد أصبحت في مهب الريح.. .القطريون تلقوا طعنة، وأظن أن مطبخهم السياسي سيعيد تحويل البوصلة.. وربما ستكون آسيا ممثلة بالصين وجهة قطر الدفاعية والسياسية القادمة.حين قال الأمريكان إنهم أخبروا قطر بالعملية، هم أرادوا من هذا الأمر.. أن يرسلوا للقطريين رسالة مفادها أنهم استطاعوا الحفاظ على حياة قادة حماس.القطريون مباشرة قاموا بتكذيبهم لسبب بسيط وهو: أن أمن وحماية قادة حماس يقع ضمن مسؤولية الاستخبارات القطرية ومايسمى هناك بقوات النخبة أو (لخويا).. والقطريون كانوا ربما يدركون أن هجوماً قادماً، وربما لم يعرفوا موعده ولكن ترتيباتهم الأمنية، أفشلت المنظومة الاستخبارية الإسرائيلية.. لهذا إسرائيل مباشرة سربت أخباراً تفيد أن الموساد لم يشارك بالعملية، وهذا التسريب هو مجرد حفظ لماء الوجه.. لكن الحقائق كلها تؤكد أن منظومة التضليل التي اعتمدتها الاستخبارات القطرية هي من حمت قادة حماس وليس الاتصال الأمريكي، ولا دقة الإصابات الإسرائيلية.. هذه حقيقة غفل عنها الإعلام، وحقيقة دامغة تؤكد أن إسرائيل فشلت في عمليتها.. قطر لن تسمح بأن تكون أرضها هي الجبهة الثامنة، ولكن راقبوا حركة السياسة القطرية قريباً، ستدركون أن قوة الدول لا تقاس بالحجم أبداً.. كلنا مع قطرهكذا يعمل مطبخ القرار القطري الآن..؟..

مدار الساعة ـ