أخبار الأردن اقتصاديات دوليات وفيات برلمانيات وظائف للأردنيين مجتمع أحزاب أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مقالات مختارة مناسبات مستثمرون الموقف شهادة جاهات واعراس جامعات بنوك وشركات دين اخبار خفيفة رياضة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

النهج الاقتصادي


سلامة الدرعاوي

النهج الاقتصادي

مدار الساعة (الغد الأردنية) ـ

تقرير النصف الأول من عام 2025 للبرنامج التنفيذي لرؤية التحديث الاقتصادي 2023-2025، هو صورة مكثفة لنهج اقتصادي يحاول أن يثبت أنه قادر على التحرك في بيئة إقليمية مليئة بالتحديات.

لغة الأرقام في التقرير واضحة، لكنها تحتاج إلى تحليل أبعد من تعدادها، فهي تؤكد أن الأردن يسير اقتصاديا بخطوات محسوبة، لكنها بطيئة أحيانا ومترددة أحيانا أخرى، وهو ما يجعل الإنجاز بحاجة إلى تسريع وإلى قدرة على التحويل من خطط إلى نتائج.

في محرك الاستثمار، الرقم 9,253 طلب تسجيل على منصة الخدمات الاستثمارية الشاملة يعكس اهتماما وطلبا على البيئة الاستثمارية، لكن الرقم الأهم هو 313 شركة ومستثمرا تم التواصل معهم، إذ هنا يبدأ الاختبار الحقيقي: كيف ستحوَّل هذه الاتصالات إلى استثمارات قائمة؟

أما وجود 11 فرصة استثمارية فقط على منصة "استثمر في الأردن"، فهو مؤشر على محدودية الجهد في الترويج الخارجي مقارنة بما هو مطلوب، صحيح أن المشاركة في 25 فعالية ترويجية تعكس نشاطا لافتا، لكنها ستظل غير مكتملة إذا لم تتحول إلى تدفقات استثمارية مباشرة.

وعند الحديث عن الشراكة بين القطاعين العام والخاص، توسيع نطاق مشروع المدارس ليشمل 41 مدرسة خطوة متقدمة، تعكس إصرارا على إشراك القطاع الخاص في الحلول، لكنها تتطلب جدية في التمويل والتنفيذ حتى لا تبقى مجرد اتفاقيات مؤجلة.

أما في الصناعات عالية القيمة، فالناتج المحلي الإجمالي للقطاع الصناعي في الربع الأول بلغ 1.733 مليار دينار، وهو رقم يعكس قوة أساسية للقطاع الصناعي، لكنه أيضا يضع أمامنا سؤالا عن كيفية رفع مساهمة الصناعة في النمو الكلي.

واختيار 46 شركة صناعية لبرامج ضمان ائتمان الصادرات، وإعفاء مخلفات الأنسجة من الرسوم، هي إجراءات إيجابية، لكنها تبقى في إطار الدعم الجزئي، بينما المطلوب هو تحفيز إنتاج صناعي واسع يرفع تنافسية الاقتصاد الأردني.

القطاع الزراعي والأمن الغذائي قدّم إشارات مهمة، فالمخزون الإستراتيجي من القمح بلغ 10.9 شهر ومن الشعير 8.8 شهر، وهي أرقام تبعث على الاطمئنان في بلد يعاني من شح المياه وضعف الإنتاج المحلي، في حين أن قيمة القروض الزراعية وصلت إلى 40 مليون دينار، منها 25.95 % ذهبت للنساء، وهذا يعكس بعدا اجتماعيا إيجابيا.

في قطاع التعدين، توقيع اتفاقيات للتنقيب عن النحاس في أبو خشيبة وضانا، والعناصر النادرة في دبيديب، والليثيوم في البحر الميت، والفوسفات في الريشة، يعكس إدراكا لأهمية استغلال الثروات الوطنية، ولكن كل هذه المشاريع ما زالت في طور الدراسات والاتفاقيات، وهنا يظهر التحدي: الاقتصاد بحاجة إلى تسريع تحويل هذه المشاريع من حبر على ورق إلى إنتاج فعلي يرفع الناتج المحلي ويوفر فرص عمل.

وفي النقل والخدمات اللوجستية، نسب الإنجاز واضحة: 75 % لمشروع التنبؤ بالنقل، 25 % لمشروع محطة جسر الملك حسين، ومسح 15 ألف كيلومتر من الطرق.

التقرير من جهة يعرض جهدا حقيقيا وأرقاما تعكس عملا واضحا في مجالات الاستثمار والصناعة، والزراعة والتعدين والنقل، ومن جهة أخرى، هناك بطء في التحويل إلى نتائج ملموسة يشعر بها المواطن والمستثمر على حد سواء.

ومن هنا لا بد من الدعوة إلى إدراك أن النجاح لا يُقاس بعدد المشاريع المدرجة أو العقود الموقعة، وإنما بقدرة هذه المشاريع على إحداث أثر اقتصادي واجتماعي حقيقي.

مدار الساعة (الغد الأردنية) ـ